الدبلوماسية بديلًا للتدخلات العسكرية... سياسة أمريكية جديدة

الصين وروسيا... هل تنجحان في سد الفراغ الأمريكي بأفغانستان؟

الدبلوماسية بديلًا للتدخلات العسكرية... سياسة أمريكية جديدة

ترجمات - السياق

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: بعدما تغلبت القوات الأمريكية على انسحابها الذي وصفته بـ"المتسرع" من أفغانستان، وسلَّمت البلاد إلى "مستقبل غامض" في ظِل حُكم حركة طالبان، يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار مستشاريه للأمن القومي، يرون أنه يجب إعطاء الأولوية للدبلوماسية على التدخلات العسكرية.

وتساءلت المجلة، في تقرير: كيف يمكن لواشنطن الاتجاه نحو تبني الدبلوماسية، في بلد ليس لديه أي وجود للقوات الغربية، أو حتى سفير أمريكي على الأرض، فضلًا عن وجود مجموعة من القوى الإقليمية، لاسيما الصين وروسيا، التي تسعى إلى تقويض أي نفوذ قد تمارسه الولايات المتحدة على حُكام البلاد الجدد؟

وأشارت المجلة، إلى أنه على مدى الأسابيع الأخيرة، تحدَّت الصين وروسيا وباكستان علنًا، ثلاث ركائز أساسية لجهود الضغط الدبلوماسي الأمريكي المحتمل: التهديد بفرض عقوبات دولية، وحظر الاعتراف الدبلوماسي، وتقييد تقديم مساعدات إعادة الإعمار لطالبان، أثناء محاولتها تشكيل حكومة.

ونقلت المجلة عن الدبلوماسي الصيني البارز، جينج شوانج، قوله في خطابه أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن "الوقت قد حان لجلب طالبان إلى المسرح الدولي، ومحاسبة القوات الأمريكية والقوات الغربية الأخرى، على الجرائم المرتكبة في أفغانستان"، مشيرة إلى أن روسيا أيضًا انتقدت جهود الإجلاء التي تقودها الولايات المتحدة، حيث اعتبرت أن رغبة المهنيين الأفغان في الهجرة، تهدِّد جهود إدارة الحكومة ومتابعة التنمية.

وتابعت: "أما باكستان، التي طالما وفَّرت ملاذاً آمناً لمقاتلي طالبان، فهي تحث القوى الرئيسة على ضرورة التعامل مع الفائزين الجدد بالحُكم، ومساعدتهم في إعادة بناء البلاد".

وقالت المجلة: رغم تجاهل طالبان لالتزامها تجاه الولايات المتحدة، بالتفاوض على انتقال سياسي سِلمي، واستيلائها، بدلاً من ذلك، على المدن الرئيسة في البلاد بالقوة، فإن المسؤولين الأمريكيين يصرون على أن لديهم بعض النفوذ على الحركة، التي قالت "فورين بوليسي" إنها فشلت لعقود في تحجيمها باستخدام القوة العسكرية، إذ يرى هؤلاء المسؤولون أن طالبان تعاونت -نهاية المطاف- في الجهود الأمريكية لإجلاء أكثر من 120 ألف أجنبي وأفغاني من البلاد.

وأضافت: "حتى أن كبار المسؤولين الأمريكيين، أثاروا إمكانية التعاون المحدود مع طالبان، التي وفَّرت ملاذاً آمناً لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وأعضاء التنظيم، قبل هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، لمحاربة تنظيم داعش الذي يعد عدواً مشتركاً لهما، كما يأمل المسؤولون الأمريكيون أن تتعاون الصين وروسيا، اللتان تشاركتان الولايات المتحدة في مصالحها، المتمثِّلة في منع أفغانستان من أن تصبح ملاذاً للإرهابيين الدوليين".

وأوضحت المجلة: رغم الاختلاف على النهج، فقد أشار المسؤولون الأمريكيون، إلى أن الصين وروسيا لم تعترفا رسمياً بطالبان، أثناء عملها على تشكيل حكومة، كما سمحت كل منهما، مؤخراً، بتمرير قرار لمجلس الأمن الدولي، يعكس أهداف السياسة الأمريكية، بما في ذلك المطالبة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لدعم الإرهاب، والدعوة للسماح بوصول غير مقيَّد لعُمّال الإغاثة إلى السكان، فضلاً عن أهمية دعم حقوق الإنسان للمرأة والأقليات، والحث على تسوية سياسية شاملة، عن طريق التفاوض مع الفئات الأفغانية الرئيسة.

ورأت المجلة، أن إدارة بايدن ستواجه قريباً اختباراً صعباً لمدى استعدادها لممارسة الضغط على طالبان، مشيرة إلى أنه مع سيطرة الحركة على معظم أراضي البلاد، ونقل الولايات المتحدة وفدها الدبلوماسي إلى الدوحة، فإن ممارسة الضغوط على الحركة، ستتعارض مع مصلحة الولايات المتحدة، في الحفاظ على الاتصال بقيادتها.

وقالت "فورين بوليسي": رغم أن المسؤولين الأمريكيين يتبنون نهج الانتظار والترقُّب للتعامل مع طالبان، فإن العديد من النُقاد ما زالوا متشككين في إمكانية الوثوق بالحركة للالتزام بتعهداتها.

ونقلت المجلة عن خبير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، ريتشارد جوان، قوله: "يبدو بالتأكيد أن الصين وروسيا ترغبان في إظهار أنهما لن تقبلا تبني نهجٍ قاسٍ تجاه طالبان، لأنه ليس من المرجَّح أن يضحّي الصينيون والروس بعلاقاتهم مع الحركة، بسبب مخاوف الدول الغربية بشأن حقوق الإنسان في أفغانستان، لكنهم سيفعلون كل ما يعتقدون أنه ضروري للحفاظ على استقرار كابل المجاورة".

وقالت المجلة إنه مع اقتراب طالبان من السيطرة على كابل، أجلت كل الدول تقريباً موظفيها الدبلوماسيين من أفغانستان، وأبقت كل من الصين وروسيا سفارتها مفتوحة هناك، وهو ما اعتبرته "العلامة الأكثر وضوحاً" حتى الآن، على أن البلدين يستكشفان طرقاً للاستفادة من هزيمة الولايات المتحدة، وتطوير طرق جديدة للمنتصرين في طالبان.

وتابعت: "ولكن في الوقت نفسه، تستخدم بكين وموسكو هزيمة الولايات المتحدة الشرسة في أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب، كدعاية لانقلاب ضد واشنطن، إلا أنه مازال بعض الخبراء يعتقدون أن شعور موسكو وبكين بالشماتة لن يدوم طويلاً، حيث تستعد القوى الإقليمية لمستقبل غامض، واحتمال صعود جماعات إرهابية جديدة، من الفوضى الموجودة الآن في كابل".