أزمة أفغانستان تعرِّي تركيا... حماية مطار كابل نعم لكن لا للمهاجرين

ورقة ابتزاز جديدة في يد تركيا ... هل ينجح أردوغان في مساومة أوروبا بشأن اللاجئين الأفغان؟

أزمة أفغانستان تعرِّي تركيا... حماية مطار كابل نعم لكن لا للمهاجرين

السياق

ورقة ابتزاز في يده، يساوم بها تارة، ويطلق نيرانها تجاه الاتحاد الأوروبي تارة أخرى، بينما لا يبالي بالأحوال الإنسانية، التي يعيشها هؤلاء المهاجرون، الذين اعتبرهم الورقة الرابحة لابتزاز القارة العجوز.

موقف ظل سياسة ثابتة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ أن اندلعت أزمات ما يعرف بـ"الربيع العربي"، التي ساهمت تركيا في تأجيج نيرانها من ناحية، واستفادت منها من الناحية الأخرى، عبر التدخل في شؤون تلك الدول، واستغلال أبنائها كورقة لمساومة أوروبا في ملفات عدة، وجلب المزيد من المال، لمساعدة الاقتصاد التركي المتردي.

أفغانستان، التي كانت أحدث أوراق الرئيس التركي، لم تكن بعيدة هي الأخرى عن تلك السياسة التركية، فأردوغان الذي أعلن مساء السبت، إغلاق أبواب بلاده، أمام استقبال أي مهاجرين من ذلك البلد، ذهب بعتاده وأسلحته لحماية مطار كابل، في محاولة منه لوضع قدم لبلاده في المرحلة المقبلة، التي ستتسيَّد فيها حركة طالبان المسلحة البلد الآسيوي.

 

موقف متناقض

ذلك الموقف المتناقض، قال عنه مراقبون، إن الرئيس التركي يحاول الاستفادة بطريقة مزدودجة، مشيرين إلى أن رفضه استقبال اللاجئين الأفغان، ورقة يحاول بها جلب مزيد من الأموال من الاتحاد الأوروبي، لإنقاذ اقتصاده المتداعي، بينما توجد القوات التركية في مطار كابل، لإثبات حضورها في النظام الذي بدأ يتشكل في أفغانستان.

وقالت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية -في بيان- إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحث مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، علاقات البلدين، وقضايا إقليمية في مقدِّمتها تطورات أفغانستان وملف الهجرة.

وقال أردوغان، إن بلاده تتابع التطورات في أفغانستان، ويمكنها مواصلة مسؤولية تأمين وتشغيل مطار العاصمة كابل، إذا تهيأت الظروف المناسبة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيسهم في إزالة مخاوف جميع الأطراف، لا سيما المجتمع الدولي والشعب الأفغاني.

 

موجة هجرة

وبينما أشار أردوغان، إلى ضرورة احتضان الحكومة -المقرَّر تشكيلها- جميع أفراد الشعب الأفغاني، وتمثيله، شدَّد على أهمية بدء المحادثات، بين حركة طالبان وقادة الجمهورية في كابل، بشأن قضايا السلام والأمن.

وأكد الرئيس التركي، أن بلاده التي تستضيف 5 ملايين لاجئ، لا يمكنها تحمل عبء هجرة إضافي مصدره أفغانستان، مشيرًا إلى أنه لا مفر من اندلاع موجة هجرة جديدة، إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في أفغانستان وإيران.

وفي محاولة لمنع أي مهاجرين من أفغانستان، قال أردوغان، إن أنقرة تتباحث مع طهران في هذا السياق، وشدَّدت تدابيرها على الحدود الإيرانية.

إلا أنه عاد إلى سيرته الأولى، محاولًا ابتزاز أوروبا، قائلًا، إن هناك واجبات مهمة تقع على عاتق أوروبا، لحل الهجرة الأفغانية غير النظامية في أقرب وقت، قبل أن تتحوَّل إلى أزمة، مشيرًا إلى أن العبء الناجم عن ملايين اللاجئين السوريين، والتطورات الأخيرة في أفغانستان، تسبَّبا في زيادة الهواجس لدى الرأي العام المحلي.

وانتقد الاتحاد الأوروبي، قائلًا، إن موقفه المتردد، بشأن تلبية تطلعات تركيا المشروعة، المتمثِّلة في تحديث اتفاق الهجرة المبرم في 18 مارس 2016، يؤثِّر سلبًا في إمكانية التعاون في هذا المجال، مشدِّدًا على أنه ليس واقعيًا، أن يتوقَّع الاتحاد الأوروبي، المزيد من تركيا، من دون تنفيذ اتفاقية 18 مارس بكل بنودها.

 

المشاعر المعادية

وتصاعدت المشاعر المعادية، للمهاجرين في تركيا في السنوات الأخيرة، مع قيام عدد من السياسيين بحملات، لفرض قيود أكثر صرامة.

واندلعت التوترات مؤخرًا مع وصول آلاف الأفغان، الفارين من الحرب المتصاعدة في بلادهم.

وكان قادة الاتحاد الأوروبي، منحوا في يونيو الماضي، الضوء الأخضر للمفوضية الأوروبية، لاقتراح حزمة تمويل جديدة لتوسيع نطاق اتفاق الهجرة، بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، الذي يعود إلى عام 2016.

وتحصل تركيا، بموجب الاتفاق الجديد، على 3 مليارات يورو (3.6 مليار دولار) حتى عام 2024، بعد حزمة 2016، التي صُرفت منها لأنقرة 4 مليارات يورو، من 6 مليارات، تم الاتفاق عليها.

 

الانسحاب الأمريكي

ويمثِّل الانسحاب الأمريكي، نهاية أطول حرب خاضتها أمريكا في التاريخ، لكن الرئيس جو بايدن تعرَّض لانتقادات شديدة بسبب الانسحاب، وانخفضت شعبيته.

ومنذ أن بدأت القوات المغادرة، تحت إدارته أواخر الربيع، أحرزت طالبان تقدُّمًا سريعًا، وتولَّت السلطة في 15 أغسطس الجاري، بعد أن نزل المقاتلون إلى العاصمة كابل.

ويتطلع آلاف الأفغان، إلى الفرار من البلاد، خوفًا من التعرُّض للعنف أو القتل لأسباب، بينها العمل مع القوات الغربية والحكومة السابقة.

وتكشَّفت مشاهد الفوضى، خلال عطلة نهاية الأسبوع في مطار كابل، حيث استولت الجماعة المتشدِّدة على السُّلطة، بينما سارع الآلاف إلى صعود طائرات الإجلاء، وحتى التشبُّث بها بعد إقلاعها.