هل تسقط المقاومة الوطنية الأفغانية حكومة طالبان؟

الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى أن تمول أحمد مسعود والمقاومة الأفغانية، لكن عليها أن تعترف بزيلنسكي الأفغاني أحمد مسعود، مشددة على أن نجاحه واضح للجميع، وحان الوقت لترك طالبان للسقوط والفشل

هل تسقط المقاومة الوطنية الأفغانية حكومة طالبان؟

ترجمات - السياق

أمراء حرب وسياسيون أفغان سابقون، على أهبة الاستعداد لمواجهة حركة طالبان المتشددة، بعدما شكلوا من منفاهم في الخارج "المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية" مطالبين الحركة الحاكمة بتشكيل حكومة أكثر شمولًا وتعددية.

مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، سلَّطت الضوء على آخر هذه التطورات، وتساءلت في تحليل للمؤرخ الأمريكي مايكل روبين: ما الفرق بين أفغانستان وأوكرانيا؟

وأجابت: الفرق قد لا يكون بالقدر الذي يتوقعه البعض.

أوكرانيا أولًا.

وبينت "ناشيونال إنترست" أن أوكرانيا استحوذت على المخيلة الغربية بطريقة لم تفعلها أفغانستان، إذ يتوجه القادة الأوروبيون ووفود الكونغرس إلى كييف، لالتقاط صور مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بإلحاح لم يفعله سوى القليل مع الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، مضيفة: "يعرف السياسيون الغربيون أنهم يكسبون من رؤيتهم مع زيلينسكي أكثر من العكس".

وأشارت إلى أن أشرف غني لم يكن زيلينسكي، لافتة إلى أنه لسنوات قبل "سقوط كابل"، نصحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ثم خلفه جو بايدن، بتسوية الأمور في بلاده، إلا أن "غني" قاوم في البداية، إذ إن امتيازات السلطة كانت هائلة، ولم يعتقد أن الولايات المتحدة ستتابع تهديداتها بمغادرة البلاد، لكن عندما جاء الضغط، هرب من قصره منتصف الليل، وسلَّما -واشنطن وغني- العاصمة لحركة طالبان.

وتضيف المجلة، أنه سرعان ما حطمت طالبان، بانتصارها، أي أمل في أنها مختلفة عن القوة الراديكالية القمعية، التي هيمنت على البلاد في السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية مباشرةً.

 

أسد بنجشير

بالحديث عن المقاومة الأفغانية، التي تحارب طالبان الآن، أوضحت "ناشيونال إنترست" أنه بينما يرغب بايدن في تجاهل أفغانستان، والتغاضي عن أي لوم جراء انسحابه المفاجئ من هناك، فإن الحقيقة أن العديد من الأفغان لم يتخلوا عن القتال، مشيرة إلى أنه بعد أن تحررت واشنطن من جهود الإدارة للسياسة الأفغانية، نشأ قادة حقيقيون يرفضون إخضاع شعوبهم.

واستشهدت المجلة بأحمد مسعود، نجل الراحل "أسد بنجشير" أحمد شاه مسعود، كمثال، مشيرة إلى أنه ربما أنفقت السفارة الأمريكية في كابل ملايين الدولارات -في استطلاعات- لإخبارهم كيف يشعر الأفغان خارج أسوار مجمع السفارة، لكن تلك الاستطلاعات كانت "كاذبة وخادعة"، ذلك أن الطريقة الأفضل، التحرك في أنحاء المدن والريف.

وبينت المجلة أنه خلال السنوات الأخيرة، أصبحت صور مسعود أكثر عددًا في كابل وضواحيها، وبارزة في المتاجر والمنازل وعلى اللوحات الإعلانية.

الانسحاب الأمريكي الخاطئ

وأضافت المجلة الأمريكية، أنه "حتى لو لم يعتقد بايدن أن انسحابه كان خطأ، فإن توقيته كان بالتأكيد خطأ كبيرًا، إذ أمر بإجلاء قواته خلال الصيف في ذروة استغلال طالبان للطقس في العمليات القتالية، بينما لو انتظرت الولايات المتحدة حتى الشتاء، ربما منحت الأفغان فرصة لمواجهة الجماعة المدعومة من باكستان والاستعداد لها جيدًا.

وكشفت "ناشيونال إنترست" عن أنه خلال الأسابيع الأخيرة، شنت جبهة المقاومة الوطنية بقيادة مسعود هجمات، وتمكنت بسرعة من السيطرة على معظم المناطق في بنجشير شمال العاصمة، وفي تخار شمال شرقي البلاد، وقرى في أندراب بولاية بغلان شمالي أفغانستان.

وبينت المجلة أن هذه الانتصارات، جاءت بعد أن فقدت طالبان مصداقيتها بشكل كبير، مشيرة إلى أنه رغم نفي المتحدث باسمها القتال في الشمال، فإن وسائل الإعلام نشرت صورًا لقتلى وتوابيت نقلوا إلى هلمند وقندهار.

وذكرت أن قوات مسعود نصبت كمينًا لتعزيزات طالبان، وأوقعت إصابات في صفوف الحركة جنوب بنجشير وفي منطقة تسمى (عبدالله خيل) بالولاية ذاتها.


خسائر طالبان

وأوضحت المجلة أن طالبان فقدت مقاتلين كثيرين وعربات حربية عدة في قرية قسان بأندراب، بينما وقعت كمائن مماثلة لقوات طالبان شمالي كابل، وبروان، وكابيسا، وتخار، وبغلان، وبدخشان، وبذلك تواجه طالبان مقاومة عبر مئات الأميال.

وحسب "ناشيونال إنترست" فإن طالبان لم تكن قادرة على اتخاذ أي قواعد لجبهة المقاومة الوطنية في هجوم مضاد، مشددة على أن ما تفعله قوات مسعود، في وادي بنجشير وأماكن أخرى في أفغانستان، يذكر الغرب بالمقاومة الأوكرانية الأولية ضد الهجوم الروسي.

وأشارت إلى أنه مثلما فعلت روسيا في مواجهة المقاومة الأوكرانية، تحتجز قوات طالبان رهائن مدنيين وتنفذ عمليات إعدام تعسفية حول أندراب، إذ تعتقد أن الانتقام من أقارب مقاتلي المقاومة سيضعف معنوياتهم، لكن -حسب المجلة- على العكس من ذلك يبدو أنه يقوي المقاومة ويحفزها.


وحشية طالبان

أدت وحشية طالبان أيضًا إلى انشقاق العديد من غير البشتون، والانضمام إلى جبهة المقاومة الوطنية، مشيرة إلى أنه من أشهر المنشقين حتى الآن القائد مالك دارا، الذي شغل منصب مدير المخابرات بشرطة طالبان في بنجشير.

 

كفاءة المقاومة

وترى "ناشيونال إنترست" أن خسائر طالبان في وقت مبكر جدًا من فصل الربيع، تُظهر كفاءة جبهة المقاومة الوطنية، من دون مساعدة خارجية وضد عدو مسلح بقوة، ومع ذلك فإن بسالة قوات مسعود تؤكد أن النصر ممكن.

بينت المجلة الأمريكية، أنه من غير المعقول ضخ عشرات الملايين من الدولارات لنظام طالبان باسم الإغاثة الإنسانية، مشيرة إلى أن هذا المال لا يذهب لمستحقيه، وإنما تستخدمه الحركة في ترسيخ سيطرتها وتسليحها.

وأضافت المجلة: الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى أن تموِّل أحمد مسعود والمقاومة الأفغانية، لكن عليها أن تعترف بزيلنسكي الأفغاني أحمد مسعود، مشددة على أن نجاحه واضح للجميع، ومن ثمّ فإنه حان الوقت لترك طالبان للسقوط والفشل.