هل تقود طالبان انقلابًا على القاعدة وداعش؟
الدول المجاورة الأكثر عرضة للخطر لكن على الدول الغربية الخوف أيضًا

ترجمات - السياق
رأى خبير قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، رافايلو بانتوتشي، أن الهجوم الذي شنه تنظيم داعش في خراسان، على مطار كابل في أغسطس الماضي، ينذر بنهاية قاتمة للتدخل الغربي في أفغانستان، مشيراً إلى أن التدخل الذي بدأ ردًا على الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 "انتهى بمذبحة للأمريكيين والأفغان".
وأضاف بانتوتشي، في مقال بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن الهجوم سلَّط الضوء أيضاً على مدى تعقيد التهديد الإرهابي في جنوب آسيا، لأن المنطقة تضم مجموعة من التنظيمات التي تشكل تهديدات، من المرجَّح أن تظل إقليمية على المدى القصير إلى المدى المتوسط، لكنها ستؤدي بلا شك إلى عدم استقرار، يؤثر في الغرب على المدى الطويل.
بنية تحتية إرهابية
وقال بانتوتشي، إن التهديد الذي يمثِّله تنظيم القاعدة، كان واضحاً إلى حد ما، إذ استخدم التنظيم أمواله وموارده لدعم طالبان، وهو ما مكّن الحركة من إقامة بنية تحتية إرهابية في أفغانستان، استخدمتها في حربها المقدَّسة ضد الغرب وأنصاره المرتدين في العالم الإسلامي، بينما ركزت التنظيمات الأخرى، التي عملت من الأراضي الأفغانية، على خصوم آخرين، لكنها كانت تعمل وفقًا للمبدأ نفسه".
وأشار الزميل في المركز الدولي لدراسة التطرف، في جامعة كينجز كوليدج بلندن، إلى مخاوف من تكرار الأمر، معتبراً أن السؤال عمّا إذا كانت طالبان، ستنقلب على تنظيمات مثل القاعدة، التي قاتلت إلى جانبها في صراعها الذي دام عقدين ضد الولايات المتحدة، سيظل سؤالاً مفتوحاً، وأضاف: "حتى لو افترضنا أنهم وجدوا طريقة لاحتواء القاعدة، فذلك لم يعد التهديد الوحيد في كابل".
هيستريا داعش خراسان
وأوضح الكاتب، أن هناك حالة من الهستيريا المتعلِّقة بتنظيم داعش في خراسان، لأنه أثبت قدرته على الصمود، فضلاً عن كونه فرعاً محلياً لتنظيم، لا يزال يتمتع بنفوذ كبير بين المجتمع الجهادي العالمي، كما أنه لوحظ في الأحاديث المنتشرة عبر الإنترنت، أن الجهاديين قد يغادرون بلاد الشام، للذهاب إلى أفغانستان، التي تقدِّم نفسها الآن باعتبارها بيئة مواتية للجهاد، وهو ما يعني تخصيص داعش، المزيد من الموارد لإنشاء خلافة صغيرة في جزء من أفغانستان، أو ببساطة استخدام العنف في المنطقة، لإعادة بناء اسمه الذي بات مشوَّهاً في العالم.
وأضاف: "ومع ذلك، فإنه يجب وضع هذه التهديدات في حجمها الطبيعي، فقد أصبحت قوات الأمن في الغرب أفضل بكثير في اكتشاف النشاط، الذي يمكن أن يتحول إلى هجمات على أرضها، لذا فإن الخطر الأكبر من هذه التنظيمات إقليمي، إذ من المرجَّح أن نرى تفاقم مشكلات باكستان الداخلية، لأنه من الممكن أن يستمد المتطرفون المحليون، الإلهام مما حقَّقته طالبان، كما يمكن أن تؤدي زيادة انتشار الأسلحة عالية الجودة، والمسلَّحين العاطلين عن العمل، إلى مزيد من العنف في البلاد بشكل مفاجئ، وهو ما يمكن أن يحدث في الهند أيضاً، الأمر الذي قد يؤثِّر بشكل غير مباشر في إسلام أباد".
علاقة ودية بين كابل وطهران
ورأى زميل المركز الدولي لبحوث العنف السياسي والإرهاب، في كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، أن هناك أسبابًا تدعو إلى القلق في آسيا الوسطى، موضحاً أن هذه المنطقة شهدت عدداً من الحوادث المرتبطة بالجماعات الموجودة في أفغانستان، خلال التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مشيراً إلى أنه صحيح أن إيران تفكر بشكل براجماتي، وتعمل على تعزيز علاقاتها بطالبان، لكن لا توجد علاقة ودية بين كابل وطهران.
وقد ترغب الصين وروسيا في الاستمتاع بإذلال الغرب، لكنهما تدركان أنهما أقرب بكثير إلى التهديدات المحتملة التي قد تنتشر، لذا فإنه من المرجَّح أن تحاول المجموعات، التي تستهدف هذه البلدان، الاستفادة من سيطرة طالبان، وإعادة تأسيس شكل من أشكال الوجود في أفغانستان.
وتابع: "يبدو أن الغرب أقل عرضة للخطر، لكن ذلك لا يعني استبعاد التهديد المحتمل، إذ لدى المملكة المتحدة على وجه الخصوص، روابط عميقة مع جنوب آسيا، وهي المنطقة التي جعلتها معرَّضة للإرهاب، الأمر الذي ربما يفسِّر الزيارة الأخيرة لرئيس الـ(إم آي6) إلى باكستان".
فك الارتباط
وأشار الكاتب، إلى تلميحات بأن الجماعات الإرهابية تعمل على إعادة بناء قدراتها، مع تقارير عن جهاديين يتطلعون إلى الانتقال من سوريا إلى أفغانستان، مضيفاً: "على المدى القصير إلى المدى المتوسط، يبدو أن التهديدات الأكثر احتمالاً، هي تلك التي يقوم بها المتطرفون بشكل فردي، من دون توجيه من أي تنظيم".
ورأى بانتوتشي، أن التهديد الأكثر إلحاحاً من أفغانستان، سيكون محلياً، سواء كان ذلك من خلال انتشار داعش في خراسان على المستوى الإقليمي، أو استخدام المتطرفين في أفغانستان كقاعدة لشن هجمات في البلدان المجاورة، أو أن تعمل الجماعات على اتباع مسار طالبان وإطاحة الحكومات المحلية، وذلك يشكل مجموعة من التهديدات لرجال الأمن في الغرب، في وقت يتضاءل فيه الاهتمام والتركيز على التهديدات الإرهابية، حسب قول بانتوتشي.
وأضاف: "هنا يكمن الدرس الذي يجب تعلُّمه، من الحرب التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، وهو أنه في حال لم تهتم الحكومات، فإنه يمكن أن تتراكم المشكلات وتظهر فجأة، وهو ما قال إنه حدث في العراق، إذ ترك الانسحاب الأمريكي، أواخر العقد الأول من القرن الحالي، بيئة ساعدت في تكوين داعش"، وتابع: "رغم أنه من غير المحتمل أن تظهر الرواية نفسها في أفغانستان، فإن السياق نفسه يبدو موجوداً لتطور تهديد إرهابي، صحيح أن الولايات المتحدة وحلفاءها غادروا أفغانستان، لكنهم لا يستطيعون فك ارتباطهم بها".