احتجاجات إيران... قوات الأمن في قبضة المتظاهرين وسجال بين بايدن ورئيسي

نشب سجال بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والإيراني إبراهيم رئيسي، بعد أن تعهد الأول بتحرير إيران، مشيرًا إلى أن المحتجين الذين يعملون ضد حكومة البلاد سينجحون قريبًا في تحرير أنفسهم.

احتجاجات إيران... قوات الأمن في قبضة المتظاهرين وسجال بين بايدن ورئيسي

السياق

في تحول مثير للاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثامن على التوالي، من دون أن تخمد جذوتها، كانت الساحة الإيرانية على موعد مع تطورات مفاجئة، قد تغير وتيرة الأحداث خلال الفترة المقبلة.

فمن سجال بين الرئيسين الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن عن «تحرير إيران»، مرورًا بإطلاق القوات الإيرانية النار على حشود المحتجين، إلى مطاردة المتظاهرين لهذه القوات، بعد أن سئموا «العنف» و«القمع» المتكرر.

 

فماذا حدث؟

مع دق أجرأ ساعات صباح الخميس، كانت إيران على موعد مع تحركات احتجاجية جديدة، بالتزامن مع إحياء أربعينية أشخاص قُتلوا في حملة القمع الدامية التي تمارسها السلطات الأمنية، إلا أن قوات الشرطة فحت النار على محتجين، عمدوا إلى رشق الحجارة خلال صدامات خارج طهران.

وقال شهود عيان، إن قوات الأمن الإيرانية فتحت النار على حشود بالقرب من طهران بمناسبة إحياء أربعينية الناشطة حديث نجفي، التي يقول نشطاء إنها قُتلت بيد الشرطة في سبتمبر الماضي.

كانت حديث نجفي، وهي تيك توكر تبلغ من العمر 22 عامًا، سجلت مقطع فيديو على هاتفها أثناء سيرها إلى مظاهرة في كرج، المدينة التي تبعد قرابة 10 كيلومترات (6 أميال) غرب طهران، في 21 سبتمبر الماضي، إلا أنها قُتلت بعد ساعة من تسجيله.

وتقول في الفيديو: «آمل في غضون سنوات عندما أنظر إلى الوراء، سأكون سعيدة لأن كل شيء قد تغير إلى الأفضل»، إلا أن عائلتها قالت إنها قُتلت برصاص قوات الأمن بعد نحو ساعة.

الأسبوع الماضي، نشرت شقيقة النجفي رسالة على "إنستغرام" تدعو «جميع أصدقائنا الذين مكثوا ودعمونا خلال الأسبوعين الماضيين إلى حفل الخميس، بمناسبة انتهاء فترة الحداد التي استمرت 40 يومًا، والتي تعد حدثًا ثقافيًا مهمًا للإيرانيين»، إلا أن وزارة الاستخبارات الإيرانية طلبت منها إزالة المنشور، وحذرت الأسرة من إقامة أي مراسم حداد عامة أو دعوة أي شخص للمشاركة فيها.

 

ممارسات قمعية

وبحسب شهود العيان، فإن قوات الشرطة قطعت الطريق السريع المؤدي إلى المقبرة، في محاولة لمنع حشد أكبر من المشاركة في المراسم، التي كانت الهتافات فيها تنص على: «هذا العام هو عام الدم، السيد علي خامنئي سيُطاح».

ورغم ذلك، فإن الآلاف تمكنوا من شق طريقهم حول حواجز الطرق والالتقاء في الموقع، بينما أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حشودًا كبيرة تسير على طول طريق سريع وطرق أخرى، يهتفون «الموت للديكتاتور»، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي.

وأظهرت لقطات أخرى -على ما يبدو- قوات الأمن تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، بخلاف اشتعال صندوق وسيارات للشرطة، بينما شوهد المتظاهرون أيضًا يمزقون ويحرقون عباءة بنية اللون، يرتديها رجال الدين الشيعة.

ونشر موقع تصوير 1500، صورًا لحشود تجمعت في كرج للمشاركة في مسيرة على طريق سريع، مشيرًا إلى أن صدامات سجلت بين المحتجين والشرطة، فتحت خلالها قوات الأمن النار على المحتجين.

بينما نشر الموقع مقطع فيديو يظهر عددًا من المتظاهرين يرشقون سيارة للشرطة بالحجارة، بينما عمد آخرون لإحراق مكبات نفايات ومركز للشرطة.

 

هتافات مناهضة

ولم تكن مراسم ذكرى الأربعين في كراج وحدها، بل إن عددًا من المدن الأخرى انتفضت في وجه النظام، لاسيما أراك وسط إيران، التي هتفت فيها الحشود بهتافات «حرية»، تكريمًا لمهرشاد شهيدي، الذي قُتل خلال قمع الاحتجاجات.

وإلى أصفهان التي ستقام فيها، الجمعة، أربعينية شيرين علي زاده (36 عامًا) التي قُتلت برصاصة أطلقها عضو في الباسيج خلال تصويرها عملية قمع شمالي شرق إيران، إلا أن السلطات الإيرانية حذرت أقارب الضحايا من تنظيم مراسم الأربعين، خشية أن تتحول إلى تظاهرات.

أكثر الهتافات المناهضة للحكومة، كانت في مسيرة تكريمية لمهسا موكویی في فولادشار، في ضواحي مدينة أصفهان، بحسب موقع تصوير 1500.

 

هجوم أمني عنيف

ونقلت «بي بي سي»، الإنجليزية عن شهود عيان قولهم، إن قوات الأمن هاجمت المتظاهرين، بالبنادق والغاز المسيل للدموع والمناجل، أحدهم يعيش في منطقة وقعت فيها اشتباكات، قال: «كانوا (قوات الأمن) يطلقون الخرطوش على الناس(...) لقد طعنوا متظاهرًا بساطور بعد أن سقط على الأرض أصيب بخرطوش».

وقال شاهد آخر لـ«بي بي سي»، إن رصاصة أطلقتها قوات الأمن أصابت نافذة منزل جارهم، مضيفًا: «الناس يرددون، الموت للديكتاتور في الشارع الرئيس(...) حاولت تسجيل فيديو من النافذة، لكنهم يطلقون النار... أنا خائف، أغلقنا الستائر».

وحصلت «بي بي سي» على مقطع فيديو يظهر قوات الأمن تفتح النار في شارع، وآخر بالقرب من المقبرة، حيث سمع صوت طلق ناري، بينما قالت وكالة تسنيم للأنباء المتشددة إن أحد أعضاء قوة الباسيج شبه العسكرية قُتل طعنًا على أيدي «مثيري الشغب».

وأضافت الوكالة أن ثلاثة من ضباط الشرطة أصيبوا بجروح خطيرة في هجوم مسلح مزعوم، ونشرت شريط فيديو قالت إنه يظهر آثار الحادث، لكن التقرير قوبل بالرفض من موقع تصوير 1500.

وقال الموقع إن الضباط أطلقوا النار على المتظاهرين، مشيرًا إلى أن المحتجين لاحقوهم ورشقوا شاحنتهم بالحجارة، بينما أظهرت مقاطع فيديو أخرى أشخاصًا يرشقون الضباط بالحجارة، من خلال نوافذ السيارة المكسورة.

وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، الأربعاء، إن 277 شخصًا، بينهم 40 طفلاً و24 امرأة، قُتلوا على أيدي قوات الأمن في حملة عنيفة لقمع الاحتجاجات.

وفي تطور منفصل جنوبي شرق إيران، قُتل رجل دين في مسجد شيعي بالرصاص في مدينة زاهدان ذات الأغلبية السنية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وشهدت زاهدان أيامًا من الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين من عرق البلوش نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر الماضيين، بينما يقول نشطاء حقوق الإنسان إن 83 شخصًا على الأقل قُتلوا.

في غضون ذلك، أفادت منظمة هنجاو لحقوق الإنسان الكردية بأن قوات الأمن ألقت القبض على والد كومار داروفتات، وصبي يبلغ من العمر 16 عامًا يُزعم أن قوات الأمن أطلقت عليه النار باحتجاج في مدينة بيرانشهر شمالي شرق البلاد، نهاية الأسبوع.

وشوهد حسن دروفتات، في شريط فيديو فيروسي صُور في جنازة ابنه يوم الاثنين، وهو يقول: «أنا فخور بأن ابني استشهد من أجل الحرية، استشهد من أجل الحرية في أرضه».

وقالت «هينجاو» إن مغني راب من كرمانشاه وجهت إليه تهمة «العداء لله»، التي يعاقب عليها بالإعدام، مضيفة أن سامان ياسين شدا بأغانٍ احتجاجية باللغة الكردية، وتعرض للتعذيب منذ اعتقاله قبل ثلاثة أسابيع.

 

اعتقال الآلاف

واعتُقل ما يصل إلى 14000 شخص، خلال الاحتجاجات في إيران منذ سبتمبر الماضي، بحسب جافيد رحمن المقرر الخاص المعني بشؤون حقوق الإنسان، الذي قال إنه على مدى الأسابيع الستة الماضية، اعتُقل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، بمن في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان والطلاب والمحامون والصحفيون ونشطاء المجتمع المدني.

وأضاف رحمان في خطاب أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن «الرد العنيف بلا هوادة من قبل قوات الأمن» في البلاد أدى إلى قتل ما لا يقل عن 277 شخصًا، وهو رقم تدعمه تقارير منظمات حقوق الإنسان.

وأشار فضل الرحمن إلى قرار إيران إجراء محاكمات علنية لألف شخص اعتُقل على خلفية الاحتجاجات المستمرة، مؤكدًا أن بعض التهم يعاقب عليها بالإعدام.

وأبلغت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية -الناطقة باسم الحكومة- عن ألف متهم أو نحو ذلك في محافظة طهران بسبب مشاركتهم المزعومة في احتجاجات على مستوى البلاد.

وقال أستاذ التاريخ المشارك في كلية لندن للاقتصاد روهام ألفاندي، لشبكة سي إن إن: «هذا ليس احتجاجًا من أجل الإصلاح. هذه انتفاضة تطالب بنهاية النظام الإيراني. وهذا شيء مختلف عما رأيناه».

 

سجال بين بايدن ورئيسي

يأتي ذلك بينما نشب سجال بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والإيراني إبراهيم رئيسي، بعد أن تعهد الأول بـ«تحرير إيران»، مشيرًا إلى أن المحتجين الذين يعملون ضد حكومة البلاد سينجحون قريبًا في تحرير أنفسهم.

الرئيس الأمريكي جو بايدن قال، خلال حملة انتخابية واسعة النطاق في كاليفورنيا، إنه بينما تجمع العشرات في الخارج حاملين لافتات تدعم المحتجين الإيرانيين، أقول لهم: «لا تقلقوا، سنحرر إيران. سيحررون أنفسهم قريبًا».

لم يحدد بايدن الإجراءات الإضافية التي سيتخذها خلال التصريحات التي ألقاها في كلية ميراكوستا بالقرب من سان دييجو، بينما لم يكشف مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض مزيدًا من التفاصيل، إلا أن الولايات المتحدة كانت قالت –الأربعاء- إنها ستحاول إخراج إيران من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة المكونة من 45 عضوًا بسبب إنكار الحكومة لحقوق المرأة والقمع الوحشي للاحتجاجات.

من جانبه، رد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، على تصريحات جو بايدن عن «تحرير إيران»، قائلًا: «لقد تم تحرير إيران قبل 43 عامًا، وهي مصممة على ألا تكون أسيرة لديكم. لن نكون بقرة حلوبًا لكم». ووصف رئيسي المحتجين الذين يتظاهرون داخل البلاد بـ«قلة من المخدوعين والخائنين».