بعد 172 جلسة.. السجن 12 عاما في إسرائيل لمدير سابق لمنظمة أمريكية في غزة

أوقفت إسرائيل محمد الحلبي في يونيو 2016 ووجهت إليه في أغسطس من العام نفسه تهمة اختلاس ملايين الدولارات وتحويلها لحركة حماس.

بعد 172 جلسة.. السجن 12 عاما في إسرائيل لمدير سابق لمنظمة أمريكية في غزة

السياق

قضت محكمة إسرائيلية –الثلاثاء- بالسجن 12 عامًا للمدير السابق لمنظمة وورلد فيجن الأميركية غير الحكومية في قطاع غزة، بعد إدانته باختلاس ملايين الدولارات لحساب حركة حماس.

صدر الحكم ضد محمد الحلبي (44 عامًا) من المحكمة المركزية في بئر السبع جنوبي إسرائيل بالسجن "12 عامًا مع احتساب المدة التي أمضاها فعليًا" منذ بدء المحاكمة، إذ إنه موقوف منذ ست سنوات وفقًا للحكم الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس.

أدين الحلبي في يونيو بتهمة الانتماء إلى حركة حماس التي تصنفها إسرائيل "جماعة إرهابية" وكذلك "تمويل أنشطة إرهابية" و"نقل معلومات إلى العدو" وحيازة سلاح، بحسب لائحة التهم التي حصلت "فرانس برس" على نسخة منها.

ورفض الحلبي التهم الموجهة إليه، كما ندد محاميه بما سماها "محاكمة سياسة" خصوصًا أن التدقيق الداخلي للمنظمة الأميركية أكد أنه لم يحوِّل أي أموال لحماس.

وقال محاميه ماهر حنا "إنه بريء لم يفعل شيئًا وليس هناك دليل ضده بل على العكس أثبت للمحكمة عدم تحويل أي أموال لحماس".

وأضاف حنا، الذي يعتزم تقديم استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية: "كان محمد يعوِّل على العدالة، وكان يعتقد أنها ستتحقق نهاية المطاف".

ورأى المحامي أنه لو اعترف الحلبي بالتهم الموجهة إليه لأطلق سراحه.

وبحسب المحامي فإن الحلبي "أصر على أن الحقيقة لها قيمة أيضًا وأصر عليها من أجل قيمه وقيم العمل الإنساني الدولي ولا يمكنه الاعتراف بأي شيء لم يفعله".

كما أعلن المدعي العام الإسرائيلي عزمه على استئناف الحكم.

وقال موران غايز من مكتب المدعي العام في المنطقة الجنوبية للصحفيين –الثلاثاء- عقب صدور الحكم: "هذه أفعال خطيرة للغاية... المدعى عليه يموِّل الإرهاب بملايين الشواكل وساعد في تقوية شبكة أنفاق غزة".

وأكد غايز: "طالبنا بالسجن من 16 -21 عاما وسنقرأ الحكم ونرى كيف نرد".

من جهته، وصف مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في إسرائيل والأراضي الفلسطينية عمر شاكر الحكم بأنه "إجهاض للعدالة".

ورأى شاكر أن المحاكمة التي استمرت ست سنوات واستخدام أدلة سرية فيها ما هو إلا "استهزاء بالإجراءات القانونية الواجب اتباعها، مؤكدًا أنه كان لا بد من الإفراج عنه منذ مدة طويلة".

 

مخيب للآمال

أوقفت إسرائيل محمد الحلبي في يونيو 2016 ووجهت إليه في أغسطس من العام نفسه تهمة اختلاس ملايين الدولارات وتحويلها لحركة حماس.

وظل الكثير من الأدلة ضد الحلبي طي الكتمان، وقالت السلطات الإسرائيلية "إنها ملفات أمنية سرية".

وقالت المحكمة -في حكمها الصادر الثلاثاء- إن الحلبي انضم إلى الجناح العسكري لحركة حماس عام 2004  و"زُرع في وورلد فيجن" في العام التالي.

ورأت المحكمة أن الحلبي زوَّد حماس بـ 12 طنًا من الفولاذ وغيره من المواد لبناء أنفاقها ومواقعها.

وورد في حيثيات الحكم أن هناك "مبالغ ضخمة إذا وصلت إلى منظمات إرهابية سوف تسهم في تقوية نظام الإرهاب في غزة".

عقب اعتقال الحلبي، أعلنت الحكومة الأسترالية وهي مانح رئيس لمنظمة وورلد فيجن، أنها جمَّدت تمويلها لمشاريع في قطاع غزة. ولم يجد تحقيق أجرته الحكومة الأسترالية أي دليل على اختلاس.

وأعلنت منظمة وورلد فيجن الخيرية، التي يعمل معها أكثر من أربعين ألف شخص في قرابة مئة بلد، أن برامجها تخضع "لتدقيق داخلي منتظم، وتقييم مستقل" لتجنُّب إساءة استخدام مساعداتها.

تعمل المنظمة الأميركية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وقد بدأت أنشطتها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1975.

من جانبها أدانت وزارة الخارجية لدى السلطة الفلسطينية، قرار المحكمة وعدَّته "امتداداً للظلم الذي حل به منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، من دون أي أدلة، مضيفة أن حكمًا بحق الأسير الحلبي لمدة 12 عامًا، دليل جديد على أن محاكم الاحتلال جزء لا يتجزأ من منظومته وعدوانه على الشعب الفلسطيني"، مشيرة إلى أن "172 جلسة محاكمة عُقدت للأسير الحلبي، لا تمت بصلة لأصول المحاكمات العادلة، وبعيدة عن أي قوانين".

 

ظلم وإرهاب

وفي رد فعلها على الحكم، قالت شارون مارشال من منظمة وورلد فيجين، إن الحكم "مخيِّب للآمال".

وشددت مارشال على اعتراض المنظمة على "أي شكل من أشكال الإرهاب أو الأنشطة التي تدعم الإرهاب"، لكنها أكدت أنهم "لا يرون أي دليل على هذه الأمور في هذه القضية".

وقالت في بيان: "ندعم نية محمد استئناف الحكم والعقوبة في هذه القضية، وندعو إلى إجراءات عادلة وشفافة في المحكمة العليا".

وأضافت مارشال: "سنبقى ملتزمين بتحسين حياة الأطفال المعرضين للخطر في المنطقة، ونأمل أن نتمكن من النهوض بعملنا الإنساني، في سياق تعاوننا طويل الأمد مع السلطات المعنية في فلسطين وإسرائيل".

أما عائلته فعدَّت الحكم ظالمًا، وقالت والدته أمل الحلبي: "هذا ظلم" وتساءلت: "أين دول العالم وأين حقوق الإنسان من محمد".

وأضافت الأم أنها شعرت "بانهيار عصبي وكنت أصرخ... كنا نتوقع الإفراج عنه لأنه بريء".

ولم يفاجأ خليل الحلبي والد محمد بالخبر على حد تعبيره. وقال: "نحن نعرف أن هذه المحكمة مكونة من عصابة وليسوا قضاة، النيابة والقضاة اجتمعوا على هذه المحكمة الانتقامية لمحمد وانتقموا منه".

وأضاف الأب أن محمدًا تم تهديده، وقالوا له: إذا لم تعترف بالتهم سوف ننتقم منك بأحكام عالية".

وفي تعليق على الحكم، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن مخاوف "كبيرة"، مشيرة إلى "نقص الأدلة" و"عدم الامتثال للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة".