مصادر تكشف لـ السياق تطورات ملف الإخوان بين أنقرة والقاهرة
مصادر لـ السياق: قيادات الإخوان أبلغت تركيا تبرؤها من مجموعة الإرهابي يحيى موسى

السياق
أزمة جديدة يواجهها تنظيم الإخوان، مع تداول أنباء عن مباحثات في العاصمة التركية أنقرة، لتسليم 20 قياديًا من الصفين الأول والثاني بالتنظيم، من المدانين في جرائم إرهابية، في مقدِّمتها واقعة اغتيال النائب العام المصري السابق المستشار هشام بركات.
بينما يعتقد الجانب التركي، أن الـ20 شخصًا بالتنظيم، ورقة رابحة في التفاوض، لعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر.
وبحسب بيان رسمي للخارجية المصرية "يزور السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية، استجابة لدعوة الخارجية التركية، أنقرة يومي 7 و8 سبتمبر 2021، لإجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا".
إقامة جبرية
وكشفت مصادر مقيمة بتركيا لـ"السياق"، أن السُّلطات التركية تضع 20 من قيادات الصفين الأول والثاني بتنظيم الإخوان، المتهمين في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق المستشار هشام بركات، تحت الإقامة الجبرية منذ يناير 2021، أي مع بداية التحرك التركي نحو الجانب المصري، لعودة العلاقات الدبلوماسية.
وذكرت المصادر المقرَّبة من تنظيم الإخوان، أن معظم هؤلاء المتهمين، الذين تضعهم تركيا تحت الإقامة الجبرية، طلبة سابقون، لافتة إلى أن القيادات الكبرى، المطلوبة على ذمة القضية نفسها، تنعم بحياتها بشكل عادي.
ويعيش الـ20 إخوانيًا المتهمون في قضية النائب العام المصري، داخل "محاضن تربوية"، وهى أسر أو تجمعات صغيرة لتدريس الفِكر الإخواني"، يرعاها ويموِّلها يحيى موسى، مؤسس حركة حسم الإرهابية، المتهم الرئيس من القضاء المصري بتأسيس الذراع المسلَّحة لتنظيم الإخوان، والتخطيط لاغتيال النائب العام هشام بركات.
وفي محاولة للنجاة بأنفسهم، ذكرت المصادر لـ"السياق" أن قيادات الصف الأول، المسؤولة عن إدارة التنظيم، أبلغوا السُّلطات التركية -في رسائل خاصة- تبرؤهم من يحيى موسى ومجموعته، وبذلك فهم يرفعون أيديهم عن حمايتهم، في إشارة إلى تصرف الجانب التركي معهم كيفما يشاء، مقابل عدم تصنيفهم كإرهابيين في أوروبا.
أبرز المطلوبين
بحسب المصادر، التي طلبت من "السياق" عدم ذكر اسمها، يشمل التفاوض مطالبات من الجانب المصري بتسليم تامر جمال، واليوتيوبر عبدالله الشريف، المتهمان بالتحريض ضد النظام المصري، كما يلاحقهما الإنتربول، إلا أنهما يقيمان في دولة قطر وليس في تركيا.
وكانت أنقرة أعلنت، في مارس الماضي، استئناف الاتصالات الدبلوماسية مع مصر، متخذة إجراءات عدة لإثبات حسن النية، في مقدِّمتها توجيه وسائل الإعلام الإخوانية، العاملة على أراضيها، بتخفيف النبرة تجاه القاهرة.
وفي مايو الماضي، توجَّه وفد تركي، برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال إلى القاهرة، في أول زيارة من نوعها منذ عام 2013، وأجرى محادثات "استكشافية" مع مسؤولين مصريين، لبحث التقارب وتطبيع العلاقات.
ارتباك الإخوان
يقول عمرو عبدالمنعم، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، لـ "السياق" إن التنظيم الإخواني في تركيا يشهد ارتباكًـا شديدًا للغاية، منذ القبض على القيادي محمود عزت، الذي كان مصدر قوة للتنظيم، منذ سقوط حُكم ممثله محمد مرسي، ما انعكس على تردي أوضاع شباب الإخوان في تركيا، خاصة من العاملين في الحقل الإعلامي.
ويرى عمرو عبدالمنعم، أن مصر تطلب فقط المحكوم عليهم بأحكام نافذة نهائية، لتنفيذها في الداخل المصري، بعد ثبوت أدلة وعرائض الاتهام الواضحة والصريحة، مستبعدًا أن يكون طلب مصر بتوقُّف الأبواق الإعلامية في تركيا، من شروط إعادة مسار العلاقات معها.
وقال: "إن القاهرة دائماً تسعى إلى علاقات سليمة ومستنيرة وشفافة، مع أصدقائها وحلفائها، ودائماً ما تنفِّذ وعودها، ولا أظن أن مصر طلبت من أحد، وقف إعلام يعمل لصالح أجندات دول أجنبية في الأساس".
أزمة كبيرة
يقول محمود علي، الباحث في الجماعات المتطرفة باسطنبول لـ"السياق"، إن التنظيم يواجه أزمة كبيرة، في ظل تموضع سياسات المنطقة في الأشهر القليلة الماضية، خاصة مع إخفاقاته المتكررة، في الانتصار في معاركه التي صنعها، بصراعه في الشرق الأوسط بالمطلق، وفي مصر على وجه الدقة.
ويشير إلى أن الدول، التي كانت داعمة وحليفة لتنظيم الإخوان، بدأت تنصرف عنه في الوقت الحالي، باحثة عن مصالحها السياسية، وبذلك فإن أنقرة ترى أنها خسرت كثيرًا، بسبب وجودها في خندق الإخوان ودعمها لهم، في صراعها مع القاهرة.
ويرى محمود علي، أن إجراءات التضييق للنشاط السياسي العلني لتنظيم الإخوان في تركيا، بدأت منذ أشهر وليست وليدة اليوم، إذ إن أنقرة نبَّهت على التنظيم التوقُّف عن أي نشاط سياسي معلن، سواء ضد مصر أو ضد الخليج.
الأمر الآخر، ذهبت كذلك أنقرة، إلى فرض حظر نشاط الإخوان والتنقل، على رموز وقيادات محسوبة على تيار محمد كمال، المتهمين في قضايا قتل داخل مصر، لضمان ألا تستفز القاهرة، حتى تكتمل المفاوضات الدائرة لعودة العلاقات.