تونس... مزيد من الدعم الشعبي لقرارات الرئيس والنهضة تعود إلى المربع صفر

الرئيس التونسي، شدَّد على أنه لا مجال للعودة إلى الوراء، وأنه ثابت على الالتزام بعدم المساس بحقوق الإنسان واحترام الحريات، بما فيها حرية التعبير والتظاهر ورفض المساومة والابتزاز والظلم، وأي تجاوز للقانون، من أي كان ومهما كان موقعه.

تونس... مزيد من الدعم الشعبي لقرارات الرئيس والنهضة تعود إلى المربع صفر

السياق

على مدى الأسابيع الماضية، ومنذ اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد، قرارات استثنائية في 25 يوليو الماضي، عُرفت إعلاميًا بـ"الزلزال السياسي"، تعيش البلاد أزمة سياسية معقَّدة بين الرئاسة والبرلمان والحكومة.

فعقب إقالة حكومة هشام المشيشي، اتخذت حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي المجمَّد، قرارًا بدعمه في مواجهة الرئيس سعيد، الذي مضي قدمًا في قراره، مع عدم المساس بحقوق الإنسان واحترام الحريات ومحاسبة الفاسدين، الأمر الذي أكسب قراراته شرعية ودعمًا شعبيًا.

وبينما تكتسب قرارات الرئيس التونسي دعمًا، راحت حركة النهضة وزعيمها الغنوشي، تتخبَّط بين التمسُّك بمعارضة "سعيد" ووصف قراراته بأنها غير دستورية، ومحاولة النجاة ووصف القرارات بـ"الإصلاحية".

 

ملاحقة الفاسدين

"لن أترك اللصوص"... كذلك توعَّد الرئيس التونسي قيس سعيد، وقال إنه لن يترك "مَنْ سرقوا أموال الشعب التونسي يعبثون بقوته"، وتابع: "إنهم جوَّعوا التونسيين ونكَّـلوا بهم وتسبَّبوا في إفلاس الدولة، بعد أن وجدوا في بعض النصوص القانونية مخرجًا لأفعالهم".

هذه التصريحات، أطلقها الرئيس التونسي، في قصر قرطاج، عقب استقباله إبراهيم بودربالة، عميد الهيئة الوطنية للمحامين، وبشير العبيدي الكاتب العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وبسام الطريفي نائب رئيس الرابطة.

الرئيس التونسي، شدَّد خلال اللقاء، على أنه لا مجال للعودة إلى الوراء، وأنه ثابت على الالتزام بعدم المساس بحقوق الإنسان واحترام الحريات، بما فيها حرية التعبير والتظاهر ورفض المساومة والابتزاز والظلم، وأي تجاوز للقانون، من أي كان ومهما كان موقعه.

ووجَّه "سعيد" اتهامه للبعض، بوضع قوانين مقابل مبالغ، قائلًا: "هناك فصل حاولوا تمريره بـ 150 ألف دينار... فهل هذه شرعية أم سوق نخاسة؟"، كما وجَّه اتهامه إلى البعض بالتآمر لضرب مؤسسة الرئاسة قائلًا: "كانوا يعتقدون أنهم سينجحون في إغرائي بالمال والتحالفات، لكنهم اكتشفوا أنني ليس من طينتهم لذا بدأوا التآمر".

 

محاولة جديدة للنجاة

على الجانب الآخر، وقبل يومين من تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة، كانت "النهضة" تتمسَّك بما وصفه المراقبون بطوق نجاة جديد، للخروج من عزلتها السياسية، إذ أقرت الحركة بمسؤوليتها عمّا آلت إليه أوضاع البلاد.

وفي ما اعتبره مراقبون، أول اعتراف منذ وجود "النهضة" في السُّلطة عام 2011، أقرت الحركة بفشل السياسات التي كانت تتبعها، وأنها تتحمَّل مسئولية ما آلت إليه الأوضاع في تونس، ملقية باللوم أيضًا على الأطراف التي حكمت معها.

وفي بيان رسمي، صدر عقب الاجتماع الأخير للمكتب التنفيذي لحركة النهضة، زعمت الحركة أنها تتفهم غضب الشعب، وأنها "مستعدة لتقييم جدي وموضوعي، وإجراء مراجعات عميقة خلال مؤتمرها المقبل، بما يحقِّق التجديد في الرؤية والبرامج، وفتح الأفاق أمام الشباب لتطوير الحركة".

 

فوات الأوان

يرى مراقبون، أن ما تعلنه حركة النهضة من قرارات، يُعَدُّ تراجعًا عن موقف وصفت خلاله قرارات الرئيس التونسي، في 25 يوليو الماضي بـ"الانقلاب" على الدستور والثورة، بعدما جمَّد اختصاصات البرلمان شهرًا مع تجريد أعضائه من الحصانة، وإقالة حكومة هشام المشيشي، إلى جانب توليه رئاسة السُّلطة التنفيذية والنيابة العامة، استنادًا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي.

بينما أوضح مراقبون للشأن التونسي -في تصريحات خاصة لـ "السياق"- أن اعتراف "النهضة" بتحمُّلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في تونس، يأتي بعد فوات الآوان،  ومتأخرًا جدًا وخارج إطار ما تعيشه تونس، على المستويين الزمني والفِكري علي أرض الواقع، وهو ما يضع الحركة موضع الشك، خاصة أن الثقة السياسية في حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، لدى الشارع التونسي تكاد تكون منعدمة.

 

صراعات النهضة

تصاعدت الخلافات، داخل النهضة الإخوانية، أبرزها قرار تجميد رئيس الحركة عضوية الإخواني المعارض عماد الحمامي، في سياق الصراعات المفتوحة، بين أعضاء الحركة.

وكان الحمامي، من أقرب المستشارين للغنوشي، وعمل مديرًا لحملته في مؤتمر حزب النهضة.

كما شغل 3 وزارات في تونس، هي وزارة الصحة ووزارة التشغيل ووزارة الصناعة بين عامي 2015 و2018.

 

عودة العنف

حالة من الارتباك، يعيشها راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية، منذ صدور القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي في 25 يوليو، الأمر الذي ينعكس بوضوح على تصريحاته، التي تارة يهدِّد خلالها بالعنف ويعدها "انقلابًا" وتارة أخرى يصفها بالقرارات الإصلاحية الواجب دعمها.

كان الغنوشي قد هدَّد بعودة العنف، وإغراق أوروبا عامة وإيطاليا علي وجه الخصوص باللاجئين، وقال في تصريحات لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية: "كلنا في مركب واحدة، نحن التونسيين والأوروبيين وتحديدًا أنتم الإيطاليون... وإذا لم تعد الديمقراطية إلى تونس، في أقرب وقت، فسريعا سننزلق إلى الهاوية".