لماذا لم يمنع بايدن انهيار أفغانستان؟
كاتب أمريكي: سياسة الأنا تغلَّبت على الحِكمة في أفغانستان... وواشنطن أدرات ظهرها للحلفاء

ترجمات – السياق
انتقد الكاتب الأمريكي، مايكل روبين، سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن في أفغانستان، مؤكدًا أنه كان من الممكن تجنُّب انهيار البلد الآسيوي، بحلول الوقت الذي دخل فيه الأخير المكتب البيضاوي.
وقال روبين، وهو زميل في معهد أمريكان إنتربرايز، في مقال بموقع «1945» الأمريكي: "إن سياسة الأنا الأمريكية تغلَّبت على الحِكمة في أفغانستان"، مشيرًا إلى أن المهمة كانت في الأساس احتواءً وردعًا، إلا أنها تحوَّلت إلى مأساة.
وأشار إلى بيان الرئيس الأمريكي، في 14 أغسطس الجاري، الذي أضعف بايدن فيه موقفه، وألقى باللوم على سلفه في قبول الصفقة، التي أدت إلى الانسحاب الأمريكي.
تُهم مخادعة
ويرى روبين، أن إلقاء بايدن اللوء على ترامب في انهيار أفغانستان، مخادع في ثلاثة أشياء: أولاً، لم تلتزم طالبان باتفاقية السلام الموقَّعة في 29 فبراير 2020، وبذلك كان من الممكن أن ينسحب بايدن بسهولة.
ثاني تلك الأشياء -بحسب روبين- أن بايدن ألغى الاتفاقيات الأخرى، على سبيل المثال، في ما يتعلق بخط أنابيب Keystone XL والجدار الحدودي مع المكسيك، لذلك فإن إصراره على تقييد يديه أمر غير أمين، مشيرًا إلى أن ثالث تلك الأمور، أنه رغم إلقائه اللوم على دونالد ترامب، فإن بايدن اختار الإبقاء على مبعوث ترامب الخاص، زلماي خليل زاد.
وأشار الكاتب الأمريكي، إلى أن بايدن أنهى بيان الـ14 من أغسطس الجاري، بادِّعاء عباءة القيادة، قائلًا: كنت الرئيس الرابع، الذي يرأس القوات الأمريكية في أفغانستان -جمهوريان وديمقراطيان- لن أمرِّر هذه الحرب إلى حرب خامسة، ولن أمنعها.
زعامة زائفة
روبين، الذي انتقد تصرُّف الرئيس الأمريكي، قال إنه كان بإمكان بايدن، أن يقول بالسهولة نفسها: كنت الرئيس الرابع عشر الذي يرأس وجود القوات الأمريكية في كوريا -سبعة جمهوريين وسبعة ديمقراطيين- لن أمرر هذه الحرب إلى الخامسة عشرة ولن أفعل ذلك، مشيرًا إلى أن الشيء نفسه يمكن أن يقال بالنسبة لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في أوروبا.
وأكد الكاتب الأمريكي، أنه ربما في العقود الماضية، قد يدَّعي رئيس جهل المأساة الإنسانية، التي تسبَّبت فيها أفعاله، لكن الحال ليس كذلك في أفغانستان، فطالبان مثل الخمير الحمر، وبعد أن هزمت قوة عظمى، فإنهم سوف تعمل ضد شعبها، من دون عقاب.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة، خانت في عهد دونالد ترامب، الأكراد السوريين، ورغم ذلك فإن النُقّاد من اليسار واليمين عقلنوا تصرُّفه، إن لم يصفِّقوا، وهو السيناريو نفسه الذي يحدث الآن في أفغانستان، لكن على نطاق أوسع.
يقول روبين: «قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، ناقشت أستاذًا متحررًا في ولاية أوهايو، عن مكانة أمريكا في العالم، قائلًا، إنه في وقت من الأوقات، سأل الطلاب المجتمعين في القاعة -ربما في المجموع 125- عن عدد الذين سيكونون على استعداد للموت من أجل ليتوانيا، فلم ترتفع يد واحدة، ثم سأل عن عدد الذين يعتقدون أن الأمريكيين، بشكل عام، يجب أن يموتوا لمنع روسيا من التهام ليتوانيا مرة أخرى. ارتفعت يدان».
فداحة السياسة
الكاتب الأمريكي أضاف، أن عقود بايدن في مجلس الشيوخ شكَّـلت طريقة تفكيره، مشيرًا إلى أنه «يتبع المزاج العام أكثر من قيادته... إنه يقيس بحق أن الأمريكيين قد سئموا الصراعات في الخارج، ولا يفهمون أهمية كبح جماح القوات، التي من شأنها أن تقلب النظام الليبرالي، الذي تمتَّع به كل أمريكي، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية».
وكشف روبين عن فداحة السياسة الأمريكية، قائلًا: قد يكون الناتو مؤسسة في الغرب، لكن مهمته الأساسية تظل منسية إلى حد كبير، مشيرًا إلى أنه كان هناك تغيير في الأجيال، فمعظم أعضاء الكونغرس -وحتى بعض أعضاء الكونغرس– الذين ليس لديهم ذاكرة حقيقية للحرب الباردة، ينظرون على أن "الناتو" مجرَّد بنية أخرى.
يقول روبين: يركِّز الدبلوماسيون على الأشجار بدلاً من الغابة، تتفوق المناقشات عن مساهمات الأعضاء، على مناقشة متى وما إذا كان يجب القتال، خاصة أن روسيا تتحول إلى حرب المنطقة الرمادية، أو تستخدم متعاقدين أمنيين خاصين، أو ترسل ببساطة مسلَّحين من القوات الخاصة التابعة لها، من دون أي شعارات تعريف، بينما يدير بايدن بوقاحة ظهره للحلفاء.
تساؤلات مشروعة
وأشار الكاتب الأمريكي، إلى أن الانسحاب من أفغانستان، يجب أن يثير تساؤلات عمّا إذا كانت أمريكا ستفي بالتزاماتها تجاه "الناتو"، أو ما إذا كان بعض الرؤساء المستقبليين سيحاول ببساطة أن يدور حوله، في محاولة للتنصُّل منه.
وأكد روبين، أن على دول أوروبا الشرقية، إدراك أن بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، من المرجَّح أن يصوغوا تصريحات عن أخطاء توسَّع الناتو وضرورة تركيز واشنطن على مصالحها الأساسية في الغرب، مشيرًا إلى أنه رغم أن مسؤولي البنتاغون والدبلوماسيين، قد يعارضون التقليل من التزام أمريكا بسخط، فإن الحقيقة هي أن "الناتو" ميت يمشي.
واستهجن الكاتب الأمريكي ما وصلت إليه السياسة الخارجية لبلاده، قائلًا في ختام مقاله: «إنه لأمر مخزٍ أن نقول ذلك، لكن إذا انتقلت روسيا إلى دول البلطيق أو بولندا غدًا، ستكون أوروبا بمفردها».