تجدد الصراع مجددا.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟ 

بعد أسابيع من الحشد العسكري على جانبي خط المواجهة، اندلع القتال على حدود منطقة تيغراي، ما أدى إلى تحطيم هدنة استمرت خمسة أشهر بين المتمردين والحكومة، حيث اتهم كل جانب الآخر بإطلاق النار أولاً

تجدد الصراع مجددا.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟ 

ترجمات - السياق 

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية -نقلًا عن مصادر طبية- بأن غارة جوية شنتها الحكومة الإثيوبية، استهدفت روضة أطفال في منطقة تيغراي الشمالية، مؤخرًا، أسفرت عن قتل سبعة أشخاص على الأقل بينهم أطفال، في الوقت الذي انزلقت فيه المنطقة المنكوبة بالجوع في جولة جديدة من القتال.

وأوضحت الصحيفة، أن الهجوم جاء بعد يومين من القتال على الحدود الجنوبية الشرقية لتيغراي، ما أدى إلى خرق هدنة استمرت خمسة أشهر بين الحكومة والمتمردين، للسماح بوصول الإمدادات إلى المنطقة التي كانت تحت حصار عقابي تفرضه الحكومة معظم العام الماضي.

ووفقًا للأمم المتحدة، أدى النقص الحاد في الغذاء إلى تهديد نحو نصف سكان تيغراي -البالغ عددهم ستة ملايين- بمجاعة، وانخفضت إمدادات الأدوية والوقود والمال بشكل كارثي.

ترجع بداية النزاع في تيغراي إلى نوفمبر 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى المنطقة لإطاحة السلطات المحلية هناك، التي اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الإقليم، ضمن مساعيها للانقلاب على حكومة أديس أبابا.

وبعد نزاع عنيف راح ضحيته الآلاف بين قتلى ومصابين ومشردين، توصل الطرفان إلى هدنة إنسانية نهاية مارس الماضي، أتاحت استئنافًا تدريجيًا للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة التي تعيش ظروفًا أشبه بـ(المجاعة).

وعقب أسابيع، من تأكيد الجانبين استعدادهما لبدء المفاوضات، تحدثت الحكومة والمتمردون عن معارك حول الطرف الجنوبي الشرقي من تيغراي، المتاخم لمنطقتي أمهرة من الغرب وعفر من الشرق، وهذه المعارك الأولى منذ إعلان الهدنة.

عودة القتال

وحسب "نيويورك تايمز" تزايدت المخاوف من عودة القتال من جديد إلى المنطقة، بعد أن اتهم كل جانب الآخر ببدئه، خصوصًا بعد بعد أن دمرت غارة جوية، روضة أطفال في العاصمة الإقليمية ميكيلي.

وأظهرت لقطات -بثتها محطة تلفزيونية محلية- رجال الإنقاذ يرفعون بقايا روضة الأطفال بحثًا عن ناجين.

وبث تلفزيون إقليم تيغراي صورًا قاسية لأطفال وبالغين شوهت جثثهم في أعقاب الهجوم.

وقال مدير مستشفى إيدر في المدينة، كيبروم غيبريسلاسي، على "تويتر" إن طفلين من بين 4 قتلى.

وأضاف: "المزيد من الضحايا يصلون... العدد الإجمالي -حتى الآن- في مستشفانا 13".

كما تظهر في أحد المقاطع، جثة صبي صغير مشوهة، بينما لم يتضح ما إذا كانت روضة الأطفال مفتوحة عندما سقطت القنبلة أم لا.

وبحسب بعض الروايات، فإن من أصيبوا بالانفجار كانوا في ملعب خارج المبنى.

ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن فاسيكا أمديسلاسي -الجراح في مستشفى آيدر- قوله، إن زميلًا له في مستشفى ميكيلي أخبره بأنه استقبل ثلاث جثث لأم وطفلها وآخر مجهول الهوية، ما رفع العدد إجمالي القتلى إلى سبعة.

كان من الجثث التي نقلت لمستشفى آيدر غلام يبلغ من العمر قرابة عشرة أعوام وامرأتان وشاب في سن المراهقة، على حد قوله.

وأضاف لـ "رويترز:" "تمزقت جثثهم... لقد رأيت أجسادهم".

وقال الجراح إن القيود المفروضة على دخول الإمدادات الطبية تيغراي، جعلت المستشفى يعاني نقص الإمدادات الحيوية، بما في ذلك السوائل الوريدية والمضادات الحيوية ومسكنات الآلام.

ولم ترد وزيرة الصحة الإثيوبية ليا تاديسي على الفور على طلبات للتعليق على النقص.

وفي بيان صدر بعد وقت قصير من الانفجار، تعهدت الحكومة الإثيوبية بـ "اتخاذ إجراءات" ضد متمردي تيغراي، وحثت المدنيين على الابتعاد عن المواقع العسكرية.

وأكد مصدر بالمساعدات الإنسانية في ميكيلي أنه سمع دوي انفجار وإطلاق نيران مضادة للطائرات في المدينة، بينما قال محققون إن غارات جوية حكومية تسببت في قتل مدنيين.

وفي يناير الماضي، قتلت غارة بطائرة مُسيرة 56 شخصًا وأصابت 30 بينهم أطفال بمُخيم للنازحين في ديديبت، حسبما قال شهود عيان.

خطوات الحرب

- في 4 نوفمبر 2020، بدأ رئيس الوزراء أبي أحمد حملة عسكرية في منطقة تيغراي الشمالية، على أمل هزيمة جبهة تحرير شعب تيغراي، ألد أعدائه السياسيين.

- ورغم وعد أبي بشن حملة سريعة، فقد عانى الجيش الإثيوبي هزيمة كبيرة في يونيو عندما أجبر على الانسحاب من تيغراي.

- بعد ذلك، انتقل القتال إلى الجنوب، وأواخر أكتوبر استولى متمردو التيغراي على بلدتين بالقرب من العاصمة أديس أبابا، بينما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ ودعت المواطنين إلى تسليح أنفسهم.

- لكن الطائرات من دون طيار قلبت الموازين، فقد أشارت سلسلة الانتصارات -نهاية عام 2021- إلى أن الحكومة الإثيوبية كانت تستعيد موطئ قدمها في ساحة المعركة.

- كان أسطول الطائرات المقاتلة من دون طيار التي تم الحصول عليها من الحلفاء في إيران عاملاً حاسمًا في انعكاس مصير الحرب.

- وفي 24 مارس، أعلنت الحكومة الإثيوبية ما سمتها "هدنة إنسانية" مع القوات المتمردة، قائلة إنها لجأت إليها لأن آلاف الأشخاص من تيغراي -حيث لم يتم تسليم المساعدات الغذائية منذ ديسمبر- بدأوا التدفق على المناطق الحدودية طلبًا للمساعدة.

- ورغم الهدنة، لا تزال البلاد -التي تعاني أيضًا جفافًا شديدًا- تواجه اضطرابات داخلية، ووردت أنباء عن مئات من حالات القتل العِرقي في منطقة أوروميا المضطربة.

واتهم مسؤولون إثيوبيون جيش تحرير أورومو، وهو جماعة متمردة، بتنفيذ الهجمات، وتقول الجماعة إن الميليشيات الموالية لأبي نفذتهم.

وفي أغسطس، بعد أسابيع من الحشد العسكري على جانبي خط المواجهة، اندلع القتال على حدود منطقة تيغراي، ما أدى إلى تحطيم هدنة استمرت خمسة أشهر بين المتمردين والحكومة، حيث اتهم كل جانب الآخر بإطلاق النار أولاً.

ومع تداول صور للأطفال المصابين على مواقع التواصل الاجتماعي، أصدرت الحكومة بيانًا ثانيًا لوكالات الأنباء نفت فيه استهداف حي سكني.

وقالت إن سلاحها الجوي "يستهدف المواقع العسكرية فقط"، متهمة جبهة تحرير شعب تيغراي، التي تسيطر على جزء كبير من تيغراي "بإلقاء أكياس جثث مزيفة في مناطق مدنية".

ويشكل تصاعد العنف ضربة كبيرة للجهود الدولية للتوسط في الصراع الذي اندلع في نوفمبر 2020 عندما أمر رئيس الوزراء أبي أحمد بشن عملية عسكرية في تيغراي.

فظائع

منذ ذلك الحين -حسب "نيويورك تايمز"- ترافق الصراع مع تقارير عن فظائع واسعة النطاق ومعاناة المدنيين، لاسيما في تيغراي، حيث يكافح الملايين من أجل تناول الطعام.

أمام ذلك، قد يزداد الوضع سوءًا في الأسابيع المقبلة، مع توقعات من وكالة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بأن الجفاف المدمر على وشك أن يمتد إلى خامس موسم ممطر فاشل على التوالي.

ومؤخرًا اتهم رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيسلي، المتمردين بسرقة 570 ألف لتر من الوقود من منشأته في ميكيلي، التي قال إنها ضرورية لتوزيع مساعدات الإغاثة.

وقال بيسلي: "الملايين سيتضورون جوعًا إذا لم يكن لدينا الوقود لتوصيل الطعام"، وأضاف في تغريدة: "هذا مقزز وفاضح، نطالب بإعادة هذا الوقود فورًا".

وردت سلطات تيغراي –ببيان- بأنها أقرضت 600 ألف لتر من الوقود لبرنامج الغذاء العالمي، وصادرت ما هو مستحق لها.

وقال البيان ردًا على بيسلي: "حكومة تيغراي لم تسرق أي ناقلة وقود"، مضيفًا: "اختياره للكلمات المؤسف له تداعيات بعيدة المدى على العمليات الإنسانية عبر تيغراي".

ونقلت "نيويورك تايمز" عن ويليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: سواء كان الوقود مستحقًا أم لا، فإن النزاع عرَّض إمدادات الإغاثة المهمة للخطر، داعيًا جميع الأطراف إلى "منح الأولوية للمساعدة التي تمس الحاجة إليها للمدنيين على أهدافهم العسكرية والسياسية".

لكن -حسب الصحيفة- مع استئناف الحرب مرة أخرى في تيغراي، منهية خمسة أشهر من الهدوء المضطرب، بدا أن هذه النداءات لا تلقى آذانًا مصغية.

ويعتقد المحللون أن أي تصعيد للقتال سيتركز غربي تيغراي، التي سيطرت عليها الميليشيات الموالية للحكومة، في الأسابيع الأولى من الحرب عام 2020، بينما يقول أتباع تيغراي إنهم يريدون إعادة تلك الأراضي إليهم، كشرط لأي محادثات.