بعد أفغانستان... هل يغامر رؤساء أمريكا والصين والهند بالدخول في حرب؟
بعد سقوط أفغانستان... كيف يقتنص قادة أمريكا والصين والهند نفوذهم العالمي

ترجمات – السياق
دائما ما تتسبَّب فترات الاضطرابات الكبيرة، في قرارات مفاجئة لا يمكن التنبؤ بها، من القادة الوطنيين، الحريصين على استعادة الأوضاع المتدهورة، أو الاستفادة من الفرص المتاحة.
وبعد سقوط أفغانستان في يد طالبان، قد تقوم واشنطن وبكين ونيودلهي، بمغامرات عالية المخاطر، العام المقبل.
حذر جريجوري كوبلي، رئيس الرابطة الدولية للدراسات الاستراتيجية، من أن كلًا من واشنطن وبكين ونيودلهي، قد تقوم بمغامرات عالية المخاطر، العام المقبل، بينما ستستخدم القوى الأخرى، الفوضى العالمية لمصادفة انتهازيتها الدفاعية أو الهجومية.
وقال جريجوري كوبلي، رئيس الرابطة الدولية للدراسات الاستراتيجية، في مقال بصحيفة إيبوك تايمز الأمريكية: إن زوبعة التغيير الكبرى، بدأت عندما أفسحت الحرب الباردة الطريق أمام "الحرب الشاملة الجديدة في القرن الحادي والعشرين"، وبعد ذلك، خلقت "مصادفة" عام انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 مع أزمة كورونا بؤرة لتلك الزوبعة.
الهيبة الأمريكية
وأوضح كوبلي، أن الخسارة المفاجئة للولايات المتحدة، بسبب طريقة انسحابها من أفغانستان، أدت إلى إطلاق الرئيس الأمريكي جو بايدن مبادرات على المستويين المحل والدولي، لاستعادة سُلطة بلاده، مشيرًا إلى أنه يتم الضغط على بايدن حاليًا -من الديمقراطيين- لإعادة بناء تلك السُّلطة قبل انتخابات الكونجرس في نوفمبر 2022.
وأعلن بايدن في 31 أغسطس المنصرم "النصر" في إجلاء "90 في المئة" من الأمريكيين، الذين أرادوا مغادرة أفغانستان، وقد ثبت بالفعل أنها عملية نقل جوي غير مسبوقة، ومع ذلك، من المرجَّح أن يطارده تصريحه "الانتصار" بالطريقة نفسها التي كان يطارد بيان جورج دبليو بوش، الرئيس الثالث والأربعين في 2 مايو 2003، "المهمة المنجزة" بشأن الحرب العراقية.
وأشار الكاتب، إلى أن بايدن سيتخذ خطوات على المسرح العالمي، لإعادة بناء سُلطة الولايات المتحدة، وكما قال ضابط وكالة المخابرات المركزية الراحل مايلز كوبلاند: "السياسة الخارجية الأمريكية، مجرَّد سياسة داخلية تنفَّذ في الخارج".
الصين والهند
بالمقابل، يسعى زعيم الحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ أيضًا، إلى الاستفادة من انهيار هيبة الولايات المتحدة، ووجود واشنطن في آسيا الوسطى، إذ منحت هزيمة الولايات المتحدة شي "انتصارًا" على واشنطن، قبل أن يواجه المؤتمر العشرين للحزب في أكتوبر 2022، ففي هذا الوقت، قد يُحرم شي من ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات رئيسًا للصين الشيوعية.
وقد تمكن شي في أكتوبر 2017 من استخدام النجاح الظاهر لمبادرة الحزام والطريق الخاصة به -المكافئ النقدي لـ "الكتاب الأحمر الصغير" لماو تسي تونغ مؤسس الجمهورية الصينية- لكسب المتحولين في جميع أنحاء العالم، إلى الماوية والنظام الصيني، ونجح حينها في بناء زخم لمؤتمر الحزب التاسع عشر -أكتوبر 2017- كما تجنَّب ضغوط الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حتى اكتمال المؤتمر.
ولكن بدأت الصين إظهار نقاط الضعف الهيكلية العميقة التي تواجهها اليوم، إذ يدرك شي أن روسيا قفزت مرة أخرى إلى آسيا الوسطى مع انسحاب الولايات المتحدة، ما منح موسكو القوة للمقاومة والمساومة مع بكين، بحسب الكاتب.
ووسط ذلك، يرى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن أمام الهند فرصة للعودة إلى "اللعبة الكبرى" لآسيا الوسطى مع فرصة للفوز - لأول مرة للهند بعد الاستقلال- بوصول مباشر إلى أراضي آسيا الوسطى.
وبينما يتطلع شي إلى مد خطوط أنابيب عبر أفغانستان، من إيران إلى منطقة شينجيانغ الصينية، فإنه يأمل في الوقت نفسه، منع نيودلهي من قطع جسر بكين البري عبر باكستان إلى المحيط الهندي.
ويرى كوبلي، أن مودي سيتحرك بسرعة لوقف النظام الشيوعي الصيني واغتنام الفرص المتاحة للهند، مشيرًا إلى أنه يجب عليه أيضًا التعاون والتنافس -نهاية المطاف- مع روسيا للتأثير التجاري والاستراتيجي في آسيا الوسطى.
دور القادة
ويتساءل الكاتب: ماذا يمكن أن يفعل هؤلاء القادة؟، ويجيب: سيتعامل شي بسرعة وبلا رحمة مع أي انشقاق داخل الصين، إذ إن أصحاب المليارات من القطاع الخاص، غير المنتمين إلى الحزب الشيوعي الصيني، لا يريدون إغلاق الاقتصاد، وهو ما يراه شي وفريقه الماوي المتطرف أمرًا ضروريًا مع نفاد الأموال في بكين، لذا فإن فرض قيود أكبر على منافسي شي الرئيسيين أمر بالغ الأهمية، لقمع السخط الشعبي المتزايد، في المناطق الحضرية من الحزب.
وأضاف كوبلي: فلنراقب إذًا، الانهيار الهائل والمتعمد للاقتصاد الصيني كجزء من محاولات شي لإعادة تعريف الدولة على أسس الماويين، إذ يجادل بأن العودة إلى اقتصاد "الدوران الداخلي" الطريقة الوحيدة لإنقاذ الحزب الشيوعي الصيني، في أعقاب تصاعد التحديات الاقتصادية والديموغرافية والغذائية.
ووسط ذلك، يمضي بايدن قدمًا في مبادرات، مثل محاولة الولايات المتحدة لعب دور في نزاع المياه بين مصر وإثيوبيا، ومع ذلك، قد يتحول ذلك إلى حرب كبرى، تؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة البحر الأحمر وتقويض التجارة العالمية.
أما ناريندرا مودي، فقد يبدأ حربًا ضد باكستان في غضون عام -لعزل الصين عن المحيط الهندي وآسيا الوسطى- وقطع طريق آزاد كشمير الذي تسيطر عليه باكستان والمتاخم للصين، وفقًا للكاتب.
وأشار الكاتب، إلى أن مودي لم يرسل ما يقرب من مليون جندي في جامو وكشمير، التي كانت تتمتع بالحكم الذاتي عام 2019 لمجرَّد قمع الإرهاب الإسلامي.
وأوضح بوكلي، أن مودي كان يستعد منذ سنوات لهذه الضربة، لكسر عزلة الهند عن بقية أوراسيا، إذ لم يكن لديه الوقت المناسب أكثر من هذا، لضرب مصالح الصين وتعزيز مصالح بلاده، لكن هذه الضربة قد تؤدي إلى اندلاع حرب بين الهند والصين، لن تنتهي قريبًا.
وختم الكاتب مقاله: "هذه ليست سوى ثلاثة من السيناريوهات المحتملة التي تتطور منذ أحداث سقوط أفغانستان بيد طالبان في أغسطس 2021".