فاينانشال تايمز: انتشار العنف في تيجراي يلطِّخ سُمعة رجل السلام
سلَّطت صحيفة فاينانشال تايمز، البريطانية، الضوء على التحول الدراماتيكي، الذي شهدته سُمعة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

ترجمات - السياق
من حاصل على جائزة نوبل للسلام، إلى اتهامات مروِّعة لقواته، بارتكاب العنف في إقليم تيجراي، في تحول دراماتيكي، لشخصية رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وقالت صحيفة فاينانشال تايمز، البريطانية، إنه حتى الآن لم تتعرَّض سوى قلة قليلة فقط من قادة العالم، إلى تلطيخ سُمعتهم بهذه السرعة، مثلما حدث مع آبي أحمد.
وأوضحت أنه قبل عامين فقط، كان يتم تكريم رئيس الوزراء الإثيوبي باعتباره صانع سلام ورجلاً إصلاحياً، إذ فاز في سن الـ43، بجائزة نوبل للسلام لعام 2019، بعد أن أفرغ سجون بلاده من السجناء السياسيين، وأبرم اتفاقيات سلام مع الجماعات المعارضة، وأنهى حالة الحرب مع إريتريا المجاورة.
إلا أنه بعد عامين فقط، بات آبي أحمد متهماً الآن، بتصعيد الصراع في إقليم تيجراي الشمالي بإثيوبيا، ما أطلق العنان لأحداث مروِّعة من الاغتصاب، والمذابح، والتطهير العرقي، ناهيك عن شبح المجاعة الذي يخيم على الإقليم، بعد أشهر من القتال.
ورأت الصحيفة أن واشنطن، التي كانت حتى وقت قريب، تتبنى آبي أحمد باعتباره أحد المحدّثين، قد تخلَّت عنه، وندَّدت بالحرب في تيجراي، وفرضت عقوبات على أديس أبابا.
وأشارت إلى أنه بعد ثمانية أشهر من القتال، عادت جبهة تحرير تيجراي الشعبية، هذا الأسبوع، إلى ميكيلي، عاصمة الإقليم، وهو ما رأت أنه يكشف عن تراجع عسكري مدمِّر، في الحرب التي كان آبي أحمد قد تعهَّد بإنهائها، في غضون أسابيع.
رحلة بالغة الأهمية
صحيفة فاينانشال تايمز، البريطانية، قالت إن ما يحدث، رحلة بالغة الأهمية لرجل وُلد في بلدة صغيرة في أوروميا، وكان والده مزارعاً مسلماً من قبيلة أورومو، التي طالما شعر سكانها الذين يشكِّلون ما يقرب من 35% من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 117 مليون نسمة، بالتهميش، بعد أن احتلهم الإمبراطور مينليك الثاني، نهاية القرن التاسع عشر.
ومع ذلك، ورغم بداياته المتواضعة، فقد أخبرته والدته، عندما كان طفلاً، فإنه سيكون يوماً ما «ملك إثيوبيا»، تقول الصحيفة، التي أشارت إلى أن آبي أحمد، أظهر في مقابلة عام 2019، اهتمامه الشديد بالسُّلطة.
وتقول الصحيفة البريطانية، إن آبي أحمد، كان يتباهي في المقابلة نفسها، بتجديد مكتبه في ذلك الوقت، وأنه حوَّله من «الجحيم إلى الجنة»، متعهدًا بفعل الشيء نفسه بالنسبة لإثيوبيا.
إلا أن الأوضاع لا يبدو أنها تسير على الوجه المأمول، بحسب الصحيفة التي رأت أن الأمور تتدهور في البلاد، عندما اندلعت الخصومات العِرقية، التي طالما قمعتها الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية، ما أدى إلى نزوح مليوني شخص، جنبًا إلى جنب مع رد فعل عنيف في منطقة أوروميا، مسقط رأس آبي أحمد.
من جانبها، قالت رئيسة معارضة أورومو، ميريرا جودينا، إن «الكثير من الأورومو يرون أن آبي يشعر بالحنين إلى أيام الإمبراطورية».
صحيفة فاينانشال تايمز، عادت لتقول إن آبي قام بعملية تطهير عِرقي في تيجراي، واستهدف مؤسسات الدولة، التي يهيمن عليها سكان الإقليم، بينما أجَّـل العام الماضي، الانتخابات البرلمانية، عازيًا قراره إلى انتشار وباء كورونا، ووصف الانتخابات التي تمت في تيجراي، بأنها غير قانونية.
وفي نوفمبر الماضي، أمر آبي القوات بدخول الإقليم، بعد أن هاجمت جبهة تحرير تيجراي قاعدة عسكرية فيدرالية، ورغم نفيه الأمر في البداية، فإن جنوداً من إريتريا، العدو القديم لإثيوبيا، عبروا الحدود أيضاً مع ميليشيا الأمهرة، وارتكبوا بعض أسوأ الفظائع في الحرب، بينما انتقد آبي الأجانب الذين أدانوا هذه الأعمال، قائلاً إنهم فشلوا في فهم أن الجبهة الشعبية أشعلت نيران الكراهية العِرقية، وأنه كان يجب وقفها.
وأضافت الصحيفة، أن حرب آبي أحمد في تيجراي، التي جعلته في عزلة متزايدة، تحظى بشعبية بين بعض الإثيوبيين فقط، الذين يلومون الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على سنوات من القمع، حيث عاد العديد من قادة المعارضة إلى السجن من جديد.
واختتمت الصحيفة تقريرها، قائلة إنه بينما تحرَّكت جبهة تحرير تيجراي، هذا الأسبوع، باتجاه ميكيلي وتزايد القلق الدولي بشأن الوضع في الإقليم، فقد أعلن آبي وقف إطلاق النار، ولكن بالنسبة للرجل الذي ذهب إلى الحرب مباشرة بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام، فإنه ليس من الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك.