غضبة تونسية ضد اتحاد القرضاوي... ورسالة صارمة من قيس سعيد
أخطبوط إخواني في تونس... غضبة شعبية ضد اتحاد القرضاوي ورسالة صارمة من قيس سعيد

السياق
تظاهرات تونسية، عبَّـرت عن غضب شعبي من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تجدَّدت وتيرتها خلال اليومين الماضيين، للمطالبة بغلق مقر الاتحاد، وطرد أحد الأذرع الأساسية لتنظيم الإخوان الإرهابي، من البلد الباحث عن الاستقرار، بعد شهر من قرارات وُصفت بـ«الثورية».
ونظم الحزب الدستوري الحر، وقفة احتجاجية في شارع خير الدين بالعاصمة، قرب مقر فرع اتحاد علماء المسلمين بتونس، طالب فيها بغلق مقر فرع الاتحاد، كونه «يمثِّل خطرًا على مدنية الدولة التونسية، ويسهم في أخونة المجتمع».
الوقفة الاحتجاجية، التي غلب عليها الحضور النسائي، والتي كانت تحت شعار «نساء تونس غاضبات»، حالت العديد من الوحدات الأمنية، دون وصولها إلى مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، الذي شهد منذ أشهر اعتصامًا لـ "الدستوري الحر" للمطالبة بغلق المقر.
طلب عاجل
من جانبها، دعت رئيسة «الحزب الدستوري الحر» في تونس عبير موسي، في بث مباشر عبر «فيسبوك» الرئيس قيس سعيد، إلى إغلاق مقرات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي في البلاد.
وأشارت إلى أنها أودعت رسالة بمكتب الضبط بقصر قرطاج تضمنت «طلبًا عاجلًا جدًا لرئيس الجمهورية، بالإذن بالغلق الفوري، لمقرات فرع ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس، لصاحبه يوسف القرضاوي».
كما طالبت عبير بضرورة «تقديم طلب عاجل للقضاء، لتعليق نشاط هذا الفرع، وكل مكونات أخطبوطه الجمعياتي الناشط في فلكه، والشروع في إجراءات حله، وغلق مقرات الجمعيات المشبوهة المتورِّطة في تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب ووقف نشاط التنظيمات السياسية، التي تعلن ولاءها لدولة الخلافة وهدم الجمهورية».
ودعت إلى تفعيل مقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، الذي يجرم تمجيد التنظيمات ذات العلاقة بالجرائم الإرهابية، ويمنع تأسيسها والانخراط فيها، وتمكينها من التراخيص وتمويلها والتستر على جرائمها، والشروع في محاسبة مؤسسي فروع هذه التنظيمات في تونس.
الأخطبوط الإخواني
وأكدت عبير ضرورة تجفيف منابع تمويل «الأخطبوط الإخواني» في تونس، من خلال إحالة ملفات التنظيمات الجمعياتية والسياسية المذكورة، إلى اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، لتفعيل صلاحياتها في تصنيف هذه التنظيمات، بأنها ذات علاقة بالجرائم الإرهابية وتبييض الأموال، والإذن بتجميد أرصدتها المالية، والتدقيق في مصادر تمويلها، وإحالة ملفاتها إلى القضاء، ومحاسبة مؤسسيها وكل مَنْ شارك في جرائمها.
لم يكن الحزب الدستوري الحر ولا رئيسته «بدعًا من السياسة»، بل إن المرصد التونسي للدفاع عن مدنية الدولة (مستقل) أصدر بيانًا بعنوان «لا مُبرّر لوجود اتحاد علماء المسلمين في تونس»، حذَّر فيه من «خطورة» المضامين التي تروِّجها هذه المنظمة في دوراتها التدريبية وتطرّفها، التي تتعارض مع المبادئ الدستورية المدنية ومع القوانين التونسية، خاصة في مجال الأحوال الشخصية، وإلى ما تحتويه من «فِكر ظلامي سلفي ومن حثّ على التكفير والعنف، ما يبعث في شبابنا روح الكراهية والإرهاب».
موقف غير مبرر
وأكد المرصد، أن عدم استجابة السُّلطة لطلباته المُتكرّرة بغلق مقر هذه الجمعية، يعود إلى مساندتها من حركة النهضة، الحزب الحاكم آنذاك، ومن الحكومة السابقة الموالية لها، إلا أنه لا مبرر اليوم لوجود هذه المنظمة الإرهابية في تونس.
مواقف الأحزاب والقوى الوطنية في تونس، تجاه اتحاد علماء المسلمين، لم تكن نابعة من أهواء، بل إنها رد فِعل على تصريحات ومواقف الأخير من قرارات الرئيس التونسي، التي اتخذها أواخر يوليو الماضي.
ففرع «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» سارع إلى إصدار بيان، ليلة صدور قرارات الرئيس قيس سعيد، أكد فيه «خطورة تلازم ثلاثية الاستبداد والفوضى والانقلاب غير الشرعي، الذي لن يحقِّق للشعوب الحرة، أي وعد من وعوده الكاذبة، وأن التجارب القريبة تخبرنا بذلك، فلا رفاهية ولا خير في انقلاب».
هجوم إخواني
وبينما وصف الاتحاد، تجربة حُكم الإخوان لتونس، في السنوات العشر الأخيرة بـ«النَّعيم»، قائلاً: «وتنعم خلال السنوات العشر السابقة بقدر كبير من الحريات غير المسبوقة، بعد أن تحرر بالتضحية والفداء»، وصف احتجاجات التونسيين ضد حُكم الإخوان بأنها ثورة مضادة، قائلًا: «اليوم تريد قوى انتكاسة وثورة مضادة، عودة إلى الوراء، والتوقف عن تجربته، وهذا مخالف لإرادة الشعب الحرة والدستور الذي أقره الشعب التونسي».
إلا أن الرئيس التونسي، أعلن مرارًا أنه لن يتراجع عن قراراته، كان آخرها خلال لقائه وفدًا ضم عضوين من مجلس الشيوخ الأمريكي، أكد لهما أن «التدابير الاستثنائية تهدف إلى حماية الدولة من العبث، وتعكس إرادة شعبية».
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: إن سعيد التقى عضوي بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور كريس مورفي وجون اوسوف في القصر الرئاسي، خلال زيارتهما تونس، وأكد لهما أن «التدابير الاستثنائية المعلنة في 25 يوليو، تندرج في إطار احترام الدستور، بخلاف ما يروَّج له من ادّعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة».
وتابع الرئيس أنها «تعكس إرادة شعبية، وتهدف إلى حماية الدولة التونسية من محاولات العبث بها».
تمديد التدابير الاستثنائية
وكان الرئيس التونسي، أعلن تمديد التدابير الاستثنائية، بما في ذلك مواصلة تجميد البرلمان حتى إشعار آخر، من دون أن يكشف برنامجه لإدارة المرحلة، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك رجوع إلى الوراء، وسط توقُّعات بطرحه لإصلاحات سياسية، يرجَّح أن تطال نظام الحُكم والقانون الانتخابي، بجانب الذهاب إلى انتخابات مبكرة لإفراز برلمان جديد.
وتحدث سعيد عن «التباسات»، نافيًا تدبيره لانقلاب، وقال في حضور عضوي الكونجرس: «الانقلاب لا يمكن أن يكون إلا خارج الشرعية الدستورية (..) استعملت نصًا دستوريًا للحفاظ على الدولة، من الخطر الداهم الجاثم على البلاد».
ووجَّه الرئيس التونسي رسالة للأمريكيين، قائلًا: «أرجو من أصدقائنا الأمريكيين، أن يستمعوا لنبض الشارع، وكيف خرج التونسيون 25 يوليو يصفِّقون فرحين و كأن كابوسًا كان جاثما على صدورهم وأزيح عن أنفاسهم».
تاريخ الاتحاد في تونس
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أسسه الإخواني يوسف القرضاوي سنة 2004، وتأسس فرعه في تونس عام 2012 خلال فترة حُكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإخوانية.
ويضم الاتحاد -الذي يرأسه أحمد الريسوني خلفًا للقرضاوي- أغلبية من القيادات الإخوانية في بلاد عدة، ومقره العاصمة القطرية الدوحة، وينشط في تونس منذ عام 2012 تحت حماية الحكومات الإخوانية المتعاقبة.