زعم إثيوبي بمحاولة مرتزقة قادمين من السودان تعطيل سد النهضة... والخرطوم ترد
اتهامات إثيوبية ونفي سوداني... ما حقيقة تدخل الخرطوم في محاولة تعطيل سد النهضة؟

السياق
اتهامات إثيوبية ونفي سوداني، أزمة جديدة تعكر صفو العلاقات بين البلدين الجارين، بعد زعم أديس أبابا محاولة قادمين من الخرطوم تعطيل عملية بناء سد النهضة، وهو ما رفضته الأخيرة، معلنة احتجاجها على تلك التصريحات.
وقال منسِّق قطاع العمليات لفرقة العمل المشتركة، في منطقة متكل بإقليم بني شنجول جومز الإثيوبي العقيد سيف إنجي -في تصريحات صحفية- إن قواته تصدَّت مساء الجمعة، لمجموعة وصفها بـ«المرتزقة الإرهابية» حاولت دخول أديس أبابا من السودان عبر الحدود.
واتهم المسؤول الإثيوبي، في تصريحات لإذاعة «فانا» الإثيوبية، الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيغراي، بتجنيد المجموعة المرتزقة المكونة من 130 عضوًا لتعطيل عملية بناء سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا القضاء على 50 من أعضاء المجموعة، وإصابة 70 بجروح خطيرة.
وأكد العقيد إنجي، مصادرة ألغام مضادة للمركبات، وأنواع مختلفة من المتفجرات في أيدي الجماعة التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مشيرًا إلى أن القوات المسلَّحة لبلاده تتابع وتراقب المناطق الحدودية لحماية سد النهضة، وحماية المنطقة من أي تهديد داخلي وخارجي يستهدف سيادة البلاد.
الخرطوم ترد
التصريحات الإثيوبية، رفضتها الخرطوم، على لسان المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، العميد الطاهر أبو هاجة، الذي أكد أن «الاتهامات الإثيوبية بتخريب السودان لسد النهضة، لا أساس لها من الصحة».
ووصف المسؤول السوداني التصريحات الإثيوبية، بأنها تعبِّـر عن الواقع الذي وصفه بـ«الصعب» الذي يعيشه النظام الإثيوبي، بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه.
أبو هاجة أكد أن بلاده تابعت التصريحات المنسوبة للجيش الإثيوبي، التي تتحدَّث عن دعم القوات المسلَّحة السودانية لمجموعات مسلَّحة، حاولت تخريب سد النهضة، مشيرًا إلى أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة.
ودعا المسؤول السوداني، قيادة إثيوبيا إلى «حل صراعاتها بعيداً عن إقحام السودان فيها»، مشيرًا إلى أن «السودان وجيشه لا يتدخلان فى القضايا الداخلية للجارة إثيوبيا».
تصريحات المسؤول السوداني، جاءت بعد يوم من تأكيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أن الحوار السِّلمي السبيل الوحيد لحل الخلافات بين الخرطوم وأديس أبابا، مؤكدًا أن التفاوض على كل القضايا حتى القضايا الداخلية الإثيوبية، الخيار الوحيد.
حدود البلدين
وأوضح حمدوك، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السودانية، أن السودان بصفته على رأس «الإيقاد» حاليًا، هاتف دول الجوار وما بعدها، لإقناع الإثيوبيين بجدوى الحوار، مشيرًا إلى أن الاستجابة لهذا الأمر تعود للإثيوبيين.
وعن النزاع الحدودي وسد النهضة، أكد حمدوك أن أكثر الحدود المتفق عليها، في الوثائق وعلى الأرض، هي الحدود مع إثيوبيا، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى العلاقات المتجذِّرة بين البلدين والشعبين، سيجلس الطرفان ويصلان إلى اتفاق مرضٍ.
وقال إن سد النهضة إذا حدثت فيه أي مشكلات، سيكون السودان الأكثر تضررا، مشيرًا إلى أن من فوائد السد أنه يتيح حدوث تكامل بين السودان وإثيوبيا، حيث توفِّر أديس أبابا الطاقة، وتستطيع الخرطوم الاستجابة لبعض الهواجس في الغذاء لإثيوبيا، بما لديها من أراضٍ وفرص للزراعة.
وأكد حمدوك أن السودان يظل النقطة المضيئة الوحيدة في المنطقة، بما لديه من قدرات وبالاستقرار الذي يعيشه.
ليست الأولى
الاتهامات المتبادلة بين السودان وإثيوبيا ليست الأولى، ففي أغسطس المنصرم أدت الاتهامات بين البلدين، إلى استدعاء الخرطوم سفيره لدى أديس أبابا للتشاور، في أزمة ألقت بظلالها السلبية على منطقة القرن الإفريقي.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها رصدت التصريحات التي صدرت مؤخرًا عن مسؤولين إثيوبيين كبار، برفض مساعدة السودان في إنهاء النزاع الدموي المحتدم فى إقليم تيغراي، بدواعي عدم حياده واحتلاله لأراضٍ إثيوبية.
تجاوز الحقائق
وقالت الوزارة، إن اهتمام السودان بحل نزاع إقليم تيغراي، جزء من التزامه بالسلام والاستقرار الإقليمي، وتعبير عن حرصه على استتباب الاوضاع في إثيوبيا، وللتضامن في ما تواجهه من تحديات، مشيرة إلى أن مبادرة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك -في إطار رئاسته للإيقاد- تهدف إلى تشجيع الأطراف الإثيوبية على التوصل لوقف شامل لإطلاق النار، والدخول في عملية حوار سياسي شامل، للحفاظ على وحدة إثيوبيا واستقرارها.
إثيوبيا ترفض
وكانت السكرتيرة الصحفية لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، بيلين سيوم، أكدت رفض بلادها توسط السودان لحل أزمة إقيلم تيغراي، لأنه «ليس ذا مصداقية»، على حد قولها.
وقالت سيوم، إن «العلاقة مع السودان في هذه المرحلة شائكة، لأن مستوى الثقة مع بعض القادة تآكل بالفِعل، خاصة بعد دخول قوات الجيش السوداني أراضي إثيوبية في نوفمبر الماضي»، بحسب قولها.
وأشارت إلى أن «الثقة أساس أي مفاوضات وأي وساطة أيضًا، وهي أمر غير متوافر حاليًا، وبحاجة إلى معالجة شاملة، قبل أن يصبح السودان طرفًا ذا مصداقية في تسهيل أي وساطات بين الجبهة الإرهابية والحكومة الفيدرالية».
إقليم تيغراي
ويعيش إقليم تيغراي منذ نوفمبر 2020، على وقع معارك دامية بين القوات الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أسفرت عن مقتل وإصابة وأسر الآلاف، وتهجير عشرات الآلاف نحو مناطق حدودية بالسودان.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أكد -في تقرير- أن الحصار المفروض على المساعدات لإقليم تيغراي شمالي إثيوبيا، يدفع ملايين السكان إلى شفا المجاعة، محذِّرا من كارثة تلوح في الأفق.
ودعا المكتب جميع الأطراف، في الحرب الدائرة منذ عشرة أشهر في تيغراي، إلى السماح بدخول المساعدات للإقليم، مشيرًا إلى أن 5.2 مليون أي 90% من سكانه يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، يواجه 400 ألف بينهم شبح المجاعة.
ودعا المكتب الحكومة الإثيوبية، إلى السماح بحرية تحرك العاملين، ونقل إمدادات المساعدات داخل البلاد، عن طريق "رفع العوائق البيروقراطية" التي تواجه مرور المساعدات.