جان كلود... قصة طالب كونغولي يقاتل مع الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا
روت صحيفة غارديان البريطانية، قصة طالب كونغولي يقاتل مع الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا، مشيرة إلى أن آراءه المؤيدة لموسكو هي السائدة في معظم أنحاء إفريقيا

ترجمات - السياق
عندما وصل جان كلود سانغوا، من بلده الإفريقي –الكونغو- إلى روسيا، قبل عامين لدراسة الاقتصاد، لم يكن يتوقع أنه سيتحول إلى مقاتل ضمن صفوف الجيش الروسي، خلال العملية العسكرية في أوكرانيا.
وروت صحيفة غارديان البريطانية، قصة طالب كونغولي يقاتل مع الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا، مشيرة إلى أن آراءه المؤيدة لموسكو هي السائدة في معظم أنحاء إفريقيا.
وقالت الصحيفة في تقرير: جان كلود سانغوا -وهو طالب يبلغ من العمر 27 عامًا من جمهورية الكونغو الديمقراطية- يحمل السلاح في لوهانسك، رغم أن القتال إلى جانب الانفصاليين الموالين لروسيا، لم يُذكر في كتيبات جامعة لوهانسك، عندما انتقل إلى المنطقة الانفصالية مؤخرًا، لدراسة الاقتصاد.
وذكرت أنه عندما أعلن رئيس جمهورية لوهانسك الشعبية، التي يسيطر عليها الكرملين، التعبئة العسكرية للمنطقة في 19 فبراير الماضي، قرر سانغوا -مع اثنين من أصدقائه وزملائه الطلاب من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى- الانضمام إلى الميليشيا المحلية وحمل السلاح ضد أوكرانيا.
سبب القتال
وعن سبب انضمامه إلى القتال، رغم وجوده لدراسة الاقتصاد، قال سانغوا لـ "غارديان": "انضممت لأن الحرب جاءت إلى جمهوريتنا، فماذا كان يجب عليّ أن أفعل؟"، وأضاف عندما سُئل عن سبب قراره الانضمام إلى القتال: "العالم كله يقاتل ضد روسيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن سانغوا انتقل إلى روسيا قبل عامين للدراسة في روستوف، وهي مدينة قريبة من الحدود الأوكرانية، ثم انتقل إلى لوهانسك، التي استولى عليها الانفصاليون المدعومون من الجيش الروسي عام 2014.
وأفادت، بأن هناك تاريخًا طويلًا للأفارقة الذين يدرسون في روسيا، يعود للحقبة السوفيتية، التي قدمت العديد من المنح الدراسية لهؤلاء الطلاب.
وذكرت أنه بين أواخر الخمسينيات والتسعينيات من القرن الماضي، درس نحو 400 ألف إفريقي في الاتحاد السوفييتي، بينما انخفضت الأرقام بشكل كبير بعد سقوط الشيوعية، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا: أكثر من 17000 إفريقي مسجلون حاليًا في الجامعات الروسية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن سانغوا شارك في القتال ضمن قوات لوهانسك، لفترة تتجاوز الشهرين، حتى ظن العديد من أصدقائه الأفارقة أنه مات ونشروا رسائل وداع بحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينت أنه بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب، في 27 فبراير الماضي، نُشرت صورة سانغوا على الإنترنت عبر قناة (فيند يور أون) التي أنشأتها وزارة الشؤون الداخلية الأوكرانية على "تليغرام"، لتحديد الجنود الأسرى والقتلى، وقال المنشور إن القوات الأوكرانية قتلت سانغوا إلى جانب جندي إفريقي آخر.
وتعليقًا على ذلك، قال الطالب الكونغولي: إن ما سماه (العدو الأوكراني) عثر على هويتة العسكرية، ومن ثمّ ادعى موته، مضيفًا: "أنا على قيد الحياة، كما ترون، وأشارك الآن ضمن دوريات بشوارع لوهانسك بصفتي عضوًا في قواتها".
مشاعر مؤيدة
وترى "غارديان" أنه لا دليل على أن سانغوا وصديقيه هم فقط من يشاركون في الحرب ضد أوكرانيا من الأفارقة، مشيرة إلى أنه في حين أن قصة الطالب الكونغولي غير عادية، إلا أن مشاعره وآراءه المؤيدة لموسكو بالمسؤول عن الحرب هي السائدة في أجزاء كبيرة من إفريقيا.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن بول سترونسكي، الزميل المتخصص في الشؤون الروسية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله: "للأسف... يتصور الغرب أن العقوبات عزلت روسيا على مستوى العالم، وهو ما يمكن رؤيته عندما يتعلق الأمر بالمجتمع عبر الأطلسي والدول الآسيوية الثرية، لكن في عيون بقية العالم، خاصة القارة الإفريقية، فإن روسيا ليست معزولة إلى هذا الحد".
وأوضح أن موسكو منذ سنوات عدة تعمل على تنمية العلاقات مع القادة الأفارقة، إذ إن بوتين استضاف عام 2019، أول قمة روسية إفريقية، حضرها زعماء 43 دولة إفريقية، مضيفًا: "لذلك يعتقد الكثير في القارة الإفريقية أن الصراع مدفوع بتوسع (الناتو) وسياسات غربية متهورة".
ووفقًا لسترونسكي، يمكن تفسير بعض دعم إفريقيا لروسيا، من خلال المشاعر المعادية للغرب، النابعة من إرث الاستعمار الأوروبي، مشيرًا إلى الدور الكبير الذي لعبته روسيا في تضخيم هذه المظالم، من خلال حملات التضليل في القارة، حسب وصفه.
وأضاف: "في إفريقيا، اتُهم الغرب أيضًا بازدواجية المعايير، والاهتمام بأوكرانيا ولاجئيها أكثر من اهتمامه بالمآسي التي تتكشف في إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم".
معاداة الإمبريالية
وحسب "غارديان" فقد كان أكثر مؤيدي بوتين حماسةً منذ بداية الحرب، من أنصار الوحدة الإفريقية، ومعاداة الإمبريالية.
وعن ذلك نقلت الصحيفة البريطانية، عن كيمي سيبا، رئيس منظمة "طوارئ إفريقية" غير الحكومية، وأحد الشخصيات الإفريقية البارزين قوله: بوتين يريد فقط استعادة بلاده، إذ لم تتلطخ يداه بدماء العبودية والاستعمار... أفضله على كل الرؤساء الغربيين".
وبالمثل، قال زعيم الجالية النيجيرية في موسكو لصحيفة غارديان: "معظم النيجيريين هناك متعاطفون مع روسيا، القضية معقدة، لكن الغرب دفع روسيا إلى ذلك".
وحسب الصحيفة البريطانية، فإلى جانب القضايا الأخلاقية، اكتسبت روسيا موطئ قدم في إفريقيا، من خلال تطوير تحالفات دفاعية، وتزويد الحكام بالأسلحة من دون قيود، وتقديم نفسها كحليف ضد المتمردين المسلحين.
وأشارت إلى أن العديد من القادة الأفارقة، وأبرزهم رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، قال: "إنهم يعتقدون أن الجهود الغربية لتوسيع (الناتو) أسهمت في الحرب".
وأضافت: "رغم أنه من المحتمل أن تتأثر الدول الأفريقية بشكل غير متناسب بأزمة الغذاء العالمية الوشيكة، بسبب اعتمادها على القمح الروسي والأوكراني، فقد نقل بعض القادة الأفارقة اللوم عن نقص الغذاء وارتفاع الأسعار إلى الغرب، مستشهدين بروايات روسيا".
وأشارت إلى أنه يوم الجمعة الماضي، خلال اجتماع مع بوتين في سوتشي، ألقى الرئيس السنغالي، ماكي سال، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، باللوم على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على البنوك والمنتجات الروسية لتفاقم المشكلة، وابتعد عن انتقاد تصرفات روسيا، بما في ذلك حصارها للموانئ الأوكرانية.
ورغم هذا التأييد، فإن الصحيفة البريطانية، أفادت بأنه رغم نفوذها السياسي في أجزاء من إفريقيا، لم تشر موسكو إلى نيتها لتجنيد جنود من القارة أو أماكن أخرى لتعزيز قواتها، رغم ظهور تقارير تفيد بأن روسيا تواجه نقصًا في سلاح المشاة.
في المقابل، سارع مسؤولو الكرملين إلى التقليل من شأن التقارير التي تفيد بأن مئات من الرجال المحليين في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، تجمعوا خارج السفارة الروسية في أبريل، على أمل القتال في أوكرانيا.
ومع ذلك -حسب الصحيفة- فقد تبنت الأصوات الموالية للكرملين وجود سانغوا في لوهانسك كعلامة على العلاقات العسكرية المتنامية بين روسيا وإفريقيا.
ففي 31 مايو، نشرت قناة وارجونزو على "تليغرام" بقيادة الداعية الروسي الشهير سيمين بيغوف، مقطع فيديو لسانغوا يرتدي الزي العسكري ويقوم بدورية في لوهانسك.