فورين بوليسي: داعش.. تنظيم ضعيف وهش لكنه منتشر ومستمر

ربما خسر التنظيم خلافته لكنه أبعد ما يكون عن الهزيمة

فورين بوليسي: داعش.. تنظيم ضعيف وهش لكنه منتشر ومستمر

ترجمات-السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن قتل زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، الخميس الماضي، لن يحدث فرقًا كبيرًا بالتنظيم المنتشر في سوريا والعراق وأفغانستان.

وأشارت المجلة -في تقرير بموقعها الإلكتروني- إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أعقاب العملية العسكرية التي أسفرت عن قتل القرشي في مدينة إدلب السورية، التي أعلن فيها أن نجاح العملية أظهر أن القوات الأمريكية يمكن أن تنهي التهديدات الإرهابية في أي مكان في العالم.

 

ضربة استراتيجية

 

وقالت "فورين بوليسي": بايدن تجنب بشكل واضح، القول إن قتل القرشي سيشكل ضربة استراتيجية للتنظيم، وهو الإغفال الذي رأت أنه جدير بالملاحظة، ويمثل فهم إدارة بايدن الواضح للوضع غير المستقر للصراع ضد داعش.

وأضافت أن قتل القرشي نكسة كبيرة لداعش، لكن التحدي الذي يواجه التنظيم الآن هو إيجاد بديل له، يحافظ على استمراريته مع مؤسسي الحركة، بمن فيهم أبو مصعب الزرقاوي، الذي أسس تنظيم القاعدة في العراق، عام 2004، وأبو بكر البغدادي، الزعيم السابق للتنظيم الذي لقى حتفه في عملية أمريكية عام 2019، فقد كان القرشي صديقاً مقرباً للزرقاوي والبغدادي، لكن قتل معظم أفراد هذا الجيل المؤسس، يثير مشكلات خطيرة في القيادة المستقبلية للحركة وتوجيهها.

وتابعت: "لن يؤدي موت القرشي لعرقلة عمليات التنظيم المترامية الأطراف، التي تمتد عبر العديد من الأماكن في جميع أنحاء العالم، إذ تحوّل داعش، الذي يتمتع بقدر متزايد من المرونة، من خلافة مركزية إلى تمرد لامركزي، لكنه مع ذلك يظل يتمتع بالمرونة نفسها، ولذا فإنه من غير المرجح أن تحدث وفاة القرشي فرقاً كبيراً في هذا التمرد المنتشر والقاتل، في سوريا والعراق وأفغانستان وخارجها".

 

هزيمة داعش

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه بالنظر إلى التجارب السابقة، فإن قتل القرشي سيكون له تأثير تكتيكي في التنظيم أكثر من تأثيره الاستراتيجي، فعلى سبيل المثال، بعد هزيمة خلافة داعش عام 2019 وقتل زعيمها البغدادي، في غارة أمريكية في العام نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل فوات الأوان: "تمت هزيمة داعش" وأن القوات الأمريكية في سوريا والعراق ستعود إلى الوطن، لكن لم تُنجز المهمة في دمشق ولا بغداد، كما لم يُهزم التنظيم.

وأضافت: "قبل وقت طويل من خسارة الخلافة في العراق وسوريا عامي 2017 و2019، كان التنظيم يخطط بشكل مسبق من خلال إرسال مقاتلين ​​إلى الجبال والصحاري وغيرها من المناطق الآمنة في العراق وسوريا، كما أرسِل أعضاء التنظيم أيضاً إلى أفغانستان وليبيا وأجزاء أخرى من إفريقيا لإنشاء قواعد ولتوسيع العمليات".

ولفتت المجلة إلى أنه نتيجة لهذا التخطيط المسبق، تمكن داعش من الحفاظ على نفسه، بعد فقدان الخلافة في سوريا والعراق، ومع تمتعه بنحو 10 آلاف مقاتل نشط ومتطرف، ما زالوا على استعداد للتضحية بأرواحهم من أجل قضية التنظيم، فإن داعش لديه القدرة وقوة الإرادة لمواصلة صراع طويل الأمد، كما أن المقاتلين من المستوى المتوسط، ​​لديهم استقلالية للعمل والتصرف من دون الحصول على إذن السلطة الأعلى منهم.

 

هروب سجناء

وقالت "فورين بوليسي": في السنوات الثلاث الماضية، نفذ تنظيم داعش آلاف هجمات الكر والفر المميتة في العراق وسوريا وأماكن أخرى، ما أسفر عن قتل المئات من قوات الأمن والزعماء المحليين ووجهاء القرى، كما فرض سلطته وسيطرته على المجتمعات السُّنية الريفية، كما أنه قبل أيام من الغارة التي قُتل فيها القرشي، شن التنظيم هجوماً معقداً ومنسقاً للغاية على سجن في مدينة الحسكة شمالي شرق سوريا، كان يضم أكثر من 3 آلاف من أعضاء التنظيم المشتبه بهم ونحو 700 صبي من مقاتليه.

ونقلت المجلة عن مسؤول أمريكي كبير، تحدث بشرط عدم كشف هويته، قوله: "الهدف المحتمل للعملية التي تم شنها على السجن، تحرير بعض قادة التنظيم الكبار، أو من ذوي المستوى المتوسط ​​والمقاتلين ذوي المهارات المحددة، مثل مصنعي القنابل"، وقدَّر المسؤول أن نحو 200 سجين تمكنوا من الهرب من السجن، وأن هؤلاء المقاتلين الـ200 سيضيفون المزيد من الوقود والقوة إلى تمرد التنطيم، المنتشر في سوريا والعراق والدول المجاورة.

وتابعت: "ومع ذلك، فإن داعش لا يمثل تهديداً استراتيجياً، لكنه تنظيم ضعيف وهش، إذ إنه لم يعد يسيطر على مناطق كبيرة وليس منتشراً في كل مكان، ولم يخسر الخلافة فحسب، بل فقد أيضاً كبار المقاتلين والمسؤولين الذين عززوا أراضيه وأبقوا السكان تحت السيطرة، ويقتصر التنظيم على المخابئ الموجودة في الريف والجبال والصحاري التي يشن منها هجماته".

 

رأب الصدع

ووفقاً للمجلة، رغم الضعف الحالي للتنظيم، فإن استمراره في العراق وسوريا، يُظهر الحاجة الملحة لمعالجة المظالم المشروعة، من خلال رأب الصدع والمصالحة وإعادة إعمار الدولتين العراقية والسورية، على أساس سيادة القانون والمواطنة ومشاركة الجميع.

ورأت المجلة أن الطريقة الأكثر فاعلية، لمنع عودة ظهور داعش، تعتمد على قدرة المجتمعات العربية والإسلامية، جنباً إلى جنب مع القوى الإقليمية والعظمى، على العمل نحو التوصل لحل سياسي للعنف الطائفي وبدء مشاريع بناء الدولة القائمة على الشفافية والشرعية، مشيرة إلى أن الصراع المدني والعنف بمناطق الصراع، في سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال وأفغانستان وغرب إفريقيا وأماكن أخرى، المكونات الرئيسة لبقاء التنظيم والجماعات المماثلة.

ونهاية التقرير، قالت "فورين بوليسي": يمكن للمجتمع الدولي أن يحرم مثل هذه الجماعات من العوامل المساعدة في بقائها، من خلال إنهاء النزاعات الإقليمية القديمة، مؤكدة أن وضع نهاية دائمة لداعش والجماعات المماثلة، يحتاج إلى عمل أكبر بكثير من مجرد قتل زعيمها.