إحباط هجوم بيولوجي في ألمانيا... ما علاقته باحتجاجات إيران؟

رجح رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تصريحات لـ -السياق- أن يكون المخطط للعملية أحد قوات فيلق القدس والاستخبارات الإيرانية، خاصة أنها تتزامن مع توتر العلاقات بين برلين وطهران.

إحباط هجوم بيولوجي في ألمانيا... ما علاقته باحتجاجات إيران؟

السياق

أذرع «إرهابية» تضرب هنا وهناك لتحقيق أهداف توسعية، عبر بث سمومها الفوضوية في كل مكان، أملًا بحصد مكاسب على حساب أمن الشعوب، التي تستهدفها بأيديها التخريبية.

فغير مبالية بشيء، سوى تحقيق طموحات وأحلام نظامها لا شعبها، كانت إيران حاضرة في الأزمات والأعمال التخريبية بالعالم، بذراعها الإرهابية مليشيات الحرس الثوري، وبفكر نظامها الذي لم يغض الطرف لحظة عن النظر للدول الأخرى وشعوبها على أنها غنيمة يأمل الفوز بها.

وعلى وقع ذلك الفكر، كانت ألمانيا ذلك البلد الأوروبي، صاحب الفكر المتشدد من الاتفاق النووي الإيراني المأزوم، على موعد مع مخطط إرهابي، يحمل بصمات الحرس الثوري، وإن كانت التحقيقات ما زالت جارية، إلا أن السلطات الألمانية وأدت ذلك المخطط الذي وُصف بـ«المعقد»، لاعتزامه استخدام أسلحة بيولوجية في سبيل تنفيذه.

وألقت الاستخبارات الألمانية –الأحد- القبض على إيراني يبلغ من العمر 32 عامًا في مدينة دوسلدورف، بعد تلقيها معلومات من جهاز استخبارات صديق لألمانيا، بتخطيط ذلك الشخص لشن هجوم بيولوجي.

وبحسب مصادر «السياق»، فإن هذا الجهاز الاستخباراتي الصديق، هو «إف بي آي» الأمريكي، الذي كشف معلومات تفصيلية عن الشخص واتصالاته، التي كان يسعى من خلالها للحصول على مواد كيميائية سامة.

 

تساؤلات حائرة

ذلك الهجوم وتوقيته أثار تساؤلات عدة، خاصة أنه يتزامن مع التوتر بين طهران وبرلين، على خلفية قمع الأولى للاحتجاجات، ما دفع عديد المراقبين إلى الربط بينه وبين النظام الإيراني، وإن كان الأخير على صلة غير مباشرة به، مع انتظار التحقيقات التي ستكشف المزيد.

ومع أصابع الاتهام التي تشير للنظام الإيراني، فإن الأخير سيكون على موعد مع المزيد من الضغوط والعقوبات، التي لن تكون ألمانية فقط، بل ستكون في إطار أوروبي، في ظل تفضيل الحكومة الألمانية التحرك في إطار الاتحاد الأوروبي، ما يعقد مهمة تجديد الاتفاق النووي الإيراني.

إلى ذلك، قال الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا وهولندا، في تصريحات لـ«السياق»، إن التهمة التي وجهت إلى الإيراني الثلاثيني الذي ألقي القبض عليه، التخطيط لتنفيذ هجوم بسلاح كيماوي أو بيولوجي، باستخدام مواد سامة تعرف بالريسين والسيانيد، شديدة السمية، يمر الحصول عليها بعملية معقدة.

وبينما قال رئيس المركز الأوروبي، إن المتهم يرجح أن يكون حصل عليها من خارج ألمانيا، توقع أن تكون بولندا المجاورة منشأ تلك المادة، خاصة أنها شهدت عمليات إرهابية بيولوجية.

 

هجوم إرهابي

وأكد أن المؤشرات الظاهرية والمعلنة، تذهب إلى أن يكون الهجوم ذا طابع إرهابي، وهو ما أشار إليه وزير داخلية ولاية شمال الراين ويستفاليا هربرت رويل، متوقعًا أن أن تكشف التحقيقات كثيرًا من النتائج.

ورجح رئيس المركز الأوروبي، أن يكون المخطط لتلك العملية أحد قوات فيلق القدس والاستخبارات الإيرانية، خاصة أنها تتزامن مع توتر العلاقات بين برلين وطهران، إضافة إلى التحذيرات الأخيرة من الاستخبارات الألمانية، من أن هناك عملاء لصالح إيران ينشطون داخل ألمانيا.

وأشار إلى أنه عام 2018 ألقت الاستخبارات الألمانية القبض على خلية خططت لتنفيذ هجوم بيولوجي على أحد مراكز الطاقة، بينما كانت آخر عملية إرهابية نوعية تعرضت لها ألمانيا عام 2016، المعروفة بشاحنة برلين.

وقال الدكتور جاسم إن ألمانيا فرضت سيطرتها على الوضع، ما أسفر عن نجاح أجهزة الأمن والاستخبارات في جعلها ساحة نظيفة.

وداهمت القوات الخاصة الألمانية منزل المتهم في منطقة كاستروب روكسل، بصحبة خبراء من معهد روبرت كوخ للأمراض الوبائية، بينما اقتصرت تصريحات وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، بعد كشف العملية، على التذكير بخطر العمليات الإرهابية، وشددت على أنه ما زال قائمًا.

 

ماذا يعني تورط إيران؟

بدوره، قال الباحث في جامعة فيينا حسام حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إن التكهنات التي تفيد بأن المتورط في الهجوم البيولوجي، سُني ومتأثر بدعاية «داعش»، لا ينفي افتراض أن يكون عملًا تخريبيًا مرتبطًا بالنظام الإيراني.

واستند حسن في رؤيته إلى توقيت الإعداد للهجوم، الذي يتزامن مع التوتر بين طهران وبرلين، على خلفية قمع الأولى للاحتجاجات، مشيرًا إلى أنه إذا ثبتت فرضية تورط النظام الإيراني، بشكل غير مباشر، يعني ذلك مزيدًا من الضغوط على طهران وكذلك العقوبات على أجهزة الأمن الإيرانية، التي ستكون في إطار أوروبي، في ظل تفضيل الحكومة الألمانية التحرك في إطار الاتحاد الأوروبي.

وعن تأثير العملية في الملف النووي الإيراني، قال الباحث في جامعة فيينا، إن عودة المفاوضات مستبعدة، حتى قبل هذا الهجوم الذي أحبط، مشيرًا إلى أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، لتباعد المواقف بين الأطراف، والتوتر بين الغرب وروسيا، إلا أنها دخلت مرحلة الموت السريري، بالقمع الأخير للاحتجاجات في إيران، وتصديرها مسيرات إلى موسكو.