طالبان عادت لتنتقم... قوات الشرطة والصحفيون والنساء في مرمى نيران المسلَّحين
حُكم طالبان الوحشي يعود... تعذيب النساء وقتل الصحفيين ورجال الأمن والشرطة

ترجمات - السياق
تطمينات كثيرة، بثَّتها حركة طالبان، لحظة سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابل، إلا أنها سرعان ما تحوَّلت إلى سراب، بعد أن نفَّذت الحركة المسلَّحة إعدامات، لعدد من قوات الشرطة والجيش، ومدنيين.
تلك الإعدامات، لم تتوقَّف عند هؤلاء المسؤولين، بل طالت صحفيين وأقرباء لهم، إضافة إلى تنكيل وتعذيب للنساء ومنعهن من الخروج، في رسائل تكشف عن نية حركة طالبان، بأنها جاءت لتنتقم.
وثيقة سِرية من الأمم المتحدة، كشفت عنها مصادر صحفية، قالت إن حركة طالبان، كثَّفت عمليات البحث عن أفغان، تعاملوا مع القوات الأمريكية والأطلسية، مشيرة إلى أن الحركة المسلَّحة وضعت قوائم ذات أولوية، للذين تريد توقيفهم.
وبينما حذَّرت الوثيقة، من أن الأكثر عُرضة للخطر، هم الذين كانوا يشغلون مناصب، في صفوف القوات المسلَّحة الأفغانية والشرطة والاستخبارات، أكدت أن الحركة نفَّذت زيارات، استهدفت منازل الذين تريد توقيفهم، ومنازل عائلاتهم.
تجنيد مخبرين
وبدأت «طالبان» تجنيد مخبرين للعمل لحسابها، كما بدأت توسيع قائمة أهدافها، من خلال الاتصال بالمساجد والصرافين، بحسب الوثيقة، التي أشارت إلى أن الحركة المسلَّحة بدأت تدقق هويات الراغبين في الوصول إلى مطار كابل، وأقامت نقاط تفتيش في المدن الكبرى، بما فيها العاصمة وجلال آباد.
وقالت مجلة نيوزويك الأمريكية -في تقرير ترجمته «السياق»- إن حركة طالبان، أعدمت الحاج الملا أشاكزاي، قائد شرطة إقليم بادغيس، بالقرب من هرات بأفغانستان.
وأشارت إلى أنه، في مقطع فيديو، تم تداوله على «تويتر»، يمكن رؤية أشاكزاي معصوب العينين، راكعًا على ركبتيه، بينما كان محاطًا بأفراد من طالبان، أطلقوا النار عليه.
ونقلت المجلة الأمريكية، عن مستشار الأمن الأفغاني ناصر وزيري، الذي كان يعرف أشاكزاي، قوله، إن الجماعة المسلَّحة شاركت الفيديو عبر شبكة مرتبطة بطالبان، مؤكدًا التحقُّق من الفيديو من قبل ضباط شرطة ومسؤولين حكوميين.
وأشار إلى أن مسلَّحي طالبان، كانوا يبحثون عن أشاكزاي، الذي حارب الحركة منذ فترة طويلة، إلى جانب الحكومة المدنية الأفغانية، التي سقطت عندما سيطر المتمرِّدون على البلاد، مؤكدًا أنه كان محاطًا بطالبان، ولم يكن أمامه خيار سوى الاستسلام.
استهداف الحكوميين
أشاكزاي، الذي كان مسؤولًا رفيع المستوى في المخابرات الأفغانية، أحد المسؤولين الحكوميين المدنيين، المستهدفين حاليًا من قِبَلِ طالبان، التي سيطرت بسرعة على البلاد، بحسب «نيوزويك».
وأكد وزيري، أنه هو ومستشارون كبار شاركوا مؤخرًا في دردشة جماعية عبر الإنترنت، تضم 100 مسؤول أفغاني، اعتادوا العمل مع الحكومة المدنية، مشيرًا إلى أن الحُكام وشخصيات السُّلطة المحلية وضباط الشرطة رفيعي المستوى وكبار المستشارين، كانوا مع آخرين، جزءًا من هذه المجموعة.
وقال مستشار الأمن الأفغاني، ناصر وزيري، إن الغرض من قناة الاتصال هذه، هو التحقُّق من مكان كل فرد، والتأكد من أنهم بأمان وبعيدًا عن متناول طالبان، مشيرًا إلى أنهم يصلون إلى المجموعة، من خلال شبكات VPN ويحذفون رسائلهم لاحقًا.
اختراق المخابرات
«لدينا معلومات داخلية، عن أين ومَنْ ستضرب طالبان بعد ذلك»، يقول وزيري، مشيرًا إلى أنه عندما تمكنت طالبان من اختراق قاعدة بيانات المخابرات الأفغانية، لتعقُّب المسؤولين الحكوميين، تمكنت من الوصول إلى المعلومات والصور والقياسات الحيوية، ووثائق الهوية الوطنية.
كان أحد أصدقاء وزيري، حاكم منطقة لم يتم تحديد هويته لأسباب أمنية، مختبئًا في كابل حيث زارت طالبان مؤخرًا بعض أفراد عائلته في نورستين، وهي مقاطعة أفغانية.
وقال وزيري: «لقد أخرجت طالبان، الأسرة من منزلها وضربوها حتى تتمكن من تقديم معلومات عن المدينة، التي يمكن أن يكون فيها».
خدمة إنترنت محدودة
وتوقَّع وزيري، أن تتصاعد الأزمة، في ظِل حُكم طالبان لتؤثِّر في الحياة اليومية، مشيرًا إلى أن أفغانستان لديها الآن خدمة إنترنت محدودة، وجميع البنوك مغلقة، لأن بعض المناطق لا تصلها المواد الغذائية.
لم يقتصر استهداف حركة طالبان، على قوات الشرطة والأمن الأفغانية، بل إن ريبيكا هيلر، رئيسة برنامج مساعدة اللاجئين الدولية، ومقره الولايات المتحدة، قالت إن عميلة أفغانية أخبرتها بأن طالبان قتلت خمسة مترجمين في اليومين الماضيين، لعملهم مع الولايات المتحدة.
وقتل رجلان ينتميان لطالبان، المترجم أمداد الله همدارد، الذي كان يعمل في صحيفة «دي تسايت» الألمانية الأسبوعية، في أحد شوارع مدينة جلال أباد شرقي أفغانستان، في الثاني من أغسطس الحالي.
استهداف الصحفيين
من جانبها، قالت «دويتشه فيله» الألمانية، إن مقاتلين من حركة طالبان، قتلوا أحد أفراد عائلة صحفي يعمل فيها، وأصابوا شخصًا من أقربائه، بعد مطاردة للصحفي في أفغانستان.
وأشارت إلى أن مقاتلي الحركة، كانوا يبحثون عن الصحفي بين المنازل غربي البلاد، لكن تبين أنه ليس في أفغانستان، بل يعمل الآن في ألمانيا، مؤكدة أن أقاربه تمكنوا من الهرب، في اللحظات الأخيرة، من قبضة طالبان.
وأدان المدير العام لمؤسسة دويتشه فيله، بيتر ليمبورغ، بأشد العبارات، هذا العمل، داعيًا الحكومة الألمانية إلى التحرُّك.
وأضاف: مقتل قريب لأحد محررينا على يد طالبان، أمر مأساوي، ويظهر الخطر الشديد الذي يتعرَّض له العاملون معنا وعائلاتهم في أفغانستان، مشيرًا إلى أن طالبان تجري بالفِعل بحثًا منظمًا عن الصحفيين، في كابل والولايات الأفغانية.
وبحسب الوكالة الألمانية، فإن طالبان فتَّشت منازل ثلاثة صحفيين على الأقل من دويتشه فيله، وتم اختطاف أو قتل صحفيبن من وسائل إعلام أخرى، إذ يُعتقد أن طالبان اختطفت نعمة الله هيمات، من محطة تلفزيون غرغشت الخاصة، وقتلت عمدًا طوفان عمر رئيس محطة إذاعة باكتيا غاغ الخاصة.
تعذيب النساء
النساء كان لهن نصيب كبير من ممارسات حركة طالبان، التي وُصفت بـ«الوحشية»، فمجلة نيوزويك الأمريكية، قالت إن الناس في أفغانستان، شهدوا على تعذيب حركة طالبان للنساء، منذ استيلائها على السلطة في 15 أغسطس الجاري، بعد أن سحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها قواتهم العسكرية من البلاد.
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن النساء مازلن يتعرَّضن للضرب والتعذيب، وأن الناس يتم إعدامهم، بينما قالت قناة أي تي في نيوز: إن أفغانية فرَّت من منزلها، هربًا من طالبان.
وقالت المرأة، التي لم تذكر اسمها حفاظا على سلامتها، للقناة إن طالبان «لن تحترم المرأة ولن تعبأ بحقوقها».
وبينما تحدَّثت تقارير عن أن النساء يخشين السير في شوارع العاصمة كابل، أكدت تلك المرأة التي تحدَّثت إلى «أي تي في نيوز»: «نخشى ارتداء بعض الملابس والسير في الشارع، لأننا نخشى أن ينظر إلينا الطالبانيون ويعذبونا، لأننا نرتدي شيئًا مختلفًا... علينا أن نلبس البرقع، الشوارع خالية... لا نساء ولا فتيات في كابل».
وناشدت المرأة المجتمع الدولي المساعدة، قائلة: «أريد أن تساعدنا الأمم المتحدة وبقية العالم في هذه اللحظة، أشعر حقًا، بالحزن على هذا الوضع، أنا أعيش كمهاجرة في مسقط رأسي، في بلدي، يجب أن نعيش بحرية».
حُكم طالبان الوحشي
وقالت إن أفغانستان، قبل 20 عامًا، في ظِل حُكم طالبان الوحشي، عادت في غضون أسابيع، «فلا يمكننا العمل في الخارج، ولا يمكننا الالتحاق بالجامعة، ولا أعرف مستقبل أفغانستان، ولا مستقبل المرأة فيها».
ويمثِّل الانسحاب الأمريكي، نهاية أطول حرب خاضتها أمريكا في التاريخ، لكن الرئيس جو بايدن تعرَّض لانتقادات شديدة بسبب الانسحاب، وانخفضت شعبيته.
ومنذ أن بدأت القوات المغادرة تحت إدارته، أواخر الربيع، أحرزت طالبان تقدُّمًا سريعًا وتولَّت السلطة في 15 أغسطس الجاري، بعد أن نزل المقاتلون إلى العاصمة كابل.
وصباح الأحد، قبل ساعات من استيلاء طالبان على السُّلطة، فرَّ الرئيس الأفغاني أشرف غني خوفًا من إراقة الدماء إذا بقي، ودافع بايدن عن قراره، وألقى باللوم على الجيش الأفغاني، في السقوط السريع للبلاد، في يدي حركة طالبان.
ويتطلَّع آلاف الأفغان، إلى الفرار من البلاد، خوفًا من التعرُّض للعنف أو القتل، لأسباب بينها العمل مع القوات الغربية والحكومة السابقة.
وتكشَّفت مشاهد الفوضى، خلال عطلة نهاية الأسبوع في مطار كابل، حيث استولت الجماعة المتشدِّدة على السُّلطة، بينما سارع الآلاف إلى صعود طائرات الإجلاء، وحتى التشبُّث بها بعد إقلاعها.