بسبب الحرب... تحذيرات أممية من كارثة بيولوجية قد تضرب السودان
المرفق يحتوي على عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال، ما يشكّل خطرًا بيولوجيًا هائلًا

السياق
في الحرب لا تأتي المصائب فرادى، وأي كارثة مهما بلغ حجمها تكون متوقعة، بما فيها البيئية والبيولوجية، وفي ذلك حذرت منظمة الصحة العالمية –الثلاثاء- من "خطر بيولوجي" مرتفع في السودان، بعد سيطرة مقاتلين على مختبر وطني، في ظل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال ممثل المنظمة الأممية في السودان، نعمة سعيد عابد، في اتصال عبر تقنية الفيديو: "تلقيت اتصالًا هاتفيًا من رئيس المختبر المركزي للصحة العامة، مفاده أن أحد الطرفين المتقاتلين يحتله".
وحذّر من أن الوضع "خطر للغاية" لأن هذا المرفق يحتوي على عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال، ما يشكّل "خطرًا بيولوجيًا هائلًا".
وأضاف: "لقد أخرجوا كل التقنيين من المختبر الذي أصبح تحت سيطرة مجموعة من المقاتلين، الذين يتخذونه كقاعدة عسكرية".
إلى ذلك، أكدت منظمة الصحة العامة أنها وثّقت 14 اعتداءً على قطاع الصحة، منذ بدء المعارك في 15 أبريل، ما أدى إلى قتل ثمانية أشخاص وإصابة اثنين بجروح.
وشددت على أن "الاعتداءات على الرعاية الصحية مدانة ويجب أن تتوقف".
وأشارت المنظمة الى أن المعارك أدت إلى قتل 459 شخصًا وإصابة 4072 بجروح، موضحة أن هذه الحصيلة مستقاة من وزارة الصحة السودانية، ولم تستطع المنظمة الأممية التحقق منها.
وضع طبي مأساوي
في الأثناء يعيش القطاع الصحي في السودان وضعًا صعبًا، منذ اندلاع القتال بين الجنرالين المتنازعين على السلطة، كما تصفهما وسائل الإعلام.
في 15 أبريل، أفاق السودانيون على أصوات اشتباكات عنيفة بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وتزداد المخاوف من انهيار القطاع الصحي، وعدم تأمين المستلزمات العلاجية والأدوية المطلوبة، وإعاقة وصول الفرق الطبية والمرضى والمصابين جراء الاقتتال، سواء من صفوف المدنيين أم المسلحين.
وتعاني المنشآت الطبية نقصًا حادًا في المستلزمات الطبية، لاسيما أكياس الدم والمعدات الجراحية، وكذلك الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية وحتى سيارات الإسعاف.
أما الفرق الطبية فعرضة للإنهاك، لأن "الفريق الطبي نفسه يعمل في بعض المستشفيات ثمانية أيام متواصلة".
وحوَّلت هذه المعارك، التي لم تفلح معها محاولات التهدئة، الخرطوم ومدنًا أخرى إلى ميادين حرب مفتوحة، وأعاقت تقديم الرعاية الصحية وعمل الأطباء، ووضعتهم تحت ضغوط إضافية في بلد عانى النزاعات والعقوبات على مدى عقود.
بالنسبة إلى الفرق الطبية، كان السماح لنزلاء المستشفيات بالمغادرة عوضًا عن البقاء للعلاج خيارًا صعبًا للغاية، خصوصًا مع استمرار الاشتباكات.
ودفعت الحرب الدائرة عشرات الآلاف إلى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
ووجَّه المسعفون نداءات يومية لوقف إطلاق النار، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، ونقل الجرحى ودفن الموتى.
وفي حين يسعى سودانيون -عبر منصات التواصل الاجتماعي- لتوفير أدوية للذين يعانون الأمراض المزمنة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" من أن انقطاع التيار الكهربائي
ونقص الوقود يعرّضان مخزونًا من اللقاحات وجرعات الأنسولين بأكثر من 40 مليون دولار، لخطر التلف.
ودفع الوضع الحالي نقابة الأطباء إلى تقديم نصائح للمدنيين بكيفية التعامل مع الجثث المتحللة وطرق تكفينها ودفنها.
برنامج الأغذية العالمي
ولقي ما لا يقل عن خمسة من العاملين في مجال الإغاثة بالسودان حتفهم، وعلقت المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأغذية العالمي التابعان للأمم المتحدة أنشطتهما، بعد سقوط قتلى من موظفيهما.
وقال المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية ينس لايركه، في إفادة صحافية: "في المناطق التي أدى فيها القتال العنيف إلى إعاقة عملياتنا الإنسانية، اضطررنا إلى تقليص وجودنا(..)، لكننا ملتزمون بمواصلة تقديم المساعدة لشعب السودان".
وأكد أن قيادة المكتب لا تزال في السودان، وأنهم سيقودون العمليات الإنسانية من عاصمة ولاية البحر الأحمر بورتسودان، بعد الانتقال من الخرطوم.