بعد هزيمة حزب الله في الانتخابات البرلمانية... هل يخرج لبنان من عباءة إيران؟
أكد المحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم لـ السياق، أن الامتحان الأكبر الذي سيواجه النواب، يتمثل في القرارات الاقتصادية الخاصة بالإصلاح الداخلي ووقف الفساد، وهي الشروط التي يضعها المجتمع الدولي للإفراج عن الأموال اللبنانية بالخارج.

السياق
هزيمة مدوية لحزب الله وحلفائه بالانتخابات النيابية في لبنان، إذ حقق المستقلون مفاجأة من العيار الثقيل، واقتنصوا مقاعد فاقت التوقعات بكثير.
ولم يكن السقوط المدوي لحزب الله وحلفائه، المتمثل في فقدان الأغلبية البرلمانية، سوى بداية لإعادة تشكيل المشهد السياسي في لبنان، وفق تصريحات المهندس جاد دميان، منسق منطقة طرابلس عضو المجلس المركزي في حزب القوات اللبنانية لـ"السياق".
وأكد دميان أن نتائج الانتخابات البرلمانية، في ما يتعلق بحلفاء حزب الله، وتحديدًا التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون، كشفت إسقاط "الشرعية المسيحية" عن حزب الله، التي كانت تغطي سلاحه غير الشرعي.
وشدد دميان على أن الانتخابات أكدت أن الشعب اللبناني كان حاسمًا في مواجهة حزب الله وحلفاء "صفقات الفساد وضرب السيادة اللبنانية".
مواجهة سياسية
وقال القيادي في "القوات اللبنانية" إن هذه المرحلة تتطلب ما سماها "مواجهة سياسية واضحة المعالم تحت سقف البرلمان والمؤسسات"، من خلال تشكيل حكومة أغلبية والتخلص من حكومات وصفها بـ"التكاذب الوطني" تحت حجة التوافق.
وأوضح دميان أن هناك إصلاحات على المستوى السياسي والاقتصادي، يجب توحيد الجهود لتحقيقها، والخروج من الأزمة الراهنة، وأيضاً لتقديم نموذج جديد في الحياة السياسية اللبنانية.
واحتفظ حزب الله وحليفته حركة أمل، بالمقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً)، بينما خسر حلفاؤهما مقاعد في دوائر عدّة، وهو ما أفقدهم الأغلبية التي حصلوا عليها في الدورة الماضية 71 مقعدًا عام 2018، مقابل 62 مقعدًا في المجلس الحالي.
وبلغ عدد نواب حزب الله 15 نائباً، وحركة أمل 17 نائباً، والقوات اللبنانية 18 نائباً، والتيار الوطني الحر 17 نائباً، والحزب التقدمي الاشتراكي (بزعامة وليد جنبلاط) 9 نواب، بينما بلغت قوائم المستقلين والمجتمع المدني 15 نائبًا.
لحظة فارقة
من جانبه، يرى فادى عاكوم، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، في تصريحات لـ"السياق"، أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة لحظة فارقة في الحياة السياسية.
وقال عاكوم إن الواقع السياسي في لبنان بات مغايرًا تمامًا لما كان قبل الانتخابات النيابية، موضحًا أن المشهد تبدل، بعد أن فقد حزب الله وحلفاؤه السيطرة على المجلس النيابي بفقدان الأغلية.
ونوه المحلل السياسي اللبناني إلى أن نتائج الانتخابات فضحت أيضاً حزب الله وحلفاءه، خصوصًا دعايتهم بأن الشعب اللبناني يدعم وجودهم وسيطرتهم على مقدرات البلاد، وهو ما نفاه الشعب على أرض الواقع، عبر ما وصفها بـ"الضربة القاضية"، التي وصلت عمق دوائرهم الانتخابية وقوائمهم النيابية في كل المناطق.
ولفت عاكوم إلى أن الضربات التي تلقاها تحالف حزب الله والتيار الوطني وحركة أمل، جاءت من بعض الأحزاب القديمة مثل حزب التقدمي الاشتراكي، وحزب القوات اللبنانية، اللذين فتحا حربًا سياسية على هذا التحالف.
كلمة المستقلين
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، لم يغفل دور مفاجأة المستقلين، التي عدَّها تجسيدًا لرفض الشعب اللبناني لسيطرة تحالف حزب الله، إذ وصل 15 نائبًا من قوى التغيير المستقلين غير التابعين للأحزاب السياسية التقليدية للبرلمان، مؤكدًا أنهم مجموعة يجب ألا يستهان بها في مجلس النواب.
بيد أن عاكوم نوه إلى وجود معضلة تواجه مجموعة النواب المستقلين، وهي أن عددهم لن يكفي وحده لإحداث فارق حقيقي داخل المجلس النيابي، وبذلك سيضطرون إلى التحالف مع مجموعات أخرى من الأحزاب السياسية، ربما كانت من المتهمين بهدر المال العام، بحسب قوله.
على صعيد متصل، يرى المحلل السياسي اللبناني، أن هناك الكثير من التغيرات التي ستشهدها الأيام المقبلة، خصوصًا أن المشاورات المبدئية لاختيار رئيس مجلس النوا،ب يجب أن تبدأ مباشرة، وهو المنصب الذي كان من نصيب نبيه بري زعيم حركة أمل، نظرًا لعدم ترشح أي شخص آخر.
وينوه عاكوم إلى أن ما وصفهم بـ"دعاة التغيير" والمعارضين لحزب الله، قد يتجهون إلى عدم انتخابه، وبذلك فإن المشهد سيكون "صداميًا" بعض الشيء، من الجلسة الأولى للبرلمان.
عودة وئام باسيل بري
ثاني هذه التغيرات -بحسب المحلل اللبناني- يتمثل في عودة الوئام بين جبران باسيل ونبيه بري، إذ كانت العلاقات بين التيار الوطني وحركة أمل مقطوعة، بسبب خلافات بينهما، لكنه توقع أن تعود العلاقات، خاصة أن نتائج الانتخابات وضعته في المرتبة الثانية بعد حزب القوات اللبنانية عن الكتلة المسيحية.
ويرى عاكوم أن جبران باسيل قد يكون سببًا في بعض التوترات خلال الفترة المقبلة، في محاولة منه لإرضاء حزب الله وحركة أمل، مقابل مكاسب سياسية، خاصة أن لبنان على أعتاب الانتخابات الرئاسية، التي كان يطمح فيها باسيل.
وأكد المحلل السياسي اللبناني، أن الامتحان الأكبر الذي سيواجه النواب، يتمثل في القرارات الاقتصادية الخاصة بالإصلاح الداخلي ووقف الفساد، وهي الشروط التي يضعها المجتمع الدولي للإفراج عن الأموال اللبنانية بالخارج.
وتوقع أيضاً أن تكون بداية عسيرة على مجلس النواب، لكنها ستكون مؤشرًا على طبيعة المرحلة المقبلة، وستضع كل طرف أمام مسؤولياته أمام الشعب اللبناني، خصوصًا أن الفترة المقبلة "مرحلة إنقاذ الدولة اللبنانية".