بعد سقوط كابل... هل تحافظ أمريكا على قيادة العالم؟
تساءل توغندهات، عن تداعيات سقوط العاصمة الأفغانية كابل، خلال الفترة المقبلة، مع تقدُّم حركة طالبان، واقترابها من حدود المدينة الأهم داخل البلاد، وأضاف: هل تستطيع واشنطن الحفاظ على عباءة القيادة العالمية بعد ذلك؟

ترجمات - السياق
قال توم توغندهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، إن "الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان بعد 20 عاماً، والكثير من الاستثمار في الأرواح والجهود، سوف يجعل الحلفاء والحلفاء المحتملين، في جميع أنحاء العالم، يتساءلون عمّا إذا كان يتعيَّـن عليهم الاختيار بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وإدراكهم أن بعض الديمقراطيات، لم تعد تتمتَّع بقوة البقاء بعد الآن».
وأكد أن لحظة إتمام الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ستكون كارثية على البلاد والعائلات الأفغانية، مشيرًا إلى أن الانسحاب الأمريكي من كابل، يمكن أن تكون له تداعيات على بُعد آلاف الأميال، في إشارة إلى إمكانية انتقال أثر الأرهاب إلى الغرب، كما كان يفعل تنظيم القاعدة.
وتساءل توغندهات، في مقال بصحيفة ذا ناشيونال، التي تصدر من أبوظبي، عن تداعيات سقوط العاصمة الأفغانية كابل، خلال الفترة المقبلة، مع تقدُّم حركة طالبان، واقترابها من حدود المدينة الأهم داخل البلاد، وأضاف: هل تستطيع واشنطن الحفاظ على عباءة القيادة العالمية بعد ذلك؟
وأشار إلى أن الانسحاب الأمريكي السريع، دليل على الافتقار إلى الصبر الاستراتيجي الضروري "لكونك حليفًا موثوقًا به"، مضيفًا: "لقد سحبنا البساط من تحت أقدام شركائنا الأفغان، بينما الآخرون يراقبون من كثب".
وقال إن الانسحاب الأمريكي، له آثار كارثية على العائلات الأفغانية "وتركت الأطفال الأيتام والآباء يبكون وحدهم"، وتابع: "بالنسبة لي، فإن الذكرى التي ستطاردني، كل مرة أحمل فيها طفلي، هي ذاكرة الأب الذي رأيته يحمل ابنته الملطخة بالدماء، يبحث عن المساعدة".
عقدان من التحديات
ورأى النائب البريطاني، أن الغرب -على مدى عقدين من الزمن- نجح رغم الإخفاقات والصعوبات، في تغيير الصعاب على الأرض، إذ توقَّفت حركة طالبان، عن محاربة الولايات المتحدة أو "الناتو"، كما توقَّفت عن محاربة الجيش والشرطة الأفغانيين، مضيفًا: "لقد بنينا الثقة مع الشعب الأفغاني، وقدَّمنا الدعم الذي يحتاجون إليه، لاستمرار العمليات ضد المتشدِّدين".
وقال: "لقد درَّبنا القوات الأفغانية على القتال كما نفعل نحن.. لقد ساعدناهم في تعلُّم كيفية دعم خطوط الإمداد، والقوة الجوية، والقدرة على الشراكة مع الحلفاء، إذ قدَّم الغرب سلاسل الدعم الجوي والخدمات اللوجستية، ما كان يعطي انطباعًا بالقدرة على النجاح".
وأضاف: "المتعاقدون الأمريكيون قاموا بصيانة طائرات الهليكوبتر، وزودنا القوات الأفغانية بالأسلحة، التي نتشاركها جميعًا في الغرب، ما جعل الأفغان يعتمدون عليها خلال المعارك أمام طالبان، لذلك عندما تم سحب هؤلاء المتعاقدين، نتيجة الموعد النهائي للانسحاب -المقرَّر في 31 أغسطس- تم إيقاف طائرات الهليكوبتر وانتهى الدعم الجوي، وهو ما يعني ترك حلفائنا غير قادرين على مواجهة المتشدِّدين، بل وغير مدرَّبين لما سيأتي".
ما هو أسوأ
الأسوأ من ذلك -حسب توغندهات- أن وجود الغرب كان يضاعف قوة الأمن الأفغاني، إذ كان انتشار "الناتو" البالغ قوامه 10000 جندي، العمود الفقري لقوات الأمن الأفغانية، ما منح الثقة بالتزام دائم لما يقرب من 400000 من الشرطة والجيش الأفغان في القتال أمام طالبان، مضيفًا: "بالنسبة لنا، هذه نسبة قوة فعالة، منحتنا الوقت لتدريب المهارات اللوجستية والتقنية لهؤلاء الجنود".
وتابع النائب البريطاني، أن كل ذلك أعطى التحالف المواجهة المستدامة، التي شهدت نمو المؤسسات المدنية الأفغانية ببطء، في ظِل حكومة كانت تتعلَّم كيف تدير الأمور، وأضاف: "ربما لم يكن الأمر مثالياً ولكن الوقت كان يسمح لثقافة التعاون، بأن تغرس جذورها في المجتمعات، في جميع أنحاء البلاد، ففي وقت سابق من هذا العام ، كانت في قندهار -عاصمة الجنوب- مدارس وكليات وفرص للفتيات".
واستدرك: لكن بدلاً من الانتظار -كما فعلنا في ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان وقبرص- انسحبنا، وأوضح أن عدد الجنود الأمريكيين الذين تم سحبهم من أفغانستان، البالغ عددهم 2500 جندي، بالكاد يمثِّل عُشر أولئك الذين تم نشرهم في الخليج.
وأشار إلى أن آخر جندي بريطاني، قُتل خلال العمليات العسكرية، كان عام 2013 ، موضحًا أن هؤلاء الآلاف من الجنود المتبقين، كانت مهمتهم الربط بين الجيش والشرطة، للحفاظ على استقرار الدولة المركزية في أفغانستان.
مستقبل للإرهاب
وحذَّر النائب البريطاني، من خطورة الانسحاب الأمريكي، قائلًا: "الآن يبدو المستقبل متوقَّعا للغاية، لقد رأينا هذه المسرحية... إذ يسمح الفضاء غير الخاضع للحُكم، بنمو الجماعات الإرهابية مثل داعش، التي هدَّدت الشرق الأوسط، أو حركة تركستان الشرقية الإسلامية، التي تسعى إلى فصل شينجيانغ عن الصين، وكلتاهما تم الإبلاغ عن نشاطها في أفغانستان مؤخرًا.
وتساءل: هل يمكن أن تكون هذه اللحظة -أي إتمام الانسحاب- النقطة التي تثبت فيها الولايات المتحدة للعالم، أنها لم تعد لديها الإرادة، أو ربما القدرة، للعب الدور الذي لعبته خلال الثمانين عامًا الماضية؟
وأضاف: "أيا كان ذلك، فهو تغيير هائل في مصداقية الولايات المتحدة وحلف الناتو، كما أنه يغيِّـر ديناميكيات تأثيرنا في جميع أنحاء العالم، وبالتأكيد سيؤدي إلى إضعافنا".
وشدَّد النائب البريطاني، على أهمية تحديث "الناتو" لخطط مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن المهمة الأولى للإدارات في الحلف، تحديث التحالفات الاستراتيجية، وإعادة التفكير في التزاماتنا بمكافحة الإرهاب في العالم.
وأضاف: "يمكننا إعادة بناء شراكاتنا، من خلال الاستثمار والتحالفات، حتى نصل إلى نتيجة مفادها بناء عالم من الأحرار، ومشاركتهم قيمنا، وليس العيش في خوف".