تراجع نسبة المشاركة في انتخابات تونس... هل يفتح الباب لعودة الإخوان؟
أسباب عدة تنوعت لعزوف الناخبين، عن المشاركة في الاستحقاق الديمقراطي، دقت جرس إنذار بضرورة العمل على تصحيح المسار وحلحلة العقبات، التي أدت إلى نسبة المشاركة تلك، خاصة أن تنظيم الإخوان يحاول القفز على الأوضاع الحالية، للعودة مجددًا إلى الساحة.

السياق
نسبة مشاركات وُصفت بـ«المنخفضة» في قاموس المعتدلين وبـ«بالزلزال» في أدبيات تنظيم الإخوان، ما جعل أبواقه تنطق بما كتمته النفوس طوال الأشهر الماضية، محاولًا العودة مجددًا إلى الساحة السياسية من بوابة العزوف الانتخابي.
ذلك كان الوضع في تونس، طوال الأيام الماضية، بعد إعلان مبدئي أن نسبة المشاركة بلغت نحو 8%، إلا أنه قبل سويعات أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 11.22% بعد اكتمال الفرز، كاشفة عن جولة ثانية من الاستحقاق الدستوري.
ورغم الاختلاف في النسبة فإنها لم تكن على المستوى المأمول، وإن كانت طبيعية لأسباب عدة، أولها أن القانون الانتخابي الجديد نص على ضرورة ألا يكشف المرشحون انتماءاتهم السياسية، الأمر الذي أدى إلى غياب لمشاركة الأحزاب، التي كانت ذات نفوذ وثقل في الشارع.
نظام جديد منح للناخبين فرصة محاسبة مرشحيهم، حال عزوفهم عن مسارهم، إلا أنه في الوقت نفسه لم يأخذ الوقت الكافي لكي يتعرف إليه الناخبون، لأنه أقِر قبل الاستحقاق الدستوري بقرابة شهرين.
ولم يكن ذلك السبب الأوحد لنسبة المشاركة «الضعيفة» في الانتخابات التونسية، بل إن الأوضاع الاقتصادية التي يعانيها البلد الإفريقي، جراء العشرية السوداء التي حكم فيها تنظيم الإخوان تونس، كانت عاملًا كبيرًا في عزوف الناخبين عن المشاركة.
أسباب العزوف
أسباب عدة تنوعت لعزوف الناخبين، عن المشاركة في الاستحقاق الديمقراطي، دقت جرس إنذار بضرورة العمل على تصحيح المسار وحلحلة العقبات، التي أدت إلى نسبة المشاركة تلك، خاصة أن تنظيم الإخوان يحاول القفز على الأوضاع الحالية، للعودة مجددًا إلى الساحة.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي التونسي مختار اللواتي، في تصريحات لـ«السياق»، إنه يجب النظر إلى القانون الانتخابي الجديد، الذي رفع دعم الدولة عن المرشحين، ما دفعهم إلى التعويل على إمكاناتهم الذاتية، وحصر أعدادهم في نسبة قليلة، فضلًا عن فرض مسألة الترشح فردًيا وليس بقوائم، ما جعل الحملة الانتخابية باهتة ومحدودة الفاعلية.
الأمر نفسه أشار إليه الخبير الدستوري التونسي حازم القصوري، في تصريحات لـ«السياق»، قائلًا إن تونس طبقت نظامًا انتخابيًا جديدًا، يرتكز على إمكانات المرشح، بخلاف النظام الانتخابي السابق، الذي كان يرتكز على القوائم ويستند إلى نفوذ الحزب وقدرته على الحشد والتعبئة.
فقدان الثقة في البرلمان
ورأى أن نسب المشاركة المنخفضة «عادية» ومتوقعة، في ظل ممارسة التصويت بنظام انتخابي جديد، مع الأخذ في الاعتبار فقدان ثقة الناخبين في النواب، نتيجة ما عانوه خلال عشرية الإخوان وتردي الحياة السياسية والبرلمانية وقتها.
ورغم ذلك، فإن الخبير الدستوري، قال إنه يمكن اعتبار النظام الانتخابي الحالي، الذي جرى التصويت فيه على أشخاص، أكثر الآليات الديمقراطية المباشرة، التي يمكن من خلالها محاسبة النائب مباشرة، إذا انحرف عن الوكالة المسندة إليه.
وأشار إلى أن الشعب التونسي يمر بمرحلة إعادة بناء الثقة مع المؤسسات، خاصة البرلمان، مؤكدًا أنه لا سبيل أمام الشعب التونسي إلا مواصلة الإصلاحات وتطهير الحياة السياسية وبناء المؤسسات.
وأكد الخبير التونسي، أن الانتخابات البرلمانية تعد مرتكزًا أساسيًا لدعم المسار التصحيحي، الذي تقوده تونس، للخروج من عشرية الإخوان، والتخلص من أجنداتهم الخفية، وسيطرتهم على مفاصل الدولة ومؤسساتها من دون محاسبة.
وشدد على أنه لا مجال للعودة إلى الوراء، مطالبًا بالتمسك بمسار الإصلاحات، بتنصيب المحكمة الدستورية ووضع المؤسسات الحامية للمسار الديمقراطي، خاصة التي تعنى بالانتخابات، وحقوق الإنسان واستكمال المسار التصحيحي من دون الاكتراث بما تروجه جبهة «خلاص الإخوان» التي خرجت من المعادلة السياسية.
ورأى القصوري، أن أبرز النتائج المرتقبة انتصار برلمان تونس الجديدة، الذي يعد انتصارًا للقانون وسيادته على الجميع، مشيرًا إلى أن تونس تدخل منعرجًا تاريخيًا شاهقًا، دفاعًا عنها والوطن الكبير.
الأوضاع الاقتصادية
من جهة أخرى، يرى الناشط السياسي التونسي محمد الأسعد، في تصريحات لـ«السياق» أن انخفاض المشاركة في الانتخابات البرلمانية يعود للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها تونس، مشيرًا إلى أن جولة إعادة الانتخابات لن تكون أفضل من مرحلة التصويت الأولى، بل ستكون أقل مع تزايد تأزم الوضع الاجتماعي.
الأمر نفسه أشار إليه المحلل السياسي التونسي مختار اللواتي، الذي أكد لـ«السياق»، أن سبب العزوف عن المشاركة بالانتخابات، تردي الأوضاع الاقتصادية، مع توالي ارتفاعات الأسعار واختفاء العديد من السلع الغذائية.
وأكد المحلل السياسي التونسي، أن هناك حالة إحباط لدى قطاع كبير من الشعب، نتيجة عدم استكمال خارطة الطريق التي أعلِن عنها في 25 يوليو 2021، مشيرًا إلى أن التونسيين يطالبون بتنفيذ بند محاسبة ومحاكمة من تلاحقهم تهم فساد أو الضلوع في الإرهاب وتسفير أفواج من شباب البلد إلى بؤر الإرهاب، في إشارة إلى دور حركة النهضة وحلفائها.