حظر الهند تصدير القمح... يزيد من مخاوف انعدام الغذاء العالمي

تمتلك الهند نحو 10 في المئة من احتياطات الحبوب في العالم، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية، وهو فائض كبير ناتج عن دعمها الكبير لمزارعيها.

حظر الهند تصدير القمح... يزيد من مخاوف انعدام الغذاء العالمي

ترجمات – السياق

رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن قرار الهند، ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، حظر تصدير الحبوب، قد يؤدي إلى تفاقم أزمة نقص الغذاء في العالم، في وقت يثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية قلق صانعي السياسة، بعد أن كانت الدولة تسد فجوة العرض في الأسواق الدولية التي خلفتها حرب روسيا على أوكرانيا.

وتوقعت أن تتسبب خطوة الهند هذه في دفع أسعار الغذاء للارتفاع، وأن تغذي الجوع في البلدان الفقيرة، التي تعتمد على واردات هذه السلعة، ووصلت أسعار القمح إلى مستويات مذهلة بسبب مخاوف الإمداد الناجمة عن حرب أوكرانيا.

وقالت الصحيفة في تقرير: الحرب أوقفت إنتاج القمح في أوكرانيا وروسيا، وهما من الموردين الرئيسين، مشيرة إلى أن القتال والحصار في البحر الأسود أديا إلى تعطيل نقل الحبوب، كما أدى ضعف المحاصيل في الصين، إلى جانب الحر في الهند والجفاف في بلدان أخرى، إلى نقص غير مسبوق في الإمدادات العالمية من هذا المحصول الاستراتيجي.

وتمنع روسيا، السفن والشاحنات الأوكرانية المحملة بالحبوب من الوصول إلى البحر الأسود، وهو الطريق الرئيس للصادرات، ما يؤثر سلبًا في سوق الحبوب العالمي ويرفع الأسعار بشكل غير مسبوق، حيث إن أوكرانيا أحد المصدرين الرئيسين للذرة والقمح في العالم وأكبر مصدر لزيت دوار الشمس، بل تصنف بأنها سلة غذاء أو خبز أوروبا، وتعد من أكبر 5 دول مصدرة للحبوب في العالم.

إضافة لذلك، أعلن الجيش الروسي -قبل أيام- سيطرته على مدينة ماريوبول، التي تعرف بمينائها الاستراتيجي على بحر آزوف المتفرع من البحر الأسود، الذي يعد منفذًا مهمًا جدًا لصادرات الحبوب الأوكرانية.

وتمتلك الهند نحو 10 في المئة من احتياطات الحبوب في العالم، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية، وهو فائض كبير ناتج عن دعمها الكبير لمزارعيها.

 

تغيير اضطراري

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن حظر تصدير القمح، الذي أعلِن في إشعار وزارة التجارة الهندية، كان تغييرًا في البيانات السابقة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي أخبر الرئيس الأمريكي جو بايدن -في أبريل الماضي- بأن بلاده مستعدة لتزويد العالم باحتياطاتها، كما حثّ منتجي القمح على اغتنام الفرصة قائلًا إن المسؤولين الهنود والمؤسسات المالية يجب أن يدعموا المصدرين.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء زراعيين قولهم: استمرار الموجة الحارة وارتفاع درجات الحرارة، قد يؤثران في موسم الحصاد هذا العام، وهو ما قد يكون عاملًا في تغيير الحكومة الهندية مسارها وفرضها حظرًا على صادرات القمح.

وذكر بيان وزارة التجارة الهندية، أنه جرى حظر صادرات القمح على الفور، مع بعض الاستثناءات، لأن الارتفاع المفاجئ في سعر المحصول كان يهدد الأمن الغذائي لهذا البلد، في حين سيُسمح بالصادرات المحدودة على الطلب بشكل فردي، للحكومات التي تكون إمداداتها الغذائية مُعرضة للخطر.

كانت السلطات الهندية أعلنت حظر تصدير القمح، من السبت 14 مايو، خوفًا من تعرض أمنها الغذائي للخطر، وقالت مديرية التجارة الخارجية، في إعلان بالجريدة الرسمية: ارتفاع أسعار القمح عالميًا يهدد الأمن الغذائي للهند والدول المجاورة والضعيفة.

ورأت الصحيفة الأمريكية، أن حظر صادرات القمح من الهند قد يكون ضربة أخرى للمنظمات الدولية، التي تعمل على مواجهة التهديد المتزايد لانتشار الجوع على نطاق واسع.

 

تفاقم الجوع

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن برنامج الغذاء العالمي سبق أن حذر من أن 47 مليون شخص إضافي قد يعانون الجوع، في وقت تضاف آثار الحرب المتتالية إلى الأزمة الحالية المتمثلة في الزيادات الحادة لأسعار المواد الغذائية ونقص الأسمدة.

ونقلت الصحيفة عن كبير الاقتصاديين بالوكالة عارف حسين قوله: الوكالة كانت تجري مناقشات مع الهند للاستفادة من مخزونها لتخفيف النقص، موضحًا أن "برنامج الغذاء العالمي" حثّ الدول على عدم فرض حظر على الصادرات، لأنها قد ترفع الأسعار وتقلِّص الوفرة، مضيفًا: "نأمل أن تصغي الدول".

بينما قال أشوك جولاتي الاقتصادي الزراعي البارز في الهند: إعلان الوزارة انعكس بشكل سيئ على الهند، بالنظر إلى أنه يتعارض مع تعليقات الحكومة على الرغبة في توريد القمح للدول المحتاجة، مضيفًا: "إذا كان هناك اندفاع عالمي، يمكنك ترويضه بفتح الحدود بدلًا من إغلاقها".

ومن المرجح ألا تحظى هذه الخطوة بتأييد مزارعي الهند، في وقت قال فيه أحد المزارعين بولاية البنجاب يدعى رانبير سينغ سيرسا، إن الحظر سيؤثر -على الأرجح- في مزارعي القمح الذين استفادوا من ارتفاع الأسعار والطلب.

وقال سينغ سيرسا لـ "نيويورك تايمز": "إذا كان السعر سيرتفع، ليستقر على السعر الدولي"، متسائلًا: "مَنْ الذي يحاولون حمايته الآن على حساب المزارعين؟"، في إشارة إلى المستفيد من ارتفاع الأسعار مع وقف التصدير.

وحسب تقرير سابق لـ "نيويورك تايمز" فإن روسيا تعرقل وصول الحبوب الأوكرانية للأسواق العالمية، والحرب تؤدي إلى تعطيل الإمدادات من روسيا، أكبر مصدر للحبوب في العالم، وبذلك تضع تجارة القمح العالمية في مأزق، خصوصًا أن دولًا عدة حظرت تصدير عدد من منتجاتها الزراعية لتغطية حاجات الأسواق المحلية.

وأشارت إلى أنه بموازاة ذلك، تحظر أوكرانيا تصدير بعض الحبوب، مثل القمح والشوفان والسكر وغيرها من المواد الغذائية الأساسية كاللحوم والماشية، لضمان قدرتها على توفير الطعام لمواطنيها خلال الحرب مع روسيا، والتأكد من أن لديها ما يكفي من الغذاء لإطعام سكانها، في ظل الدمار الذي تلحقه القوات الغازية بالمزارع ومستودعات المحاصيل ومخازن الحبوب الأوكرانية.

يذكر أن روسيا وأوكرانيا توفران ما يقرب من ثلث صادرات العالم من القمح والشعير، التي ارتفعت أسعارها منذ اشتعال الحرب، ويشكل إنتاج البلدين المتحاربين من القمح نحو 14% من الإنتاج العالمي.

وتُعد روسيا أكبر مصدر للقمح عالميًا بـ 37.5 مليون طن، بينما تحتل أوكرانيا المركز الخامس في التصدير بنحو 18 مليون طن، وبذلك فإن سوق الحبوب العالمي مُعرض لهزات في الفترة المقبلة مع طول أمد الحرب، التي تأكل الأخضر واليابس في أوكرانيا، خصوصًا مع خفض الإمدادات الغذائية العالمية، وبلوغ الأسعار أعلى مستوى لها منذ عام 2011.