حرائق تونس والجزائر.. هل استخدم الإخوان فقه الضرورة وسياسة الكوارث؟

لا يستبعد ماهر فرغلي، في تصريح لـ السياق، أن يكون المتسبِّب في حرائق البلدين، متعاونين أو متعاطفين مع تنظيم الإخوان، ليضاعفوا الأزمة داخل البلدين.

حرائق تونس والجزائر.. هل استخدم الإخوان فقه الضرورة وسياسة الكوارث؟

السياق

اتهامات رسمية، وجَّهها الرئيسان الجزائري والتونسي إلى جهات، بالتورُّط في ما يشهده البلدان من حرائق في الأيام الماضية، أودت بحياة العشرات من المواطنين ورجال الجيش، وأتت على مساحات واسعة من الغابات.

الرئيس التونسي قيس سعيد، قال -خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمجابهة الكوارث- بحضور رضا الغرسلاوي، المكلف بتسيير وزارة الداخلية: "إن تونس تواجه اليوم كوارث عدة، بعضها طبيعي ومنها الحرائق، لكن بعضها الآخر مفتعل ويصل إلى الجريمة"، واستدرك قائلًا "مَنْ يُشعل النيران سيحترق بألسنتها".

وشدَّد سعيد على "أن هناك مَنْ يعمل الآن على قطع مياه الشرب في بعض المناطق"، مشدِّدا على أن قطع المياه عن السكان، إجرام في حق التونسيين".

وتابع سعيد: "عاهدت الله والشعب، على أن أَمضي قُدمًا الى الأمام، والتاريخ لن يعود إلى الوراء"، مشدِّدا علي أنه سيتم التصدي لكل مَنْ يحاول إلحاق الأذى بتونس، وأنه لا عودة للوراء" وسيمضي قدمًا في خطة الإصلاحات، التي أعلنها ضمن قرارات استثنائية، 25 يوليو الماضي.

هذه التصريحات، اعتبرها مراقبون تونسيون، تحمل اتهامًا للإخوان بالتسبُّب في الكوارث التي لحقت بالبلاد، ضمن محاولاتهم الرد على القرارات التي اتخذها الرئيس.

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، كان أكثر وضوحًا من نظيره التونسي، في اتهامه لتنظيم الإخوان المتمثِّل في "حركة رشاد"، بالتسبُّب في حرائق الغابات، عندما وصف منظمتي رشاد الإخوانية والماك الانفصالية بـ"جراثيم الفتنة" محذِّرًا من فِتنة يحاول التنظيمان الإرهابيان، إيقاظها بشتي الطرق، على خلفية الحرائق.

وقال تبون، في خطاب متلفز: "إن معظم حرائق الغابات التي اجتاحت البلاد مدبَّرة من جهات تعرف جيدًا المنطقة وتضاريسها، وقصدت أن تكون بمناطق آهلة بالسكان".

وحذَّر مخاطبًا سكان ولاية تيزي وزو، التي شهدت الحرائق "حذار من الجراثيم، التي تحاول استغلال الفرصة للتفرقة... الشعب كله واحد، وسنستعمل القانون لصدهم".

وتابع الرئيس الجزائري محذِّرا "مَنْ يحاولون استغلال الأوضاع الصعبة، والتفرقة بين الجيش والشعب أقول لهم: إن المواطنين هم مَنْ ساعدوا الدولة في القبض على مشبوهين، وصل عددهم إلى 22 منهم 11 في تيزي وزو والبقية في عنابة وجيجل، والتحريات ستقوم بواجبها".

ونبَّه إلى ضرورة عدم منح الفرصة لمنظمتين إرهابيتين، للدخول بين الجزائريين لإحداث الفتنة، في إشارة إلى "رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية.

 

فقه الضرورة

ماهر فرغلي، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإرهابية، يقول لـ"السياق": "إن جماعة الإخوان قد تفعل أي شيء لتحقيق مصالحها، من باب الضرورات تبيح المحظورات".

ولفت فرغلي، إلى أنه ليس لديه معلومات كافية، عن تورُّط الإخوان في حرائق تونس والجزائر، لكنه في الوقت نفسه، يرى أن اتهامات الرئيسين الجزائري والتونسي، لها وزنها وتؤخذ بالاعتبار "فهي تعتمد على بيانات ومعلومات تقدِّمها الأجهزة الأمنية".

وتابع الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن تنظيم الإخوان عادة ما يلجأ إلى ما يعرف بـ"فقه الحال" أو "الضرورة"، ويلجأ إليه لتحقيق ما تقتضيه مصلحة الدعوة، فيبيح فِعل أي شيء قد لا يجوز شرًعا في وقت معين، إلا أنه يجوز في وقت آخر بسبب ظروف وواقع معين، يرى التنظيم فيه أن مصلحته تقتضي الأمر، كالاختباء وسط العامة مرتدين زيًا معينًا.

ولا يستبعد فرغلي، أن يكون المتسبِّب في حرائق البلدين، متعاونين أو متعاطفين مع تنظيم الإخوان، ليضاعفوا الأزمة داخل البلدين.

تاريخ دموي

تشير تقارير جزائرية أمنية، متداولة إعلاميًا، إلى مخطط مشترك بين الحركتين، لضرب استقرار الجزائر بدعم من أطراف أجنبية.

ومنظمة رشاد، حركة إرهابية انبثقت من "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية، التي تسبَّبت في مقتل أكثر من ربع مليون جزائري خلال التسعينيات، في ما يعرف بقانون السِّلم والمصالحة الوطنية الصادر عام 2005 بـ"العشرية السوداء" أو "المأساة الوطنية".

أما منظمة الماك، أو ما تعرف بالحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل، فحركة متطرفة تسعى إلى استقلال منطقة القبائل الأمازيغية عن الجزائر، وتتمثَّل استراتيجيتها في "اللعب بالمشكلات الاجتماعية والأبعاد العِرقية والأيديولوجية".

اتهامات الرئيسين الجزائري والتونسي لتنظيم الإخوان، بالوقوف وراء الحرائق، إذا صحت، نكون قد دخلنا مرحلة خطرة عنوانها "سياسة الكوارث"، هكذا يرى إدريس الكنبوري، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية.

وأوضح الكنبوري لـ"السياق" أنه إذا صحت هذه الاتهامات، وتبين من التحقيق مع المعتقلين صِحتها، نكون قد دخلنا مرحلة خطرة، عنوانها سياسة الكوارث في المنطقة المغاربية، كأسلوب جديد لممارسة الابتزاز السياسي للدولة، وإنهاكها وضرب الوحدة الوطنية.

ويتابع: "أعتقد أن هناك مَنْ يسعى إلى تسييس الحرائق في الجزائر خصوصًا أنها وقعت في منطقة ذات حساسية سياسية قوية، وهي القبائل، ومن ثم حصول صدام بين النظام وتيار الإسلام السياسي، الذي يريد -من خلال الحرائق- إظهار ضعف الدولة في التعامل مع الموضوع".

ويختم الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية: بالتأكيد سوف تكون للحرائق تبعات سياسية، وهو ما سوف يشكل ورقة استثمار رابحة لتيارات الإسلام السياسي، والحركات الانفصالية التي تريد ضرب الدولة المركزية، والتشكيك في أهليتها.