هل يمكن لروبوتات الدردشة أن تقوم بدور الطبيب النفسي؟
من الولايات المتحدة إلى جنوب إفريقيا، تزداد شعبية روبوتات الدردشة الخاصة بالصحة العقلية، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي مع زيادة الموارد الصحية، رغم مخاوف خبراء التكنولوجيا بشأن خصوصية البيانات وأخلاقيات الاستشارة.

السياق
زادت المخاوف وتضاعف حجم قلق كثيرين من المتخصصين، مع انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا ، فأصبحت بديلًا للبشر في كثير من المجالات، ليس فقط الخاصة بالخدمات التقليدية مثل المطاعم وخلافه، لكن في المجالات الأكثر تعلقًا بالمشاعر الإنسانية مثل الموسيقى والفن، وكذلك في الصحة النفسية والجسدية.
إلى ذلك سلطت وكالة رويترز الضوء على حادثة مشابهة في الجمعية الوطنية الأمريكية لاضطرابات الأكل، حينما صُدمت مستشارة الصحة السابقة فيها نيكول دويل، عندما حضر رئيس الجمعية في اجتماع للموظفين، لإعلان أن المجموعة ستستبدل بخط المساعدة الخاص بها برنامج محادثة آليًا.
وبعد أيام من إلغاء خط المساعدة، يوقف الروبوت -المسمى تيسا- لتقديم نصائح ضارة للذين يعانون أمراضًا عقلية.
وأشارت "رويترز" في مقال لـكيم هاريسبرغ وآدم سميث، إلى أن بحوث الجمعية الوطنية لاضطرابات الأكل (NEDA) قبل استخدام الروبوت كانت إيجابية، لكنهم الآن يحاولون فهم أين مكمن الخلل وسبب تقديمه نصائح خطيرة للمتضررين.
استبدال البشر
وقال دويل (33 عامًا) وهو واحد من خمسة عمال، تخلوا عنهم في مارس، بعد نحو عام من إطلاق برنامج "شات بوت": رغم أن "تيسا" قد تحاكي التعاطف، فإنه يختلف عن التعاطف البشري الذي يتوق إليه الأشخاص عندما يتصلون بخط المساعدة. وأضافت أنه يجب الاعتماد على التكنولوجيا لدعم العامل البشري، وليس استبداله".
ولم ترد NEDA بشكل مباشر على الأسئلة المتعلقة بفائض المستشارين، لكنها قالت في التعليقات المرسلة عبر البريد الإلكتروني، إنه لم يكن المقصود من برنامج الدردشة الآلي، أن يحل محل خط المساعدة.
ومن الولايات المتحدة إلى جنوب إفريقيا، تزداد شعبية روبوتات الدردشة الخاصة بالصحة العقلية، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي مع زيادة الموارد الصحية، رغم مخاوف خبراء التكنولوجيا بشأن خصوصية البيانات وأخلاقيات الاستشارة.
طالب الوسواس القهري
في حين أن أدوات الصحة العقلية الرقمية موجودة منذ أكثر من عقد، يوجد الآن أكثر من 40 روبوت محادثة للصحة العقلية على مستوى العالم، وفقًا للمجلة الدولية للمعلومات الطبية.
وتستشهد "رويترز" بـ"جوناه"، طالب الأنثروبولوجيا المقيم في نيويورك، الذي لجأ إلى عشرات الأدوية النفسية وخطوط المساعدة المختلفة، لمساعدته في التعامل مع اضطراب الوسواس القهري (OCD) على مر السنين.
وهو الآن يضيف "شات جي بي تي" إلى قائمة خدمات الدعم الخاصة به، كمكمل لاستشاراته الأسبوعية مع المعالج.
كان جونا قد فكر في التحدث إلى آلة، قبل إطلاق "شات جي بي تي"، لأنه حسب اعتقاده : "هناك متنفّس عبر الإنترنت".
ورغم أن الشاب (22 عامًا) يقدم "نصيحة غير متخصصة"، فإنه يرى أنها مفيدة، خاصة إذ كنت في ضع حرج تريد سماع نصيحة بدلاً من القلق والتوتر".
مليار مكتئب
جمعت الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الصحة العقلية 1.6 مليار دولار من رأس المال الاستثماري، من ديسمبر 2020، عندما سلط فيروس كورونا الضوء على الصحة العقلية، وفقًا لشركة البيانات PitchBook.
وقال يوهان ستاين، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤسس AIforBusiness.net ، وهي شركة استشارية للتعليم والإدارة في مجال الذكاء الاصطناعي: "لقد تم تسليط الضوء بشكل أكبر على الحاجة إلى المساعدة الطبية عن بعد بسبب جائحة كورونا".
منظمة الصحة العالمية ذكرت أن مليار شخص في العالم كانوا يعيشون مع القلق والاكتئاب قبل الوباء، وأن 82 في المئة منهم في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ورأت أن التكلفة عائق رئيس عن الوصول إلى علاج الصحة النفسية.
ويحذر الباحثون من أنه في حين أن القدرة على تحمل تكاليف العلاج بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون مغرية، يجب أن تكون شركات التكنولوجيا حذرة من الفوارق في الرعاية الصحية.
مخاوف الخصوصية
وفي بحث نُشر مايو 2022، وجدت "مؤسسة موزيلا "أن رغم تزايد شعبية روبوتات المحادثة لدعم الصحة العقلية في العالم، لا تزال مخاوف الخصوصية تشكل خطرًا كبيرًا على المستخدمين.
وذكرت أنه بين 32 تطبيقًا للصحة العقلية، مثل Talkspace و Woebot و Calm، تم تحليلها بالتكنولوجيا غير الربحية، وُضعت علامة على 28 تطبيقًا "لمخاوف قوية بشأن إدارة بيانات المستخدم" ، وفشل 25 في تلبية معايير الأمان مثل طلب كلمات مرور قوية.
وشبه الباحث في موزيلا، ميشا ريكوف التطبيقات الخاصة بالصحة النفسية، بأنها "معدات لامتصاص البيانات تحت قناع مساعد للصحة النفسية".