مَنْ المسؤول عن هزيمة أمريكا في أفغانستان؟
مسؤول أمريكي سابق يعترف بفشل بلاده ويحدِّد المتورِّطين في هزيمتها بأفغانستان

ترجمات - السياق
كشف جيد لويد بابين، المسؤول في وزارة الدفاع، إبان إدارة الريس الأمريكي الأسبق جورج بوش، أسباب هزيمة بلاده في أفغانستان، بعد 20 عامًا من حرب خلَّفت آلاف القتلى والجرحى، مشيراً إلى أن إعادة احتلال طالبان لأفغانستان، تتقدَّم بسرعة، في مواجهة مقاومة ضعيفة من قوات الأمن الأفغانية، مضيفًا: "الحقيقة أننا هُزمنا هناك، بالطريقة نفسها، التي هُزمنا بها في فيتنام".
وعدَّد "بابين"، وكيل وزارة الدفاع الأمريكية الأسبق، في مقال بصحيفة واشنطن تايمز، أسباب الهزيمة، والمسؤولين عنها، بقوله: إن التاريخ سيجد قريبًا أن هناك الكثير من اللوم على هزيمة أمريكا في حرب أفغانستان، التي استمرت عشرين عامًا، ولابد أن يتحمَّله الرؤساء ونواب الرئيس وأعضاء مجلس الوزراء ومستشارو البيت الأبيض، وكذلك الجنرالات الذين أداروا الحرب.
ورأى "بابين"، أنه ليس من الصعب تحديد المنظمات والأشخاص الذين اتخذوا القرارات السيئة، التي تضاعفت على مدى عشرين عامًا، لتشمل أسباب هزيمة بلاده، وأضاف: "قبل أن نفعل ذلك، من الضروري تحديد مكوِّنات هذه الهزيمة، وبذلك تحديد المسؤولين عن اتخاذ القرارات التي أدت إلى ذلك".
فشلنا في زرع الديموقراطية في أفغانستان
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، كان صاحب قرار إطاحة حكومة طالبان، ومعاقبة تنظيم القاعدة، وتقديم أسامة بن لادن إلى العدالة، ومن ثم إحلال السلام والديمقراطية في أفغانستان، حسب رأيه.
وأضاف: أطحنا حكومة طالبان بسرعة، لكنهم لم ينتهوا للأبد، ولم يقطعوا علاقاتهم بتنظيم القاعدة، فقد استغرق قتل بن لادن عشر سنوات، ومن ثم فإن السلام لم يأتِ إلى أفغانستان، وبذلك فشلت محاولتنا في زرع الديمقراطية في هذا البلد.
وتابع: لقد كانت استراتيجية بوش، لبناء الدولة الأفغانية، معيبة بشكل أساسي، لأن الإسلام يُحرم الفصل بين الدين والدولة، ومن ثم كان من السهل على طالبان، إقناع الشعب الأفغاني، بأننا كنا أعداء نحاول سرقة دينهم، ولذلك فإننا -بفشلنا في هزيمة الفِكر المتطرف- لم نتمكَّن من الفوز في أفغانستان ولا العراق.
وشدَّد "لويد بابين" في مقاله، على أن استراتيجية بوش وأفعال خلفائه من بعده، فشلت في منع الصين وروسيا وباكستان وإيران، من دعم طالبان بالمال والسلاح.
ورجع في حديثه إلى بداية الحرب، إذ قال إن العملية التي أطلق عليها "الحرية الدائمة" بدأت 7 أكتوبر 2001، عندما دخلت أول وحدة من القوات الخاصة للجيش الأمريكي أفغانستان، وفي نوفمبر من العام نفسه، أخبر وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد -كما كتب في مذكراته- الرئيس بوش بأن يقتصر دور الولايات المتحدة، على إنهاء وصول الإرهابيين إلى أفغانستان، حتى لا تكون وِجهة لهم يتجمعون فيها، وهو ما وافق عليه بوش لاحقًا.
المسؤول الأول جورج بوش
وأمام ذلك، حمَّل كاتب المقال، الرئيس الأسبق بوش، مسؤولية الهزيمة في أفغانستان، قائلًا: "إن استراتيجية بوش هي سبب خسارتنا في أفغانستان والعراق"، كما حمَّل نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد تشيني، ووزير الخارجية آنذاك كولن باول، اللوم نفسه في الهزيمة، لأنهما لم يقدِّما النُّصح بشأن العمليات في أفغانستان.
كذلك لم يستثنِ المسؤول الأمريكي السابق، الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب من تحمُّل مسؤولية ما يحدث في أفغانستان، قائلًا: يجب أن يتشارك كل منهما اللوم، كما يجب على الرئيس بايدن، بصفته السابقة كنائب لأوباما، أن يقف إلى جانبه بشأن هذه الاستراتيجية، لأن أوباما استسلم عمدًا للحرب الأيديولوجية، ودعم استراتيجية بناء الدولة كفِكرة لاحقة، بينما لم يرَ ترامب ضرورة الحرب الأيديولوجية واستمرار بناء الدولة، لعدم وجود فِكرة أفضل.
جنرالات الحرب
وألقى وكيل وزارة الدفاع الأسبق جزءًا كبيرًا من اللوم، على الجنرالات والأدميرالات، الذين أقنعوا أنفسهم بأن بناء الدولة واستراتيجية مكافحة التمرُّد، كانت ناجحة في أفغانستان ثم العراق.
وأضاف: الجنرالات مثل ديفيد بتريوس، القائد الأسبق للقيادة المركزية بالجيش الأمريكي، رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق، الذي كتب استراتيجية مكافحة التمرُّد، وآخرين ممن أصبحت أسماؤهم مألوفة مثل جورج كيسي -الرئيس السادس والثلاثون لأركان الجيش الأمريكي، وستانلي ماكريستال -قائد القوة الدولية للمساعدة في إرساء الأمن (إيساف)- وغيرهم، فإنهم لم يفهموا سبب عدم نجاح استراتيجية بناء الدولة الأفغانية، حتى أنهم، بعد أن تبين فشل هذه الاستراتيجية، استمروا في دعمها.
ورأى الكاتب أن هؤلاء الجنرالات، خدعوا أنفسهم بالاعتقاد بأن عشرين عامًا من التدريب الأمريكي، ضمنت أن الجنود الأفغان سيقاتلون لمنع وقوع كابل، بعد مغادرة القوات الأمريكية وقوات التحالف، وقد مكَّن هذا الوهم طالبان، من إعادة احتلال أفغانستان.
هل أمريكا قادرة على الفوز في أي حرب؟
وتطرَّق لويد إلى الضربات الجوية، ضد مقاتلي طالبان، التي أرسلها الرئيس بايدن لاستهداف الحركة في 7 أغسطس الجاري، لتغطية عملية الانسحاب الأمريكي، لكن لا يوجد أي دليل على أن هذه الضربات، أبطأت تقدُّم طالبان، حسب الكاتب.
وأضاف، أنه كان ينبغي على بايدن، أن يترك ما يكفي من القوة الجوية والقوات الخاصة والعمليات الاستخباراتية في أفغانستان، لمنع إنشاء ملاذات آمنة للإرهابيين، تمكنهم من شن هجمات ضد الولايات المتحدة أو ضد حلفائها، مشيرًا إلى أنه لو فعل ذلك، لكانت إعادة احتلال طالبان لأفغانستان، غير ذات أهمية تقريبًا.
وأشار كاتب المقال، إلى أن طالبان ستسيطر قريبًا على كابل، وتعيد تأسيس "إمارتها" في أفغانستان، وبذلك فإن الحقوق التي كان يتمتع بها الرجال والنساء الأفغان، في ظِل حكومة كابل، المدعومة من أمريكا، ستتبخر بين عشية وضحاها.
وتساءل وكيل وزير الدفاع الأمريكي الأسبق: هل أمريكا -في هذه المرحلة من التاريخ- قادرة سياسيًا على الفوز في أي حرب؟