تفاصيل محاولة اغتيال قيس سعيد... هل كشَّرت النهضة عن أنيابها؟
محاولة اغتيال الرئيس التونسي، ليست الأولى، إذ كشفت الرئاسة التونسية في يناير الماضي، عن وجود مخطط لاغتيال الرئيس عن طريق ظرف مسموم

السياق
«هناك محاولات لاغتيالي وإن مت سأكون شهيدًا»، تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيد، لم تمر عليها ساعات، حتى أعلنت السُّلطات التونسية، إحباط مخطط «إرهابي» كان يستهدف الرئيس.
وقالت وسائل إعلام تونسية، إن أجهزة الأمن أحبطت مخططًا إرهابيًا كان يستهدف الرئيس قيس سعيد، مشيرة إلى أن «أحد الذئاب المنفردة، كان سينفِّذ العملية في مدينة ساحلية، وهو رهن التحقيق».
وبينما أكدت وسائل الإعلام، أن الإرهابي خطَّط لاغتيال الرئيس قيس سعيد، قالت مصادر أمنية محلية، إن «الإرهابي الذي اعتقله الأمن التونسي مساء الأحد، تونسي الجنسية، تلقى تدريبًا في ليبيا.
تسلل من ليبيا
وأوضحت المصادر، أن التحقيقات الأولية تفيد بأن الإرهابي، الذي تسلل بداية أغسطس الجاري، عبر الحدود البرية، ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، مشيرة إلى أنه ضبطت بحوزته شهادة علمية مزورة، من إحدى الجامعات الوهمية في تركيا.
وبينما لم يرد مزيد من التفاصيل للمحاولة الإرهابية، فضلًا عن عدم صدور بيان من الرئاسة التونسية، يكشف كواليس الواقعة، قالت تقارير، إن الأمن التونسي تمكن، منذ بداية أغسطس الجاري، من تفكيك أربع خلايا إرهابية توصف بالنائمة، تنشط في جهتي الساحل التونسي (محافظات سوسة والمنستير والمهدية) والجنوب الشرقي على الحدود التونسية الليبية.
ليست الأولى
محاولة اغتيال الرئيس التونسي، ليست الأولى، إذ كشفت الرئاسة التونسية في يناير الماضي، عن وجود مخطط لاغتيال الرئيس عن طريق «ظرف مسموم»، علَّق عليها الأخير، قائلًا: «مَنْ يريد الحوار لا يذهب للخارج سِرًا للبحث عن إزالة رئيس الجمهورية، بأي شكل من الأشكال، حتى بالاغتيال».
وأدت محاولة اغتيال الرئيس التونسي السابقة، إلى دخول مديرة الديوان الرئاسي في تونس نادية عكاشة المستشفى، نتيجة فتحها ظرفًا موجَّهًا للرئاسة، يحتوي على مادة سامة.
وكان الرئيس سعيد، انتقد في مقطع بثته الرئاسة التونسية، قبل يومين عبر «فيسبوك»، مَنْ اتهمهم بـ«الكذب والتعرُّض لأعراض غيرهم، والادِّعاء بأن مرجعيتهم الإسلام»، في إشارة إلى حركة النهضة، متسائلًا «أين هم من الإسلام ومن مقاصده؟ كيف يتعرَّضون لأعراض النساء والرجال ويكذبون (..) الكذب لديهم أصبح من أدوات السياسة».
ووجَّه الرئيس التونسي، رسالة، قال فيها: «أقول لهم أعرف ما تدبِّرون (..) أنا لا أخاف إلا الله رب العالمين، ورغم محاولاتهم اليائسة التي تصل إلى التفكير في الاغتيال والقتل والدماء، سأنتقل شهيدًا إن مت اليوم أو غدًا، إلى الضفة الأخرى من الوجود، عند أعدل العادلين».
وتعهد قيس سعيد، بأنه لا عودة للخلف، أو التراجع عن القرارات التي اتخذها، قائلًا: «ليتأكد المواطنون أنه لا عودة إلى الوراء، ولن يعود التاريخ إلى ما كان عليه، ولن نتراجع عما عاهدنا الله والشعب عليه»، متهمًا بعض الأطراف داخل الدولة بالتآمر، مشدِّدا على أنهم سيتلقون جزاءهم بالقانون، وسيقع التصدّي لهم.
وبينما كشف الرئيس التونسي، عن نيته إعلان حكومة جديدة خلال الأيام المقبلة، أكد أن القانون يتيح للرئاسة، اتخاذ إجراءات للحفاظ على الدولة التونسية لا الحكومة.
النهضة تتحدَّث
وبعد ساعات من تصريحات الرئيس التونسي، دعت حركة النهضة التونسية، إلى التحقيق في ما قيل إنها محاولة اغتيال الرئيس قيس سعيد، وإطلاع التونسيين على نتائج التحقيق.
وقال المتحدِّث باسم حركة النهضة، فتحي العيادي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الحركة منشغلة بتصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد عن المؤامرات والتخطيط لاغتياله، داعية النيابة العمومية إلى التحقيق في الموضوع وإنارة الرأي العام، باعتبار أنها ملفات تستهدف أمن البلاد وأمن رئيس الجمهورية.
وتعليقًا على تصريح الرئيس سعيد عن «خارطة الطريق»، أكد العيادي أن عراقة الدولة التونسية تفرض تسييرها وفقًا لوجهة عمل ورؤية للمستقبل، معتبرًا أنه من دون خارطة طريق، ومن دون حوار، لا يمكن لتونس أن تكون في وضع أفضل.
وأشار إلى أن خارطة الطريق يجب أن تنص على رفع الإجراءات الاستثنائية وعودة البرلمان وتشكيل حكومة، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
جدل متصاعد
الجدل المتصاعد بين الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة التونسية، يأتي بعد أيام من بيان للأخيرة، ناشدت فيه سعيد، رفع تجميد البرلمان التونسي، والعودة السريعة للعمل بالدستور، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.
وقالت حركة النهضة، في بيان اطلعت «السياق» حينها على نسخة منه، إنها «تطالب رئيس الجمهورية برفع التجميد عن البرلمان التونسي، والعودة السريعة للعمل بالدستور، وإنهاء حالة الخرق الجسيم، لما يمثِّله من تهديد لاستمرار تجربتنا الديمقراطية، وانتهاكٍ للحقوق والحريات، وتعدٍّ على أبسط مبادئ الجمهورية، والفصل بين السُّلطات».
قرارات استثنائية
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن قبل قرابة شهر، تجميد أعمال البرلمان شهرًا، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية، والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، وأعفى الرئيس التونسي مسؤولين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.
وقرَّر الرئيس التونسي، إعفاء الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئاسة الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة، ووكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري، ورئيس الهيئة العامة لقتلى وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، وعدد من المكلفين بمأمورية بديوان رئيس الحكومة من مهامهم.
وينتظر التونسيون بشغف، إعلان اسم رئيس الحكومة الجديدة، الذي يعد أهم منصب في تونس، معلِّقين عليه الآمال، في انتشال بلادهم من الأزمة الاقتصادية التي أثرت فيها، ودفعتهم للانتفاض والخروج إلى الشوارع، مطالبين بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان، الأمر الذي استجاب له الرئيس قيس سعيد، وأعلن القرارات التي وُصفت بـ«الاستثنائية».