أوراسيا ريفيو: من يقف وراء حوادث الاغتيال في الحرس الثوري الإيراني؟

رغم مرور نحو أسبوعين، لم تحدد السلطات الإيرانية -رسميًا- المشتبه بهم في قتل خداياري، رغم أن الحادث وقع في قلب واحدة من أكثر المناطق أمانًا في طهران، الذي يقطنه كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني.

أوراسيا ريفيو: من يقف وراء حوادث الاغتيال في الحرس الثوري الإيراني؟

ترجمات - السياق

سلَّط موقع أوراسيا ريفيو الأمريكي، الضوء على قتل اثنين من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني داخل طهران، في غضون أسبوعين، ما يُعد أمرًا غير مسبوق، ويثير التساؤلات عمن يقف وراء سلسلة الاغتيالات الغامضة هذه.

وأشار الموقع إلى تناقض التصريحات المتعلقة بقتل علي إسماعيل زاده، في 3 يونيو الجاري.

ففي حين أفادت وكالة الأنباء الحكومية الإيرانية الرسمية "إيرنا" بأنه قُتل في حادث، وأن السلطات الإيرانية فتحت تحقيقًا في قتله، أكدت وكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني أنه توفي بعد سقوطه من شرفة منزله في مدينة كرغ قرب طهران قبل نحو أسبوع.

بينما قالت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية، التي تسيطر عليها الدولة بعد ساعات من إعلان محطة تلفزيون إيران الدولية -مقرها لندن- إن المخابرات الإيرانية اغتالت إسماعيل زاده للاشتباه في تورطه بقتل عقيد آخر في الحرس الثوري الإيراني، في 22 مايو 2022، هو حسن صياد خداياري.

كان خداياري وإسماعيل زاده عضوين في ما تسمى الوحدة 840 التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهي فرقة غامضة داخل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، تنفذ عمليات اختطاف واغتيال في الخارج.

يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد وصف الوحدة 840 بأنها منظمة إرهابية.

 

إسرائيل

وحسب "أوراسيا ريفيو" كانت السلطات الإيرانية قد أعلنت قتل "خداياري" برصاص مسلحين خارج منزله في طهران، واتهمت إسرائيل بالتورط في عملية القتل، وتوعدت بالانتقام.

وبيّن الموقع أن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية قدمت القليل من المعلومات عن "خداياري" وملابسات اغتياله، بينما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه رأس إحدى وحدات فيلق القدس -الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني- التي خططت لشن هجمات على إسرائيليين في الخارج.

وعن ملابسات قتل "زاده"، أشارت محطة تلفزيون إيران الدولية -حسب الموقع الأمريكي- إلى أن المخابرات الإيرانية -المتورطة في اغتياله- جعلت الحادث يبدو كأنه انتحار، مضيفًا أن مسؤولي الحرس الثوري أبلغوا أسرته بأنه انتحر بسبب مشكلات نفسية لانفصاله عن زوجته، تاركًا خلفه رسالة انتحار.

ونفت وكالة (إيرنا) -نقلًا عن مصدر لم تسمه- تقرير محطة تلفزيون إيران الدولية، ووصفته بأنه "أنباء كاذبة".

وذكر تقرير محطة تلفزيون إيران الدولية، أنه بعد قتل خداياري، بدأ الحرس الثوري الإيراني البحث عن التسريبات الأمنية وتم الاشتباه بإسماعيل زاده.

ورغم مرور نحو أسبوعين، لم تحدد السلطات الإيرانية -رسميًا- المشتبه بهم في قتل خداياري، رغم أن الحادث وقع في قلب واحدة من أكثر المناطق أمانًا في طهران -شارع محيي الدين الإسلام- موطن كبار المسؤولين الآخرين في الحرس الثوري الإيراني ونخبة القدس.

وبينما ألقى رئيس الحرس الثوري الإيراني باللوم على إسرائيل في الاغتيال وتعهد بالانتقام، لم تعلق تل أبيب رسميًا على الحادث، إلا أنها رفعت مستوى التأهب الأمني في سفاراتها وقنصلياتها بجميع أنحاء العالم، خوفًا من هجوم إيراني انتقامي.

كانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أعلنت -نقلًا عن مسؤول استخباراتي أمريكي لم تذكر اسمه- أن إسرائيل أبلغت المسؤولين الأمريكيين بأنها وراء الاغتيال، إلا أن عضو بالكنيست الإسرائيلي رفيع نفى ذلك في تصريح لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وردًا على قتل خداياري، قال اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، في خطاب ألقاه الاثنين: "أفعال العدو الشريرة لن تمر بلا رد".

بينما أصدرت وكالة أنباء تسنيم الحكومية الإيرانية بيانًا من فيلق القدس عن قتل خداياري، قال فيه المتحدث باسم الحرس الثوري الجنرال رمضان شريف: "البلطجية وفلول الجماعات الإرهابية المنتسبة إلى الغطرسة العالمية والصهيونية سيعاقَبون على عملهم الإجرامي".

ووسط هذه التوترات، حذرت إسرائيل مواطنيها الاثنين، من السفر إلى تركيا، لاعتقادها أن طهران قد تسعى للانتقام من الاغتيال، بحسب ما أوردته وكالة رويترز للأنباء.

 

عداء مستمر

إلى جانب قتل هؤلاء الرجال، توفي أيوب انتزاري، مهندس الطيران الإيراني الذي عمل على تطوير الصواريخ والطائرات من دون طيار، وفقًا لـ "تايمز أوف إسرائيل"، بظروف غامضة في طهران.

وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية: يعتقد أن انتزاري مات بسبب تسمم غذائي، بحسب تقرير موقع إيراني نُشر السبت الماضي.

جاء ذلك في أعقاب تقرير بصحيفة نيويورك تايمز عن هجوم بطائرة من دون طيار على قاعدة عسكرية بالقرب من طهران، أسفر عن قتل مهندس إيراني وإصابة آخر.

يذكر أن العداء بين إسرائيل وايران تغذيه عوامل جيوسياسية عدة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واعتقاد إسرائيل بأن إيران تسعى لإنتاج أسلحة نووية.

في نوفمبر 2021، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم يستعدون لصراع محتمل مع إيران، لمنعها من تطوير أسلحة نووية، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد: "إذا كان نظام إرهابي سيحصل على سلاح نووي، يجب أن نتحرك".

النفط نقطة خلاف أخرى بين البلدين، وورد أن إسرائيل هاجمت ما لا يقل عن اثنتي عشرة ناقلة نفط إيرانية متجهة إلى سوريا عام 2021، في انتهاك للعقوبات الأمريكية والدولية على البلاد.

وعام 2021، اتهمت إسرائيل إيران بالتخطيط المتعمد لتسرب نفطي في عمل من "الإرهاب البيئي"، إذ غطى التسرب 90% من ساحل البحر المتوسط البالغ طوله 120 ميلاً في إسرائيل بنحو 1000 طن من القطران الأسود.

 

الأكثر شهرة

ويؤكد "أوراسيا ريفيو" أن عملية اغتيال "خداياري" هي الحادثة الأكثر شهرة وإثارة للجدل في الداخل الإيراني، منذ اغتيال محسن فخري زاده في نوفمبر 2020.

واعتبر أن قتل "خداياري" جزء لا يتجزأ من حوادث الاغتيال وأعمال التخريب والهجمات السيبرانية، التي يتم فيها توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل.

وحسب الموقع، يُعتقد أن تل أبيب كانت وراء اغتيال أربعة علماء نوويين إيرانيين خلال العقد الماضي، الأمر الذي يثير التساؤلات عن احتمال اختراق وكالات استخبارات أجنبية لجهاز الأمن الإيراني.

وأشار إلى أنه قبل يوم واحد من تأكيد طهران قتل إسماعيل زاده، ذكرت قناة عمريون المتشددة عبر "تلغرام" أن "عضوًا آخر في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قد اغتيل"، وسرعان ما حذفت القناة الإخبارية المنشور وقالت إن إسماعيل زاده مات منتحرًا بالقفز من شرفته.

بينما ذكرت صحيفة صابرين الإخبارية الإيرانية، التي يُعتقد أن لها صلات بفيلق القدس، قتل إسماعيل زاده "المشبوه" في 2 يونيو، مضيفة أنه توفي بعد سقوطه من شرفته.

وقالت "صابرين نيوز"، عبر "تويتر": "التحقيق بدأ ولم يتم تأكيد اغتياله".

وأقيمت مراسم تأبين لإسماعيل زاده في الثاني من يونيو الجاري، بمسجد في مدينة همدان الغربية، بحسب إشعار نُشر على الإنترنت.

ووصف الإشعار إسماعيل زاده بأنه "مدافع عن الضريح" في إشارة إلى كونه أحد قوات فيلق القدس، بينما لم يكشف الإشعار سبب وفاته.