استمرت ساعتين.. تفاصيل عملية اغتيال زعيم داعش في سوريا
بعد منتصف ليل الأربعاء بقليل، استيقظ سكان بلدة أطمة السورية، الواقعة على الجانب الآخر من الحدود مع تركيا، على أصوات طائرات المروحية التي تصم الآذان بالقرب منهم، وكان في الطائرة فريق من القوات الخاصة الأمريكية، نزل وحاصر مبنى سكنيًا عبر مكبرات الصوت، نادى الجنود بالعربية: "على من في الداخل الاستسلام.

ترجمات – السياق
كشفت صحيفة إندبندنت البريطانية، تفاصيل العملية العسكرية الأمريكية شمالي غرب سوريا، التي استهدفت زعيم تنظيم داعش الإرهابي إبراهيم الهاشمي القرشي، الذي فجَّر نفسه وعائلته بمجرد أن بدأت القوات محاصرة منزله.
ويعد إرسال فرق لتنفيذ عمليات على الأرض، أمرًا شديد الخطورة، ولا تلجأ إليه الولايات المتحدة، إلا في الحالات التي يُنظر إليها على أنها أهداف "عالية القيمة" أو تلك التي تكون في ظروف صعبة، والمثال الأبرز على ذلك: الغارة التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في باكستان عام 2011.
وأوضحت "إندبندنت" أن المهمة شملت استخدام طائرات حربية من طراز أباتشي، وتنفيذ غارات جوية بطائرات من دون طيار، مبينة أن القوات الخاصة -بالاشتراك مع قوات أخرى- داهمت موقعًا في منطقة أطمة بمحافظة إدلب السورية أكثر من ساعتين، ما أسفر عن عدد من القتلى وتدمير بعض المباني، بحسب روايات شهود عيان.
صوت الطائرات
وروت "إندبندنت" تفاصيل العملية العسكرية، وأضافت:"بعد منتصف ليل الأربعاء بقليل، استيقظ سكان بلدة أطمة السورية، الواقعة على الجانب الآخر من الحدود مع تركيا، على أصوات طائرات المروحية التي تصم الآذان بالقرب منهم، وكان في الطائرة فريق من القوات الخاصة الأمريكية، نزل وحاصر مبنى سكنيًا عبر مكبرات الصوت، نادى الجنود بالعربية: "على من في الداخل الاستسلام".
ونقلت "إندبندنت"عن فتاة تدعى سيما (اسم مستعار) -تبلغ من العمر 22 عاما- قولها "سمعنا صوتًا من مكبرات الصوت يقول إن النساء والأطفال يجب أن يخرجوا من المنزل المستهدف"، مضيفة: "لم نكن نعرف أي منزل كان الهدف".
وعلى بُعد آلاف الأميال، في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، تابع الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس وكبار الجنرالات العملية.
وأشارت إلى أن التخطيط لمداهمة زعيم داعش، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، استغرق شهورًا، بينما كان بايدن قد أعطى الأمر النهائي للغارة الثلاثاء الماضي.
تفجير الإرهابي
وأكدت "إندبندنت" أنه بمجرد أن بدأت القوات محاصرة منزل القيادي الإرهابي، قام الزعيم المطلوب بتنفيذ المهمة بنفسه، حيث فجَّر قنبلة قتلته وأسرته، وفقًا لرواية المداهمة التي أدلى بها مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية.
وأوضحت أن الجيش الأمريكي، كان يراقب المنزل الذي قُتل فيه (القرشي) منذ شهور، ونقلت عن مسؤولين أمريكيين، قولهم "إنهم يعرفون أن القرشي عاش هناك مع مرافق، وأنه كان لا يزال مشرفًا بشكل مباشر على أنشطة داعش، في جميع أنحاء العراق وسوريا".
وأشارت إلى أنه قبل نحو أسبوعين، شن مقاتلو داعش هجومًا مأساويًا على سجن شمالي شرق سوريا، في محاولة لتحرير زملائهم من أعضاء التنظيم، مبينة أن هجوم 20 يناير استمر 10 أيام، وشهد اشتباك العشرات من مقاتلي داعش مع القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية، مؤكدة أن هذا الهجوم كان الأكبر لداعش، منذ انهيار خلافة الجماعة قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، وهو ما أثار تحذيرات من عودة ظهور التنظيم الإرهابي.
محاكاة
وكشفت "إندبندنت" أنه في وقت مبكر من ديسمبر الماضي، أنشأت المخابرات الأمريكية، نموذجًا يحاكي المبنى -الذي عاش فيه القرشي- حيث اعتقدوا أنه كان مختبئًا، وفقًا لمسؤول رفيع في إدارة بايدن.
ولفتت إلى أن المهندسين الأمريكيين "توقعوا أنه سيفجر المتفجرات التي بحوزته، بدلًا من القبض عليه، ومن ثم فقد درسوا هيكل المبنى جيدًا، لمعرفة ما إذا كان سينهار في مثل هذا الحدث".
وبالفعل -حسب الصحيفة- فقد فجَّر زعيم داعش ما يعتقد أنه حزام ناسف قوي، في وقت مبكر من العملية، بينما قال عمال الإنقاذ المحليون لـ "إندبندنت" إن 13 شخصًا قُـتلوا، بينهم ستة أطفال وأربع نساء.
وذكرت "إندبندنت" أن عائلة مدنية كانت تعيش في الطابق الأول من المنزل، بينما يعيش القريشي ومرافقه -مع عائلاتهم- في الطابقين الثاني والثالث، ونقلت عن مسؤول أمريكي، قوله: بسبب هذا الخطر الذي قد تتعرَّض له الأسرة الأخرى، أمر بايدن بهجوم جوي، وليس غارة جوية.
رواية أولية
ورغم هذه التفاصيل، التي نقلتها "إندبندنت" عن مصادر ومسؤولين في الإدارة الأمريكية، فإن الصحيفة البريطانية، عادت لتؤكد أنه "غالبًا ما تكون الروايات الأولية للعمليات العسكرية، التي يقدِّمها المسؤولون الأمريكيون غير دقيقة، وتتناقض مع الأدلة التي تظهر من مصادر على الأرض".
وأضافت: "لكن القتال لم ينتهِ بموت زعيم داعش، إذ حصَّن مرافق القرشي نفسه وعائلته في غرفة بالطابق الثاني، واشتبك مع القوات الخاصة الأمريكية، وسمعت سيما، التي تعيش في الجوار، المعركة من منزلها".
وقالت سيما: "سمعنا أصوات اشتباكات... أولًا، الطائرة، ثم صوت القصف، ثم في الثانية صباحًا ما بدا كأنه رشاشات من المروحية... وفي نهاية الأمر، قُتل المرافق المنتمي لتنظيم داعش وزوجته".
ونقلت الصحيفة، عن مسؤول أمريكي كبير، قوله: "قرب نهاية المهمة التي استغرقت ساعتين، تعرَّضت طائرة هليكوبتر أمريكية لهجوم من قوات معادية على الأرض، ربما تكون هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على المنطقة، ما أجبرها على الهبوط".
أما بعد الغارة، قالت سيما للصحيفة: فإن "المبنى الذي استهدفته العملية دُمِّر".