الخلافات تضرب إخوان ليبيا... هل تعجِّل بسقوط حكومة الدبيبة؟

بحسب مراقبين، فإن بيان المجلس الأعلى للدولة، وضع المسمار الأخير في «نعش» حكومة الدبيبة، وكشف انشقاقات كبيرة داخل أكبر كتلة كانت تؤيد تلك الحكومة، متوقعين انهيارًا قريبًا لها

الخلافات تضرب إخوان ليبيا... هل تعجِّل بسقوط حكومة الدبيبة؟

السياق

أزمة سياسية «شائكة» تعانيها ليبيا، أشعلت فتيلها حكومة عبدالحميد الدبيبة، الرابضة على السلطة والرافضة لتسليمها، في وضع كشف مخاطر جمة تواجه البلد الإفريقي.

وبينما تعيش حكومة الدبيبة «المقالة» أيامها الأخيرة، وفقًا للاتفاق السياسي الذي تتكئ عليه، بدأ العقد ينفرط من حولها، بانسحاب الكتل التي كانت تؤيدها من مليشيات أو بعض قوات تنظيم الإخوان، بعد أن تساقط ورق التوت عنها.

ذلك الوضع تسبب في انشقاق داخل ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان الليبي، ما أدى إلى فشل المجلس في عقد جلسة مكتملة النصاب، للمرة الخامسة على التوالي.

وما إن فشل المجلس الإخواني في عقد جلساته للمرة الخامسة، حتى أصدر بعض أعضاء «الأعلى للدولة» بيانًا أكدوا فيه أن استمرارهم في مقاطعة الجلسات، حال دون بلوغ النصاب القانوني لانعقادها، بما في ذلك جلسة الاثنين.

 

إنهاء الاحتراب

وقال أعضاء بمجلس الدولة، وصفوا أنفسهم بأنهم «داعمون» للتوافق الوطني، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنهم يؤيدون التوافق الوطني، لإنهاء حالة الاحتراب والانقسام بين أبناء الوطن الواحد، وصولًا إلى المصالحة الوطنية الشاملة والاستقرار الذي يعبد الطريق إلى فضاء ديمقراطي، تجرى فيه انتخابات حرة ونزيهة يتطلع لها الشعب الليبي، معلنين استمرارهم في مقاطعة الجلسات.

وطالب البيان بنقاط عدة لاستعادة دور «الأعلى للدولة» واضطلاعه بمهامه «الوطنية»، بينها: دعوة رئيس المجلس لإعادة النظر في طريقة إدارته للمجلس بما يليق بالتحديات والمخاطر التي تعصف بليبيا، والابتعاد عن الزج بالمجلس في حسابات فئوية ضيقة، ومحاولة استغلاله في مشاريع تخدم مجموعات بعينها بعيدًا عن المصالح الوطنية العليا، في إشارة إلى تنظيم الإخوان الليبي والمليشيات المتحالفة معه.

وأكد أعضاء الأعلى للدولة، دعم جهود لجنة المسار الدستوري، مناشدين إياها بذل المزيد من الجهود، لإيجاد مساحة أوسع من التوافق مع لجنة مجلس النواب في الجولة التالية من الحوارات، المزمع عقدها الأسبوع المقبل في مصر.

وتستضيف العاصمة المصرية الجولة الثالثة من المشاورات الدستورية، بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، للتوصل لاتفاق على قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

مسيرة «توافقية»

وأضاف أعضاء "الأعلى للدولة" أنهم مستمرون في المسيرة «التوافقية» التي بدأوها بإقرار التعديل الدستوري الثاني عشر واختيار الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، مطالبين بعثة الأمم المتحدة باحترام إرادة الأجسام السياسية الشرعية ودعم القرار الوطني التوافقي، تناسقًا مع مهمتها الأساسية في ليبيا.

وبحسب مراقبين، فإن بيان «الأعلى للدولة»، وضع المسمار الأخير في «نعش» حكومة الدبيبة، وكشف انشقاقات كبيرة داخل أكبر كتلة كانت تؤيد تلك الحكومة، متوقعين انهيارًا قريبًا لها، خاصة بعد المواقف الأخيرة لمنافسه فتحي باشاغا، الذي رفض دخول العاصمة طرابلس حقنًا للدماء.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن التصدع في مجلس الدولة جاء بسبب تأييد كتلة للتوافق بين المجلسين، الذي أنتج حكومة باشاغا والتعديل الدستوري الثاني عشر، إلا أن سيطرة تيار معين على مجلس الدولة وفرض آرائه ورفضه للحوار هو الذي يهدد العملية السياسية في ليبيا.

 

ضغط على الدبيبة

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن الدفع بحكومة فتحي باشاغا لن يتم إلا بالتوافق مع المؤسسات السيادية، لا سيما المصرف المركزي، مشيرًا إلى أن أهمية مجلس الدولة لا تتعدى كونه مشاركـًا في المباحثات الدستورية بالقاهرة.

ورغم ذلك، فإن الأوجلي قال إن على مجلس النواب التواصل مع «الأعلى للدولة» وإيجاد صيغة توافقية على الحكومة، لأن توافق المجلسين سيشكل ضغطًا على الدبيبة لتسليم السلطة.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»: رغم الضغوط التي مارسها ويمارسها عبدالحميد الدبيبة وعائلته، من خلال «شراء وتأليب زعماء الميلشيات المارقة والخارجة عن القانون»، فإنها لم تفلح في إثناء كتلة في المجلس الأعلى للدولة عن المضي قدمًا في المصالحة الوطنية، واستعادة سيادة ليبيا ممن يريدون بقاءها دولة فاشلة.

وأوضح المحلل الليبي، أن «الدبيبة يقبض على رأس حكومة فاشلة رهنت نفسها ومستقبل ليبيا لدول تلعب دورًا مخربًا، لإرساء مفهوم الدولة الفاشلة الذي أصبح عنوانه العريض حكومة آل الدبيبة»، على حد قوله.

 

مراوغات المشري

وأشار المرعاش، إلى أن ما وصفها بـ«مراوغات» رئيس الأعلى للدولة خالد المشري، لن تفيد في عرقلة الاجتماع الذي سيكون أيضًا تصويتًا على شرعيته في البقاء على رأس المجلس، مؤكدًا أن الأخير يواجه مصير الإبعاد عن الرئاسة، لأن الأغلبية في المجلس تريد المصالحة الوطنية ودخول حكومة الاستقرار الوطني إلى طرابلس، ومباشرة مهام الحكم، وبدء الاستحقاقات الوطنية وتحقيق وحدة مؤسساتها الدولة، وإنهاء سيطرة الميليشيات عليها.

وختم المحلل الليبي تصريحاته، قائلًا، إنه بات واضحًا أن حكومة الدبيبة فقدت حتى الشرعية الدولية، تلك القشة التي كانت تتعلق بها في الحكم، ما يعجِّل بسقوطها.