دكتوراه محمد رمضان... أزمة كبيرة في مصر واعتذار للحكومة والشعب
72 ساعة من الجدل في مصر... الدكتوراه الفخرية لمحمد رمضان تدفع مركزًا ألمانيًا إلى الاعتذار للحكومة والجيش

السياق
72 ساعة من الجدل في مصر، بسبب منح الفنان محمد رمضان الدكتوراه الفخرية، من أحد المراكز الثقافية في لبنان، قبل أن يتراجع عنها الأخير ويعتذر لشعب مصر حكومة وجيشًا.
فـ«أحد مبادئنا الأساسية خدمة الإنسان وليس قتله»، تعليق من المركز الثقافي الألماني، الذي منح محمد رمضان الدكتوراة الفخرية، قبل أن يتراجع عنها، مؤكدًا أنه لم يكن يعلم شيئًا عن حادثة الطيار المصري المؤسفة «التي ندينها ونشجبها، مستنكرين الواقعة، وكذلك اللقاء والتصوير مع مطرب وممثل صهيوني الذي ندينه، ولذلك تم سحب الدكتوراه من محمد رمضان».
لكن ما قصة الدكتوراة الفخرية لمحمد رمضان؟ ومتى بدأت؟ وما سبب منحها للفنان المصري؟ ولماذا سحبها؟ وما علاقة السفارة الألمانية بالمركز الثقافي؟ وما شروط منح الدكتوراة الفخرية؟.. «السياق» تجيب عن تلك الأسئلة في هذا التقرير.
بدأت الواقعة بإعلان الفنان المصري محمد رمضان، الخميس الماضي، حصوله على الدكتوراه الفخرية من المركز الثقافي الألماني الدولي، التي تمنح لشخصيات مهمة في العالم.
وقال المركز الثقافي الألماني، في الشهادة التي منحها لمحمد رمضان: "كتقدير رفيع المستوى لما بذلتموه لنشر روح التسامح والعدالة والقيم الإنسانية والثقافية والعلمية...".
لم تمضِ ساعات على إعلان محمد رمضان، حصوله على الدكتوراة الفخرية، ونشره الشهادة عبر حسابه في «إنستغرام»، حتى بدأت حالة من الجدل، بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وناشطين، فضلًا عن تساؤلات انهالت على المركز الثقافي الألماني، من وسائل إعلام مصرية وعربية وخليجية، تستفسر عن الأسباب، التي حصل بموجبها رمضان على الشهادة.
وبينما قلل البعض من حصوله على الشهادة، قائلين إنها لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، طالب آخرون بسحبها من الفنان محمد رمضان، بعد تسبُّبه بفصل طيار مصري من عمله، ورفضه دفع التعويض، الذي قضت به المحكمة للأول، ما تسبَّب في وفاته قهرًا وحزنًا على مستقبله الذي ضاع.
سحب الدكتوراه
ساعات من الجدل، لم تنتهِ حتى بعد إعلان المركز الثقافي الألماني، سحب الدكتوراة الفخرية من الفنان رمضان، مقدمًا اعتذاره لشعب مصر حكومة وجيشًا «عن تكريم المدعو محمد رمضان ومنحه الدكتوراه الفخرية».
وأرجع المركز الثقافي الألماني، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، قراره إلى «قضية الطيار الراحل أشرف أبو اليسر مع محمد رمضان، التي كانت محل اهتمام وسائل الإعلام، وكذلك واقعة التقاط مطرب وممثل صهيوني، صورة تذكارية مع الممثل المصري، التي بسببها طالته اتهامات بالتطبيع مع إسرائيل».
وأشار المركز، إلى أنه لم يكن يعلم شيئًا عن الواقعتين، اللتين يدينهما ويشجبهما، ولذلك قررت إدارة المركز سحب شهادات التكريم من محمد رمضان.
كواليس التكريم
وعن كواليس منح الفنان محمد رمضان الدكتوراه الفخرية، قال الدكتور محمود الخطيب، رئيس المركز الألماني بلبنان، في تصريحات لوسائل إعلام مصرية: «كنت مسافرًا إلى أوروبا، واتصل بي أعضاء من مجلس الإدارة، وأخبروني بأن محمد رمضان فنان ومطرب، وله بصمة كبيرة في الوطن العربي، فقرأت عنه عبر جوجل، وعرفت الكثير من تفاصيل حياته»، مشيرًا إلى أنه «طلب منهم عمل تقصٍّ وتحرٍّ عنه وتم التوصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود مشكلة في منحه الدكتوراه الفخرية وتكريمه».
وأوضح رئيس المركز الثقافي الألماني: «ما إن كرَّمنا محمد رمضان، حتى قامت الدنيا ولم تقعد، ولم أكن أعرف تفاصيل دقيقة عن الفنان، حتى توالت عليَّ الاتصالات، من وسائل إعلام مصرية وعربية وخليجية».
وأشار إلى أن «المركز لم يحصل من محمد رمضان على أي أموال، لمنحه الدكتوراه الفخرية، وبدأنا ندقِّق ونمحِّص في تفاصيل حياة محمد رمضان، فوجدنا أن لديه مشكلة بأنه تسبَّب في مقتل طيار مصري، وقابل مطربًا إسرائيليًّا وعانقه والتقط معه الصور الفوتوغرافية، لذلك اتخذنا قرارًا بسحب الدكتوراه الفخرية منه».
جهات تتدخل
وتابع الخطيب: «تدخل كثيرون، لإعادة شهادة الدكتوراه الفخرية لمحمد رمضان، لكننا أصررنا على سحبها منه، لأن أحد مبادئنا الأساسية خدمة الإنسان وليس قتله، ولم ولن تعود هذه الصفة له».
وما إن سُحبت الدكتوراه الفخرية من محمد رمضان، حتى رد الأخير على القرار والضجة التي أثيرت ضده.
وقال محمد رمضان، في تصريحات صحفية: «عجبني رد مدير المركز لما قال محمد رمضان ميشتريش دكتوراه ولكن يشتري جامعة، تبقى اسمها جامعة محمد رمضان».
وأضاف محمد رمضان، أنه سعيد بتكريمه وحصوله على لقب سفير الشباب العربي أيضًا، لأنه يمثِّلهم في رحلة كفاحه، وسرد الصعوبات التي واجهته في وصوله إلى هذه النجومية: «بقدم أغاني تنسيهم همومهم وديونهم ومتاعبهم».
وبينما تجاهل الفنان المصري، الجدل الذي أثاره إعلان جهة التكريم، سحب الدكتوراه الفخرية الممنوحة له، وجَّه الشكر للإعلامية نضال الأحمدية، عبر "فيسبوك" وشكرها على تهنئته بتكريمه في لبنان.
ألمانيا تتبرأ من المركز
السفارة الألمانية في القاهرة، دخلت على خط الأزمة، نافية أية علاقة لألمانيا، بالمؤسسة التي منحت الفنان محمد رمضان الدكتواره الفخرية في لبنان.
وقالت السفارة الألمانية، في بيان عبر «فيسبوك»: «دائما نشعر بالارتياح لرؤية كم من الناس يحبون كلمة ألمانيا، لكن ضع في اعتبارك أنه ليست كل المؤسسات أو الشركات التي تقدِّم أو تستخدم كلمة ألمانيا معتمدة وتابعة للحكومة الألمانية».
شروط منح الدكتوراه الفخرية
الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميدة كلية الإعلام السابقة في مصر، قالت -في تصريحات صحفية- إن الدكتوراه الفخرية، تُمنح من جهة عالمية لها قيمتها على المستوى الدولي بشكل أكاديمي، وبمعايير دقيقة، لاختيار الممنوح له الدكتوراه.
وأضافت الأكاديمية المصرية، أن الحاصل على الدكتوراه الفخرية، يصل إليها بمعايير في غاية الدقة، سواء على المستوى الأكاديمي أو البحثي أو المجتمعي، وإفادة الإنسانية بشىء ذي قيمة كبيرة جدًا.
ويشترط في منح الدكتوراه الفخرية لشخص، أن يكون جديرًا بها، بحسب ليلى عبدالمجيد، التي انتقدت ما وصفته بـ«تفشي بعض الكيانات الوهمية» التي تمنح نفسها الحق في منح تلك الدرجة.
فتحي إبراهيم، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة بنها شمالي القاهرة، قال إن الدكتوراه الفخرية درجة علمية عالية، ولا تطلق من دون مقومات ولا على أي مجهود من أي نوع، مشيرًا إلى أنها تعكس تقدير جهة أكاديمية لشخص محترم أنجز مهام كبيرة، فاستحق التكريم عليها، وبذلك فإن ما يحدث من الجهات الأخرى غير المعتمدة، مجرَّد محاولات للترويج لها، أو رواج أكبر ونيل سُمعة كاذبة.
وتعجَّب أستاذ الإعلام، من مساواة البعض بين شخص درس 10 سنوات للحصول على لقب دكتور، وآخر حصل عليها بـ 100 دولار، مشدِّدا على أنه «يجب أن يحرص الإعلام على تسمية كل شخص، وفق دوره المحدَّد والتدقيق في الألقاب وصفة ودرجة الشخص، فالقضية أوسع من محمد رمضان».