زيارة الأسد إلى الإمارات.. ما سر التوقيت وأسباب اختيار أبوظبي الوجهة الأولى؟

أشار مستشار الرئيس الإماراتي، إلى أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد تنطلق من توجه الإمارات، الرامي إلى تكريس الدور العربي في الملف السوري، كما تأتي من قناعة إماراتية بضرورة التواصل السياسي، والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم.

زيارة الأسد إلى الإمارات.. ما سر التوقيت وأسباب اختيار أبوظبي الوجهة الأولى؟

السياق

«زيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة» و«اكتشاف مسارات جديدة للتعاون البنّاء»، جملتان استقبل بهما الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات حاكم دبي، الرئيس السوري بشار الأسد.

فالزيارة التي تعد الأولى للرئيس السوري إلى دولة عربية منذ الأزمة السورية عام 2011، كسرت من خلالها الإمارات جدار العزلة المفروض على سوريا وعبَّدت الطريق، أمام البلد العربي لأن يعود مجددًا بين أشقائه.

وأجرى الرئيس السوري بشار الأسد، مباحثات منفصلة على هامش زيارته إلى الإمارات، مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عكست استقبال البلد الخليجي «الحار» لشقيقته العربية، التي غابت سنوات عن الحضن العربي.

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية «وام»، فإن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رحب -خلال اللقاء الذي جرى في قصر الشاطئ- بزيارة الرئيس السوري، التي تأتي في إطار «الحرص المشترك» على مواصلة التشاور والتنسيق بين البلدين في مختلف القضايا.

وبينما أعرب الشيخ محمد بن زايد، عن تمنياته بأن تكون هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة، اطلع من الرئيس بشار الأسد على آخر التطورات والمستجدات على الساحة الــسورية.

 

4 قضايا

وبحث الجانبان العلاقات الأخوية والتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين، بما يحقق مصالحهما المتبادلة، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة العربية والشرق الأوسط، بحسب «وام» التي أكدت أن الجانبين ناقشا عددًا من القضايا محل الاهتمام المشترك، وتأكيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية، إضافة إلى دعم سوريا وشعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً، للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي يواجهها.

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن سوريا تعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها، بما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو الاستقرار والتنمية.

وما إن انتهى لقاء الرئيس السوري بولي عهد أبوظبي، حتى انطلق إلى دبي، للقاء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

ورحّب الشيخ محمد بن راشد -خلال اللقاء- بزيارة الأسد والوفد المرافق، معرباً عن خالص أمنياته لسوريا وشعبها أن يعم الأمن والسلام كل أرجائها، وأن يسودها وعموم المنطقة الاستقرار والازدهار، بما يعود على الجميع بالخير والنماء.

وبحسب «وام»، فإن اللقاء تناول العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين نحو المستقبل، ويخدم مستهدفات التنمية الشاملة لدى الطرفين، وبما يعزز فرص السلم والاستقرار في سوريا والمنطقة.

 

مسارات للتعاون

كما تطرق النقاش إلى الأوضاع الراهنة في سوريا، وكذلك المستجدات على الساحتين العربية والدولية، والموضوعات محل الاهتمام المشترك.

من جانبه، أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حرص دولة الإمارات على اكتشاف مسارات جديدة للتعاون البنّاء مع سوريا، ورصد الفرص التي يمكن من خلالها دفع أوجه التعاون المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين.

 

سر التوقيت

تأتي زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، إلى الإمارات في ذكرى اندلاع الأزمة السورية منتصف مارس 2011، في توقيت قال عنه مراقبون، إنه رسالة بأن سوريا بدأت تتخلص من الماضي، في طريق عودتها إلى «الحضن العربي»، عبر التوصل إلى حلول للأزمة التي عرقلت خطواتها.

كما أن الزيارة تأتي قبل قرابة 7 أشهر من القمة العربية المقبلة، التي سيكون عودة المقعد السوري الشاغر على إحدى قوائمها، بحسب مراقبين، أكدوا أن الأيام المقبلة، ستكون حبلى بالكثير من التقارب العربي مع دمشق، تمهيدًا لعودتها رسميًا إلى الجامعة العربية.

 

لماذا الإمارات

إلا أن سر اختيار الإمارات لتكون المحطة الأولى للرئيس الأسد، لأن البلد الخليجي أول البلدان التي أعادت فتح سفارتها في دمشق، في ديسمبر 2018.

وسبقت زيارة الرئيس السوري للإمارات محطات مهمة، قبل استقباله؛ كان آخرها الاتصال الهاتفي بالشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في أكتوبر الماضي.

وبحسب بيان لـ«وام» في ذلك الوقت، فإن الشيخ محمد بن زايد والرئيس السوري بحثا خلال الاتصال، علاقات البلدين وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، لما فيه مصالحهما المتبادلة، إلى جانب تطورات الأوضاع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، والقضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك.

ومطلع أكتوبر 2020، جرت مباحثات بين مسؤولين سوريين وإماراتيين، على هامش أعمال معرض إكسبو 2020 دبي.

كان أول اتصال بين الزعيمين منذ الأزمة السورية، في 27 مارس 2020، بحثا حينها فيه تداعيات تفشي كورونا، وفقًا لوكالة الأنباء السورية سانا.

 

مخرج وحيد

تلك المحطات جعلت الإمارات الوجهة الأولى عربيًا للرئيس السوري بشار الأسد، لأن أبوظبي تؤمن بالحل السياسي، كمخرج وحيد للأزمة السورية.

الجهود الإماراتية لم تكن بمعزل عن نظيرتها الدولية؛ فأبوظبي شددت على دعم جهود الأمم المتحدة ومحاولات الوساطة الدولية، الهادفة إلى التوصل لاتفاق سلام في سوريا بناءً على مؤتمر جنيف وقرار مجلس الأمن رقم 2254.

جهود كانت وما زالت تهدف إلى الخروج من الحسابات السياسية الضيقة، عبر رؤية تهدف إلى رفض التدخل الأجنبي في الشأن السوري، والدعوة إلى دور عربي فعال في سوريا، ومساعدة السوريين في العودة إلى محيطهم العربي.

 

سياسة واقعية

رؤية أكدها أنور قرقاش، مستشار الشؤون الدبلوماسية للرئيس الإماراتي، الذي قال إن بلاده مستمرة في انتهاج سياسة واقعية، لخفض التوترات وتعزيز الدور العربي، في مقاربة عملية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة.

وأوضح قرقاش، عبر «تويتر»، أن الظروف الإقليمية المعقدة، تستوجب تبني منهج عملي ومنطقي، لا يقبل تهميش الجهود العربية الساعية لمواجهة التحديات وتجنُّب شرور الأزمات والفتن.

وأشار مستشار الرئيس الإماراتي، إلى أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد تنطلق من توجه الإمارات، الرامي إلى تكريس الدور العربي في الملف السوري، كما تأتي من قناعة إماراتية بضرورة التواصل السياسي، والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم.

وشدد قرقاش على أن المرحلة الحالية تحتاج إلى خطوات شجاعة، لترسيخ الاستقرار والازدهار، وضمان مستقبل المنطقة ورفاه شعوبها.