كما كان متوقعاً.. الجزائر توقف تصدير الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب

تصدر الجزائر منذ عام 1996 نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، إلى إسبانيا والبرتغال عبر خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا.

كما كان متوقعاً.. الجزائر توقف تصدير الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب
حقل غاز جزائري

السياق

في مؤشر جديد على تصاعد حدة التوتر بين البلدين الجارين، أمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الشركة الوطنية سوناطراك، بوقف العلاقة التجارية مع الشركة المغربية وعدم تجديد العقد، الذي انتهى في 31 أكتوبر 2021.

وقالت الرئاسة الجزائرية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون تسلَّم تقريرًا عن العقد الذي يربط الشركة الوطنية سوناطراك بالديوان المغربي للكهرباء والماء، المؤرخ في 31 يوليو 2011، الذي انتهى 31 أكتوبر 2021.

وأضاف بيان الرئاسة الجزائرية: «بالنظر إلى الممارسات ذات الطابع العدواني، من المملكة المغربية تجاه الجزائر، التي تمس بالوحدة الوطنية، وبعد استشارة الوزير الأول وزير المالية، ووزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، ووزير الطاقة والمناجم، أمر رئيس الجمهورية، الشركة الوطنية سوناطراك، بوقف العلاقة التجارية مع الشركة المغربية وعدم تجديد العقد».

وكان العقد مبرمًا بين شركة سوناطراك الجزائرية والديوان المغربي للكهرباء والماء، وينتهي مفعوله منتصف ليل الأحد 31 أكتوبر. ونتيجة عدم تجديد العقد، ستقتصر إمدادات الغاز الجزائري لإسبانيا، على أنبوب الغاز البحري ميدغاز، الذي دخل الخدمة عام 2011.

تعهد جزائري

 من جانبه، قال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، إن بلاده ستفي بالالتزامات المتعلقة بإمدادات الغاز لإسبانيا، ومستعدة للتفاوض بشأن أي كميات إضافية.

وأضاف عرقاب، عقب لقاء مع نظيرته الإسبانية تيريزا ريبيرا: «أكدنا لشركائنا في إسبانيا أن إمدادات الغاز الطبيعي لدينا بالكميات التعاقدية مع سوناطراك، نتعهد بها في إطار العقود المبرمة بين سوناطراك والشركات الإسبانية».

وقال: «لقد أكدنا لشريكنا الإسباني، أننا مستعدون أيضًا للحديث عن الكميات الزائدة، ووضعنا جدولًا زمنيًا لتسليم هذه الكميات»، مشيرًا إلى أن الجزائر -المورد الرئيسي للغاز لإسبانيا- ستزوِّد الإمدادات من خلال خط أنابيب الغواصة، وكذلك مصانع الغاز الطبيعي المسال.

بدوره، قال عبدالفتاح فاتحي، الخبير في الشؤون المغربية، في تصريحات صحفية، إن القرار على المستوى الجيوسياسي ستكون له تداعيات وصفها بـ«الخطيرة»، معللًا ذلك بقوله، إنه سيحطم آمال الشعوب المغاربية في تحقيق اقتصاد مغاربي متكامل.

طارق أقديم، الباحث في الاقتصاد الترابي، قال في تصريحات صحفية، إن القرار ستكون له خسائر على الاقتصاد المغاربي بنحو 120 مليون دولار، مشيرًا إلى أن جزءًا من الخسارة مرتبط بالعرض والطلب.

البدائل الجزائرية

وقال مسؤول بارز بالحكومة الجزائرية، لوكالة رويترز، إنه في حال حدوث أي تعطلات، فإن بلاده ستستخدم السفن لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى إسبانيا.

ويقول خبراء إن ذلك سيعني أن سوناطراك ستضطر لاستئجار المزيد من السفن، وهو ما سيغذي مزيدًا من الزيادات في أسعار الغاز الطبيعي المسال، بسبب زيادة أسعار الشحن إلى أكثر من الضعفين.

وأكدوا، أنه تحسبًا للخسائر والأضرار، التي يمكن أن يتكبدها الاقتصاد المغربي جراء وقف عبور الغاز، فإن الرباط قد تعتمد على حلول بديلة محلية وأخرى جديدة بالسوق الدولية.

وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ خلافات البلدين، التي تصل فيها الأمور إلى الأنبوب الذي بدأ أول مرة عام 1996، لكن الحديث المتواتر عن إمكانية عدم تجديد العقد مع المغرب، على خلفية قرار الجزائر قطع علاقاتها مع جارتها الغربية، أثار موجة من التعليقات، خصوصًا من وسائل إعلام إسبانية، شككت في إمكانية أن تستطيع الجزائر الوفاء بالتزاماتها، إذا استغنت عن الأنبوب العابر للمغرب.

وبحسب الخبير الجيوسياسي، في منطقة المغرب العربي، جوزف بورتر، فإن خط الأنابيب هذا، التابع للشركة المغاربية الأوروبية، الذي يمتد على طول 1400 كلم، يضخ 12 مليارًا من الأمتار المكعبة سنويًا، «تأخذ الرباط حصة تقدر بمليار متر مكعب، ما يمثل 97% من حاجاتها».

وتصدر الجزائر منذ عام 1996 نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، إلى إسبانيا والبرتغال عبر خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا.

وفي مقابل عبور خط أنابيب الغاز عبر أراضيها، تحصل الرباط سنويًا على نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يمثل 97 بالمئة من حاجاتها.

ويحصل المغرب على نِصفها في شكل حقوق طريق مدفوعة عينيًا، والنِّصف الآخر يشتريه بثمن تفاضلي، وفق خبراء.

المغرب يرد

من جهة أخرى، قال الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة عمر هلال، إن «الجزائر لديها أجندة سياسية تستعملها كمنفذ لمشكلاتها، بينما المغرب "لديه قضية وطنية مقدسة توحد شعبًا، وملكية عمرها خمسة قرون».

كانت الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس الماضي، واتهمته بارتكاب «أعمال عدائية»، وهو ما نفته الرباط.

وتشهد العلاقات بين الحين والآخر، توترات بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو، التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء الغربية، وتسعى إلى انفصاله منذ عام 1976.