لماذا لا ترسل الولايات المتحدة قواتها إلى أوكرانيا؟
العقوبات المفروضة على روسيا والمساعدات المقدمة لأوكرانيا، جاءت من اتجاهات عدة، لكن نشر القوات على الأرض في كييف، التي ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي -الناتو-، خط أحمر تبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون غير مستعدين لتجاوزه

ترجمات - السياق
تساءلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن أسباب عدم إرسال الولايات المتحدة قواتها للدفاع عن أوكرانيا، في مواجهة الهجوم الروسي، الذي وصفته بـ"غير المبرر"، والذي دخل يومه الخامس.
وقالت الشبكة، في تقرير، إن العقوبات المفروضة على روسيا والمساعدات المقدمة لأوكرانيا، جاءت من اتجاهات عدة، لكن نشر القوات على الأرض في كييف، التي ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خط أحمر تبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون غير مستعدين لتجاوزه.
حرب عالمية
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، في تصريحات لـ "سي إن إن": "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أوضحت أن الولايات المتحدة لن تضع قواتها على الأرض"، مضيفة: "لن نعرّض القوات الأمريكية للخطر".
وتساءلت الشبكة عن العوامل التي تمنع القوات الأمريكية من دخول أوكرانيا؟ قائلة: رغم إدانة الولايات المتحدة لأعمال روسيا في كل فرصة تسنح لها، فقد بذل بايدن جهوداً كبيرة لتأكيد أن القوات الأمريكية لن تدخل أوكرانيا وتشتبك مع روسيا بشكل مباشر، لأنه، كما قال الرئيس الأمريكي لشبكة "إن بي سي نيوز": "عندما يبدأ الأمريكيون وروسيا إطلاق النار على بعضهم، فإن الوضع سيتحول إلى حرب عالمية" ولذا فإن دخول الولايات المتحدة إلى الصراع، سيؤدي إلى اندلاع حرب عالمية جديدة.
حرب مأساوية
ونقلت الشبكة عن المحلل العسكري، الجنرال الأمريكي المتقاعد مارك هيرتلنج قوله: "الهدف الأساسي من الدبلوماسية هو الحد من احتمالات الحرب، ففي حين أن الحرب الحالية، التي تتمثل في الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا، تبدو مأساوية وفوضوية ومدمرة، فإنها لا تزال نزاعاً إقليمياً".
وأضاف هيرتلنج: "إذا أرسل الناتو أو الولايات المتحدة قوات إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة الروس، فإن الديناميكية ستتحول إلى صراع متعدد الجنسيات، له تداعيات عالمية محتملة بسبب الوضع النووي للولايات المتحدة وروسيا، ولذا فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ودول أخرى، تحاول العمل على نجاح أوكرانيا وهزيمة روسيا، من خلال تقديم أنواع أخرى من الدعم".
ماذا عن القوات الأمريكية الموجودة في أوروبا؟
وأشارت الشبكة إلى أن الولايات المتحدة نشرت الآلاف من القوات، في جميع أنحاء أوروبا قبل وأثناء الغزو الروسي لأوكرانيا، كما سيتم الآن تمديد عمل أكثر من 4 آلاف جندي أمريكي في أوروبا على أساس مؤقت، وذلك على الأرجح لأسابيع أخرى، كجزء من الجهود الأمريكية لطمأنة حلفاء أوروبا الشرقية خلال الأزمة الحالية، لكن تلك القوات ليست هناك لمحاربة الروس، إذ أكد بايدن أن القوات الأمريكية مُكلفة بالدفاع عن "حلفائنا في الناتو وطمأنة هؤلاء الحلفاء في الشرق، إذ ستدافع الولايات المتحدة عن كل شبر من أراضي الناتو بكل قوتها".
هل هناك أي سيناريو ستتعامل فيه الولايات المتحدة مع روسيا بشكل مباشر؟
تقع أوكرانيا على حدود الدول الأعضاء في "الناتو" وهي بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا، وفي حال هددت روسيا إحدى هذه الدول، فإن الولايات المتحدة، إلى جانب فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وبقية دول حلف شمال الأطلسي المكونة من 30 عضواً، ستكون مطالبة بالرد بموجب المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسي، التي تنص على إمكانية استخدام موارد الحلف لحماية أي دولة عضو، والتي تم العمل بها للمرة الأولى والوحيدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، إذ انضم حلفاء "الناتو" إلى الولايات المتحدة في غزو أفغانستان.
وعما إذا كانت القوات الأمريكية ستساعد في إنشاء منطقة حظر طيران في أوكرانيا، أكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أن بلادها لن تضع الطيارين الأمريكيين في الجو لإنشاء منطقة حظر طيران في أوكرانيا، قائلة: "موقف إدارة بايدن المتمثل في إبقاء القوات الأمريكية خارج كييف، يعني أننا لن نرسل قواتنا الجوية أيضاً، لكننا سنعمل مع الأوكرانيين لمنحهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم".
ووفقاً للشبكة، فإنه بينما دعا بعض المسؤولين الأوكرانيين دول "الناتو" إلى "إغلاق الأجواء" فوق أوكرانيا، فإن إنشاء منطقة حظر طيران، سيضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي، الأمر الذي أوضح البيت الأبيض أنه غير راغب فيه.
كيف تساعد الولايات المتحدة أوكرانيا؟
لفتت الشبكة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال إنه وافق على إرسال 350 مليون دولار كمساعدات عسكرية أمريكية جديدة لأوكرانيا، مشيرة إلى أن المساعدات السابقة كانت 600 مليون دولار و250 مليون دولار، ما يجعل المبلغ الإجمالي خلال العام الماضي أكثر من مليار دولار، وفقاً لمسؤول في الإدارة.
وتابعت: "كما أعلن بلينكن أن الولايات المتحدة سترسل ما يقرب من 54 مليون دولار من المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا لمساعدة المتضررين من الغزو الروسي".
كيف عاقبت الولايات المتحدة روسيا؟
فرضت الولايات المتحدة والدول الغربية مجموعة من العقوبات على روسيا، مستهدفة قطاعاتها المصرفية والفضائية والتكنولوجية، بما في ذلك تجميد الأصول لأكبر البنوك، ووضع قيود على شركات التعدين والنقل والخدمات اللوجستية، وبذل جهد واسع النطاق لمنع الوصول إلى التكنولوجيا الحيوية للقطاعات العسكرية والصناعية الروسية الرئيسية، حسب الشبكة.
وأضافت: "كما أعلنت الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا، أنها ستفرض عقوبات مباشرة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف، فضلاً عن إعلانها طرد بعض البنوك الروسية من نظام سويفت البنكي، الذي يربط آلاف المؤسسات المالية في العالم".
ويرى هيرتلنج أن "فرض العقوبات والحصار والنفوذ الاقتصادي وبناء تحالفات ضد تصرفات بوتين، مع تزويد أوكرانيا في الوقت نفسه بالأسلحة والمساعدات الأخرى، سيمنع التصعيد والعواقب العالمية غير المقصودة".
ما هو رأي الأمريكيين؟
وفقاً لاستطلاعات الرأي، التي أجريت في المدة التي سبقت الغزو الروسي، فإن الأمريكيين يشعرون بالقلق من تدخل الولايات المتحدة في الصراع الروسي الأوكراني، وفي استطلاع جديد للرأي، يعتقد 26% فقط من الأمريكيين، أنه يجب على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً رئيساً في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بينما قال قرابة النصف، 52%، إنها يجب أن تلعب دوراً ثانوياً، بينما قال 20% إنها يجب ألا تلعب أي دور على الإطلاق، وقد أعرب ثلث الديمقراطيين (32%) و 22% من الجمهوريين عن رغبتهم في أن تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيساً، بينما رأى 32% من المستقلين أنه لا يتعين على الولايات المتحدة أن تلعب أي دور مقابل 22% من الجمهوريين و 14% من الديمقراطيين.
ماذا بعد؟
عندما سُئلت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة عن استهداف قطاع الطاقة الروسي بالعقوبات، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، قالت: "الولايات المتحدة لم تسحب أي خيار من على الطاولة"، مضيفة: "نعمل على تكثيف القرارات مع ممارسة الروس للتصعيد، ولذلك فإن هناك المزيد من القرارات في المستقبل".
وأشارت السفيرة إلى مناقشة المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، لاستهداف البنك المركزي الروسي بالعقوبات، وهي خطوة غير مسبوقة بالنسبة لاقتصاد بحجم روسيا، إلا أنها لم تذكر توقيتاً دقيقاً لإمكانية ذلك، لكنها قالت: "هذا يحدث بسرعة كبيرة جداً"، بينما قالت "سي إن إن": رغم أن عقوبات البنك المركزي لا تزال قيد المناقشة، فإنها سيكون لها تأثير أكبر من العقوبات السابقة.