فايننشال تايمز: فواتير مشبوهة تلاحق بنك كريدي سويس

البنك السويسري قَبل فواتير مشبوهة لقرض غرينسل بـ 140 مليون دولار، حتى أن الشركات المدرجة في الفواتير أخبرتها بأنها لم تقم بالأعمال المعلنة، بحسب الفاينشال تايمز.

فايننشال تايمز: فواتير مشبوهة تلاحق بنك كريدي سويس

ترجمات - السياق

سلَّطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الضوء على القرض الذي قدَّمه بنك كريدي سويس بـ 140 مليون دولار لشركة الخدمات المالية غرينسل كابيتال.

ورأت الصحيفة، أن قرض "كريدي سويس غرينسل" اعتمد على ضمانات مشكوك فيها، مشيرة إلى أن البنك السويسري قَبل فواتير مشبوهة لقرض "غرينسل" بـ 140 مليون دولار، حتى أن الشركات المدرجة في الفواتير أخبرتها بأنها لم تقم بالأعمال المعلنة.

وأشارت إلى أن "كريدي سويس" قدم قرضًا طارئًا بـ 140 مليون دولار لشركة غرينسل كابيتال، استنادًا إلى فواتير لشركات أنكرت القيام بالأعمال المذكورة في المستندات.

كان البنك السويسري قدَّم القرض في أكتوبر 2020، قبل أقل من خمسة أشهر من انهيار "غرينسل"، وهي شركة تمويل سلسلة التوريد التي عدَّت رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون مستشارًا أول.

كانت قد أثيرت فضيحة مالية كبرى بالمملكة المتحدة، العام الماضي، بتورط رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في الضغط على الحكومة وبعض المسؤولين، لمنح قروض مالية لشركة غرينسل المنهارة منذ فترة، ضمن البرنامج الحكومي لمساعدة الشركات في التعافي من تبعات انتشار كورونا.

ووسط تضارب في الحقائق والتصريحات الرسمية، مثُل كاميرون أمام لجنة برلمانية لتقديم مجموعة من الإيضاحات عن هذه الفضيحة السياسية الكبرى، التي تتعلق بإفلاس شركة غرينسل.

ورغم سداد القرض البالغ 140 مليون دولار منذ ذلك الحين، فإن الصحيفة أكدت أن "الإخفاق الواضح في اكتشاف الفواتير المشبوهة، التي تم التعهد بها كضمانات إضافية، يلقي ضوءًا جديدًا على إخفاقات إدارة المخاطر في بنك كريدي سويس".

وفي ربيع 2021، تضرر "كريدي سويس" بشدة عندما انهارت "غرينسل"، وهي شركة تمويل سلسلة التوريد، ومنذ ذلك الحين، تمكن البنك من استرداد 7.4 مليار دولار من صندوق مشترك بـ 10 مليارات دولار.

 

فواتير بلا ضمانات

أثار سقوط الشركة وانهيارها قلقًا واسع النطاق، في الوسط المالي والصناعي، إذ نتجت عن هذا الإفلاس المدوي خسائر فادحة في بنك كريدي سويس، ويُمثل تهديدًا في الوقت ذاته للامبراطورية الصناعية لرجل الأعمال الكبير سانغيف غوبتا، الذي تقدم شركاته عشرات الآلاف من الوظائف لكثير من العائلات في المملكة المتحدة واستراليا وفرنسا.

ووفقًا للوثائق التي اطلعت عليها "فايننشال تايمز" ومطلعون على الصفقة، فإن الفواتير التي أصدرها قطب المعادن البريطاني من أصل هندي سانغيف غوبتا باسم شركته ليبرتي كوموديتيز وبيعها لشركة غرينسل، شكلت جزءًا مهمًا من ضمان القرض، ورغم ذلك، فقد أخبر العديد من الأطراف المذكورة في الفواتير الصحيفة البريطانية بأنهم لم يتعاملوا مع ليبرتي.

وفي أبريل 2021، سعت مجموعة كريدي سويس، إلى دفع إحدى وحدات تجارة السلع الأساسية التابعة لسانغيف غوبتا إلى الإفلاس، ما مثِّل حينها تهديدًا كبيرًا لامبراطوريته المعدنية بعد انهيار أكبر مقرض له.

وجرى تقديم طلب تصفية شركة ليبرتي كوموديتيز في محكمة الإفلاس بالمملكة المتحدة في أبريل 2021، من قِبل وحدة تابعة لشركة سيتي غروب.

وبحسب مصدر مطلع، فإن "سيتي غروب" كانت تتصرف بموجب تعليمات من "كريدي سويس".

ومثلت هذه الخطوة منعطفًا دراماتيكيًا نحو الأسوأ في معركة غوبتا لتأمين بقاء امبراطورية شركته.

ومنذ انهيار "غرينسل كابيتال" ووصولها إلى الإفلاس، كان كل منغوبتا، وجي إف جي ألاينس يبحثان عن تمويل جديد، بينما يحاولان في الوقت نفسه إقناع مقرضيه الحاليين بالتأجيل.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن الإخفاق الواضح في اكتشاف الفواتير المشبوهة التي جرى التعهد بها، يسلِّط ضوءًا جديدًا على إخفاقات إدارة المخاطر في "كريدي سويس".

كما يثير تساؤلات جديدة عن الممارسات في "غرينسل" و"ليبرتي"، لافتة إلى أن الأخيرة جزء من مجموعة جي إف جي ألاينس، التي يمتلكها غوبتا، الذي يخضع للتحقيق من مكتب مكافحة الاحتيال الخطير في المملكة المتحدة والشرطة الفرنسية، بشأن الاحتيال المشتبه به وغسل الأموال، بينما تنفي (جي إف جي) ارتكاب أي مخالفة.

 

تفاصيل القرض

وعن تفاصيل القرض، بينت "فايننشال تايمز" أن قرض "كريدي سويس" كان يحتوي على بند ينص على أن قيمة الضمان يجب أن تكون مساوية أو أكبر من الــ140 مليون دولار المقترضة.

بينما سمحت شروط اتفاقية الديون فقط للفواتير في الميزانية العمومية لشركة غرينسل بالحساب في هذا العدد، إذا كان الطرف المذكور في الفاتورة مصنفًا بدرجة استثمارية.

وأشارت إلى أنه خلال الأيام التي سبقت انهيار "غرينسل"، أصدر "كريدي سويس" جدولًا للمستحقات، في فبراير 2021، يوضح بالتفصيل 99 مليون دولار من هذه الفواتير المؤهلة، التي تحدد 12 شركة.

وقد اطلعت "فايننشال تايمز" على فواتير باعتها "ليبرتي كوموديتيز" إلى "غرينسل" لتسمية سبع من هذه الشركات نفسها.

وبينما قال أربعة منها -كارغيل، وميتسوي بوسان ميتالز، وتويوتا تسوشو آسيا والمحيط الهادئ، وإيتوتشو سنغافورة- لصحيفة فايننشال تايمز إنهم ليس لديهم أي سجل بأي معاملات مع "ليبرتي كوموديتيز"، رفض الآخرون التعليق أو تعذر الوصول إليهم.

وأوضحت "إيتوتشو" -وهي من أكبر الشركات اليابانية- أن مدير "غرينسل"، غرانت ثورنتون، اتصل بهم للتحقق من إحدى فواتير "ليبرتي كوموديتيز" في مارس 2021.

وقالت دار التجارة اليابانية إنها ردت بأنه ليس لديها سجل للمعاملة في فرعها السنغافوري وإنها أيضًا "فحصت على نطاق أوسع مع الشركات المحلية الأخرى في المنطقة والشركات التابعة، لكن لم تكن هناك معاملات تجارية ".

ونوهت الصحيفة البريطانية، إلى أن "كريدي سويس" قَبل الأوراق كضمان، حتى بعد أن حذر أحد أكبر عملائه - شركة تجارة السلع السويسرية ترافيغورا- البنك من أن "ليبرتي كوموديتيز"، يبدو أنها جمعت التمويل من خلال "غرينسل" باستخدام فاتورة مشبوهة.

كانت "فايننشال تايمز" كشفت -العام الماضي- أن صناديق تمويل سلسلة التوريد التابعة لبنك كريدي سويس، المرتبط بشركة غرينسل، تحتوي على فواتير مشبوهة من "ليبرتي كوموديتيز".

لكن لم يبلغ عن قبول قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية للمقرض الكمبيالات نفسها، كضمان لقرض شركة قدمه إلى "غرينسل".

وأشارت إلى أنه رغم الضمانات المشبوهة، فقد سُدد القرض البالغ 140 مليون دولار منذ ذلك الحين، لأن "كريدي سويس" كانت لديه ضمانات من الدرجة الأولى على أصول أخرى في "غرينسل"، بما في ذلك 50 مليون دولار نقدًا.

وقالت متحدثة باسم ثاني أكبر بنك في سويسرا لوكالة الأنباء إيه دبليو بي السويسرية، الاثنين، إن "كريدي سويس" واصل العمل بلا كلل لاسترداد السيولة للمستثمرين في صناديق تمويل سلسلة التوريد.

وأضافت في بيان: "إن استرداد القرض المرحلي المقدم لشركة غرينسل كابيتال، إضافة إلى الفائدة المستحقة، دليل آخر على عزمنا المطلق على التماس الإنصاف في هذه المسألة، حيثما أمكننا ذلك".

بينما قال "جي إف جي ألاينس": "تسهيلات (غرينسل) مسموح بها صراحةً، ضمن ما تسمى المستحقات الافتراضية المستقبلية".

وحسب الصحيفة البريطانية، يشير هذا المصطلح إلى ممارسة سمحت بموجبها "غرينسل" لبعض الشركات باقتراض الأموال مقابل فواتير مستقبلية افتراضية.

ومع ذلك، ذكرت وثيقة أرسلها "كريدي سويس" إلى المستثمرين، العام الماضي، أن "ليبرتي كوموديتيز" ليست لديها تسهيلات "مستحقات مستقبلية" مع "غرينسل"، ما يعني أنه لا يمكن رفع التمويل إلا مقابل الفواتير الحالية.

وتشير الفواتير التي شاهدتها "فايننشال تايمز" إلى مبيعات النيكل التي يُفترض أنها نفذت بالفعل، بما في ذلك تفاصيل دقيقة عن وقت ومكان تسليم المعدن.

وكشف مدير "غرينسل" العام الماضي أنه عندما انهارت الشركة، كانت 355 مليون دولار من 490 مليون دولار من الذمم المدينة في ميزانيتها العمومية "مبالغ مستحقة لمتعهدي شركة جي إف جي".