حركة الشباب الصومالية.. ماذا يعني الهجوم الأخير على الحدود الإثيوبية؟

الحركة، تهدف من هذا الهجوم، إلى الترويج لعدم تأثرها بالضربات الأمريكية وقوات دنب الصومالية، وأنها قادرة على التحرك والتمدد خارجيًا شرقي إفريقيا، وتحديدًا في إثيوبيا.

حركة الشباب الصومالية.. ماذا يعني الهجوم الأخير على الحدود الإثيوبية؟

السياق

في تحرك مفاجئ وغير مسبوق، شن المئات من حركة الشباب الإرهابية الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة، هجومًا على إقليم الصومال الإثيوبي، وسط أنباء عن سيطرتهم على قرى حدودية هناك.

هذا الهجوم، جاء بعد تحذيرات قيادة الجيش الأمريكي في إفريقيا "أفريكوم"، إذ قال الجنرال ستيفن تاونسند، القائد المنتهية ولايته للقيادة الأمريكية في إفريقيا، إن حركة الشباب رأت في إثيوبيا مسرحًا وبيئة مناسبة، لبناء قاعدة انطلاق لها شرقي إفريقيا.

ويبدو أن التوترات الداخلية في إثيوبيا، خصوصًا العمليات العسكرية في إقليم تجراي، والمعارك الطاحنة التي خاضها ضد جبهة تحرير أورومو، جعلت البلاد مسرحًا وبيئة مناسبة لتموضع حركة الشباب الإرهابية، بعد تلقي ضربات متتالية ومباشرة في معقلها الأم، الصومال، بحسب خبراء ومراقبين.

عداء تاريخي

أحمد سلطان، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، يرى في تصريحات خاصة لمنصة "السياق"، أن حركة الشباب لم تتسلل داخل إثيوبيا، لكنها شنت هجومًا موسعًا على قاعدة للقوات الإثيوبية، وهناك فرق كبير من الناحية العملياتية بين الأمرين.

ويرى سلطان، أن الهجوم الأخير لحركة الشباب، مرتبط أكثر بدخول إثيوبيا في الصراع بالصومال، وسيطرتها على أوجادين وهو إقليم صومالي بالأساس. حسب سلطان.

وأشار إلى أن حركة الشباب تخوض تمردًا مسلحًا منذ سنوات، وتقول إنها تسعى لإقامة "إمارة إسلامية" موالية لـ"تنظيم القاعدة"، وهو ما يفسر أيضاً تزايد أنشطتها في المناطق الحدودية بالصومال، بجانب إنشاء شبكات محلية في الأقاليم الصومالية، ونجاحها في إعادة بناء قواتها، بعد الحملة التي شنتها القوات الأمريكية قبل سنوات، وأسفرت عن انهيار قوتها الضاربة، ما مكنها من شن هجمات أكثر، فهي تضرب في إثيوبيا وفي وكينيا بجانب الصومال، ولديها استراتيجية أوسع للاستفادة من هذه الأزمات.

وعن الهجوم الأخير، يرى الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أنه لا يرتبط بالصراع الداخلي في إثيوبيا، لكنه يرتبط بتدخل الأخيرة في الصومال.

وأوضح أنه دائمًا ما تنظر حركة الشباب إلى هذا التدخل كاحتلال، كما أنها لم تنس هجوم إثيوبيا على اتحاد المحاكم الشرعية في الصومال عام 2006، التي تعد الحركة الجناح المسلح لها، وهذه الدعوة تلقى رواجًا داخل بعض الأوساط الصومالية، نتيجة الصراع التاريخي بين البلدين.

واستبعد سلطان أن تكون إثيوبيا قاعدة للهجمات في القرن الأفريقي، مؤكدًا أن الصومال ستظل كما هي مركزًا رئيسًا لحركة الشباب، وربما تتحول بعض المناطق الكينية في الحدود مع الصومال لمراكز شن هجمات، وهي تلك المناطق البعيدة عن السيطرة الأمنية.

ونوه إلى أن حركة الشباب بالصومال لديها اتصال بالشبكة العالمية "للقاعدة"، فضلًا عن علاقاتها بـ"التنظيم" في اليمن، وهناك تقارير عن علاقات بين "الحركة" و إيران، لافتًا إلى أن كل ذلك في النهاية يسهم في استمرار هجماتها المسلحة وعملياتها الإرهابية في القرن الإفريقي، عبر تأمين مصادر التمويل والدعم اللوجستي.

نهج جديد

كان أمير حركة الشباب أحمد ديري، دعا -قبل عام- إلى زيادة التركيز على الهجمات الخارجية، ومهاجمة أهداف ومصالح الغرب في القرن الإفريقي.

وتشير الأنباء المتداولة، إلى أن نحو 500 منهم، عبروا إلى شرقي إثيوبيا، واشتبكوا مع الجيش هناك، واخترقوا قرابة 150 كيلومترًا داخلها.

خبراء، أكدوا أن حركة الشباب لا تزال نشطة داخل البلاد، رغم نجاح الجيش الإثيوبي في صد الهجوم.

وبحسب الخبراء، فإن الحركة، تهدف من هذا الهجوم، إلى الترويج لعدم تأثرها بالضربات الأمريكية وقوات "دنب" الصومالية، وأنها قادرة على التحرك والتمدد خارجيًا شرقي إفريقيا، وتحديدًا في إثيوبيا.

المحلل السياسي، الكاتب المتخصص في شؤون جماعات الإرهابية، عاصم الصبري، قال في تصريحات لـ"السياق"، إن حركة الشباب تستخدم مظلومية إقليم الصومال الإثيوبي، عبر سنوات طويلة، لتهيئة بيئة حاضنه لها، في المناطق الحدودية بين الصومال وإثيوبيا.

وأشار الصبري إلى أنها انتظرت حتى تتصاعد الأزمات في الداخل الإثيوبي، وأيضًا انتظرت الوقت المناسب لتنفيذ عملياتها، وهو ما تدلل عليه عملية الحشد لتنفيذ الهجوم الذي شنه 500 مسلح، واستطاعوا التغلغل لعشرات الكيلومترات.

المحلل السياسي، لفت إلى أن شن الحركة عملياتها العسكرية الأخيرة خارج بيئتها الحاضنة، يهدف أولًا إلى نقل المعارك والمواجهات العسكرية داخل إثيوبيا، بدلاً من استمرارها داخل الصومال، وثانياً السيطرة على جغرافيا جديدة، تمكنها من التحرك بشكل أسهل في تنفيذ عملياتها المستقبلية، على مصالح الدول الغربية في القرن الإفريقي.

تصعيد

وأعلنت القوات الصومالية تدمير تمركزات لحركة الشباب، في منطقة تورو تورو بمحافظة شبيلى السفلى جنوبي الصومال.

وشنت قوات "دنب" الصومالية هجومًا على قواعد الحركة جنوبي البلاد، أسفر عن تدمير تمركزات للحركة، وضبط العديد من الأسلحة والمتفجرات.

وشهدت في أبريل الماضي، 9 عمليات إرهابية وانتحارية، على أيدي حركة "الشباب" الصومالية، من إجمالي 42 هجوما في إفريقيا جنوب الصحراء.

أسفرت هذه العمليات، بحسب مرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب والتطرف، عن قتل 29 شخصًا، وإصابة 17، وارتبطت جميعها بمحاولة عرقلة الانتخابات عبر هجمات على مواقع استراتيجية.

وخرجت حركة الشباب الصومالية من رحم تنظيم القاعدة أوائل 2004، وأخذت في التطور حتى صارت التهديد الأكبر على أمن شرقي إفريقيا.