حُكم بسجن أكرم إمام... هل تخلَّص أردوغان من منافسه الأكثر شعبية؟
قضت محكمة تركية بسجن أكرم إمام أوغلو، الخصم السياسي الأكثر قدرة على إطاحة أردوغان من السلطة، 31 شهرًا، ما قد يمنعه من الترشح في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.

ترجمات - السياق
رأت صحيفة الإندبندنت البريطانية، أن قرار إحدى المحاكم التركية بسجن أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز المعارضين للرئيس رجب طيب أردوغان، وعمدة أكبر مدن تركيا، اسطنبول، ومنعه من ممارسة السياسة، يزيح الخصم السياسي الأكثر رعبًا للرئيس التركي، من انتخابات العام المقبل، إلا أنه سيشعل حالة من الغضب في الشارع التركي، ويزيد وحدة المعارضة.
وقضت محكمة تركية -الثلاثاء- بسجن أكرم إمام أوغلو، الخصم السياسي الأكثر قدرة على إطاحة أردوغان من السلطة، خلال الانتخابات المقبلة -وفق استطلاعات الرأي الأخيرة- 31 شهرًا، ما قد يمنعه من الترشح في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات العامة في تركيا عام 2023، وسينتخب الناخبون رئيسًا جديدًا، إضافة إلى 600 عضو بالجمعية الوطنية الكبرى في تركيا، كل منهم لمدة خمس سنوات.
وحسب الصحيفة البريطانية، يُمثل أكرم إمام أوغلو، القيادي البارز في حزب الشعب الجمهوري المعارض، تهديدًا كبيرًا لأردوغان، حيث يتمتع بشعبية كبيرة، جعلته يتفوق على الرئيس في استطلاعات الرأي.
وأدانت المحكمة أوغلو، بتهمة إهانة مسؤولي الانتخابات، خلال حملته الانتخابية المثيرة للجدل عام 2019.
حظر سياسي
وعن إمكانية سجنه جراء الحكم، أشارت "الإندبندنت" إلى أنه من المرجح عدم تنفيذ عقوبة السجن، حتى إذا أيدت محكمة الاستئناف الحكم، لأنه أقل من ثلاث سنوات.
لكن -حسب الصحيفة- الأهم في هذا الحكم هو حظر ممارسة النشاط السياسي، الذي سيصبح ساري المفعول بعد الاستئناف، وحال تأييده سوف يتم تحييد المنافس الأكثر شعبية لأردوغان، قبل الانتخابات الرئاسية الحاسمة، المقررة في يونيو 2023.
وربطت الصحيفة، بين قرار المحكمة الأخير بسجن إمام أوغلو، والمعاناة التي يعيشها أردوغان، لتراجع شعبيته بصورة ملحوظة في استطلاعات الرأي الأخيرة، بسبب الحالة المزرية للاقتصاد التركي، في إشارة إلى أنه أراد التخلُّص من منافسه السياسي -الأكثر قدرة على مواجهته وإطاحته خلال الانتخابات المقبلة- ليفسح لنفسه المجال للاستمرار على سدة الحكم.
وأُدين إمام أوغلو بتهمة وصف أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا بأنهم "حمقى"، بعد أن صوتوا لإلغاء فوزه بأغلبية بسيطة في انتخابات مارس 2019، وهزيمة بن علي يلدريم، مرشح حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه أردوغان.
ورغم ذلك فاز إمام أوغلو مرة أخرى بانتخابات الإعادة في يونيو 2019، وكان الفرق في الأصوات أكبر.
تصل العقوبة القصوى لهذه التهمة السجن أربع سنوات، إلا أنه نادرًا ما يودع الذين يحكم عليهم بالسجن، أقل من أربع سنوات، السجن في تركيا.
كان إمام أوغلو -52 عامًا- قد ألحق هزيمة مذلة بحزب أردوغان، في مارس 2019 بفوزه بمنصب رئاسة بلدية اسطنبول، التي قادها حزب العدالة والتنمية الحاكم 25 عامًا.
وألغت الحكومة انتخاب إمام أوغلو، لكنه عاد وفاز بفرق كبير في انتخابات أخرى، أجريت بعد نحو ثلاثة أشهر، وبعد بضعة أشهر قال أكرم إمام أوغلو إن أولئك الذين ألغوا فوزه في الانتخابات "أغبياء"، مرددًا عبارة استخدمها وزير الداخلية سليمان صويلو ضده قبل ساعات، وقد عرَّض هذا الوصف رئيس بلدية اسطنبول للملاحقة القضائية بتهمة "إهانة" أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.
سلاح سياسي
وفور النطق بالحكم، اتهم منتقدون لأردوغان في تركيا وخارجها، الرئيس ومن معه بالسيطرة على المحاكم، من خلال الموالين لحزب العدالة والتنمية، واستخدام القضاء كسلاح سياسي.
وقال تقرير للاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي: "القضاء استمر باستهداف أعضاء أحزاب المعارضة في البرلمان بشكل منهجي"، وأكد أن هناك "افتقارًا منهجيًا لاستقلال القضاء والضغط غير المبرر على القضاة والمدعين العامين".
ولم يكن الحكم ضد إمام أوغلو الأول (سياسيًا)، إذ قضت المحاكم التركية أيضًا بسجن صلاح الدين دميرتاش، زعيم حزب الشعب الديمقراطي اليساري ذي الجذور الكردية، والناشط البارز عثمان كافالا.
ووصف مراقبون هذه القضايا، بأنها مبينة على اتهامات ملفقة، بينما تدعي حكومة أنقرة أن نظام العدالة في تركيا عادل.
ومن المفارقات أن الصعود السياسي لأردوغان، جاء بعد سجنه لمعارضته الحكومة عام 1997، عندما كان رئيس بلدية اسطنبول.
اتحاد المعارضة
لكن -وفق "الإندبندنت"- يبدو أن الحكم سيزيد اتحاد قوى المعارضة التركية، في محاولة لإطاحة أردوغان وحزبه من السلطة، خلال الانتخابات المقبلة.
وقال إمام أوغلو، خلال اجتماع مع المعارضة البارزة ميرال أكشينار، التي انشقت عن حزب أردوغان، ونُشر على الإنترنت: "لا يمكن لحفنة من الأفراد أن يسلبوا السلطة الممنوحة لهم من قِبل الشعب"، مضيفًا: "بإذن الله سوف نصبح أقوى".
ويرى إمام أوغلو العضو في حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي)، وهو حزب المعارضة الرئيس لسلطة أردوغان، أن محاكمته "سياسية".
وقال، خلال مقابلة على قناة تي في 100 التركية الخاصة، مساء الثلاثاء: "الوصول إلى هنا أمر محزن، لكنني أريد -رغم كل شيء- أن أثق بالحكام".
وقال محاميه كمال بولات لوكالة فرانس برس: "هذا نهج مؤسف حيال الديمقراطية وسيادة القانون".
وأكد محاميه أنه سيستأنف الحكم، ما يعني أنه سيبقى في منصب رئيس البلدية، لكنه مستبعد من الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو 2023.
بينما وصف كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري ومنافس محتمل آخر لأردوغان، الحكم على إمام أوغلو بأنه "قتل للعدالة"، في مقطع فيديو على الإنترنت.
وقال كيليتشدار أوغلو، الذي كان في برلين: "لن يتراجع حزب الشعب الجمهوري عن معارضة الطغاة"، مضيفًا: "لقد تعهدنا بإخراج البلاد من هذا الظلام، وأعد أُمتي بأن تهزم هذا الانقلاب البائس".
وبينت الصحيفة البريطانية، أن معارضي أردوغان شكلوا ائتلافًا من ستة أحزاب ليبرالية وقومية ووسطية وإسلامية، قبل انتخابات عام 2023، لكنهم لم يتخذوا قرارًا بدعم مرشح رئاسي في انتخابات، سيكون أبرز ما فيها استياء الناخبين من الاقتصاد، والإقبال على التصويت والتفضيلات السياسية للأكراد، الذين عملوا غالبًا كدائرة انتخابية رئيسة في السياسة التركية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى فوز رئيس بلدية اسطنبول، في مواجهة أردوغان، إلى جانب عدد قليل من زعماء المعارضة، وسط أزمة اقتصادية خطيرة وأرقام رسمية حددت نسبة التضخم بنحو 85 في المئة.
لكن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو يفضل الترشح بنفسه، وفق ما أفاد العديد من المراقبين.
وبينما أكد إمام أوغلو دعمه لزعيم حزبه، لم يغلق الباب أمام ترشيحه المحتمل، مؤكداً أنه "قادر على حمل المسؤولية".