نجاحات أمنية... هل تستطيع تونس اجتثاث إرهاب عشرية الإخوان؟

قال أحمد بان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة في تصريحات لـالسياق، إن حركة النهضة الإخوانية تلجأ إلى العنف والعمل السري، مع كل ضغط يمارسه النظام التونسي عليها، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع أن تقف الحركة الإخوانية ساكنة تجاه ما يحدث من تغييرات تنذر بإخراجها من المشهد السياسي، وتكشف «فسادها» خلال السنوات العشر التي تولت فيها الحكومة

نجاحات أمنية... هل تستطيع تونس اجتثاث إرهاب عشرية الإخوان؟

السياق

ضربات أمنية متلاحقة للخلايا الإرهابية في تونس، كشفت نجاحات «تاريخية» على طريق إرساء الأمن، واجتثاث الإرهاب الذي زرعه الإخوان طوال عشرية حكمهم للبلد الإفريقي.

فخلال الساعات الماضية، تمكنت قوات الأمن التونسية من القبض على خليتين إرهابيتين، الأولى في محافظة تطاوين جنوبي البلاد، والثانية بمحافظة القيروان وسط البلاد، ليرتفع عدد الخلايا الإرهابية التي فككتها الشرطة إلى 17، منذ قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021، التي وُصفت في ذلك الوقت بالاستثنائية.

ورغم أن تلك الجهود التونسية، أزاحت الستار عن خطط حركة النهضة الإخوانية المسبقة، في زرع الإرهابيين بمختلف أنحاء البلاد، آتت ثمارها، فإنها أكدت أن تلك المشروعات «الخبيثة»، ستجد يدًا حاسمة وحازمة، بحسب وزير الداخلية التونسي توفيق شرف، الدين الذي أكد الأسبوع الماضي -في تصريحات صحفية- أن الأوضاع الأمنية طيبة، وأن المسألة الخاصة بالإرهاب تحت السيطرة.

وبينما تحاول حركة النهضة التونسية الفكاك من القبضة الأمنية ونشر الفوضى والإرهاب في سياق «حرب» تخوضها أملًا بعودتها مجددًا للمشهد السياسي، تعهد الوزير التونسي، بالحد من استقطاب أسماء جديدة، معلنًا فتح العديد من التحقيقات العدلية في جرائم وموضوعات مهمة.

وبين محاولات زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، زعزعة الأمن بـ«الذئاب المنفردة»، هناك قبضة أمنية تونسية وصفت بـ«القوية»، تباينت آراء الخبراء في تلك النجاحات التي تحققها السلطات المحلية؛ ففريق يرى أنها ستجتث جذور الإرهابيين من البلد الإفريقي، بينما حذر آخرون من أنها قد تكون مدخلًا لتبرير تجميد العملية السياسية.

إلى ذلك، قال أحمد بان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة في تصريحات لـ«السياق»، إن حركة النهضة الإخوانية تلجأ إلى العنف والعمل السري، مع كل ضغط يمارسه النظام التونسي عليها، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع أن تقف الحركة الإخوانية ساكنة تجاه ما يحدث من تغييرات تنذر بإخراجها من المشهد السياسي، وتكشف «فسادها» خلال السنوات العشر التي تولت فيها الحكومة.

 

الذئاب المنفردة

وربط الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، بين ما يعرف بـ«الذئاب المنفردة» وحركة النهضة الإخوانية، خصوصًا بعد وصف زعيم الأخيرة راشد الغنوشي، خلال تأبينه عضوًا بمجلس شوري الحركة، قوات الأمن التونسي بـ«الطواغيت»، وهو التوصيف الذي يستخدمه الإرهابيون.

ورغم ذلك، فإنه لم يستبعد أن يكون النشاط الأمني محاولة لتبرير تجميد العملية السياسية، ورفع شعار مكافحة الإرهاب، لتمرير سياسات بعينها من قِبل الرئيس قيس سعيد.

 

تمدد داعش

رؤية بان وافقه فيها مصطفى أمين عامر، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، إلا أنه حذر في تصريحات لـ«السياق» من الخلايا التابعة لتنظيم داعش الإرهابي فى تونس.

وأشار إلى أن بعض هذه الخلايا يتمركز في تونس، لأسباب عدة؛ أولها أن تونس تعد جزءًا من تمدد تنظيم داعش في دول الساحل والصحراء، الذي يحاول اختراق دول المغرب العربي عبر الصحراء الكبرى، بعد سيطرة ولايتي وسط وغرب إفريقيا «الداعشيتين» على المشهد الجهادى فى الجغرافيا الإفريقية.

السبب الثاني لتمركز خلايا إرهابية في تونس، يعود إلى محاولة حركة النهضة الإخوانية إحداث فوضي في المشهد العام، بسبب الصراع السياسي بينها وبين الرئيس التونسي قيس سعيد، وتوظيفها للجماعات السلفية المتحالفة معها، بحسب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة.

وأوضح أن السبب الثالث، يعود إلى محاولة تنظيم داعش الإرهابي، تنشيط خلاياه الإرهابية في تونس وتوظيفها في مشروعه «الثأري» و«الاستنزافي» للدول مع تنصيب خليفته الجديد، كون تونس كانت بؤرة لتصدير المقاتلين للتنظيم، الذين بلغ عددهم قرابة 12 ألفًا، استفاد منهم «داعش» بتنشيط خلايا «التماسيح» التي استهدفت الغرب.

 

آلية إعلامية إخوانية

أسباب دفعت الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى التحذير من محاولة الآلة الإعلامية والتنظيمية الإخوانية لإجهاض اليقظة الأمنية، والضغط الأمني على البؤر المرشحة والمستنفرة لممارسة العنف.

وهو ما أشار إليه أحمد سلطان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهاب، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن القوات الأمنية التونسية شنت هجومًا خلال السنوات الأربع الماضية على البؤر الإرهابية، تمكنت خلاله من القبض على نحو 200 شخص في قضايا تتعلق بالإرهاب.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن بعض المناطق بتونس تعد جذورًا لنمو تنظيمات إرهابية؛ وهو ما بدا واضحًا، من عدد وفاعلية التونسيين الذين شاركوا في القتال مع «داعش»، مشيرًا إلى أنهم كانوا الأكثر عددًا داخل التنظيم الإرهابي، في سوريا والعراق وليبيا.

ورغم نجاح الحملات الأمنية في القضاء على جزء كبير من خلايا التنظيمات الجهادية، فإنه ما زال هناك الكثير ممن يدينون بالولاء لهذه التنظيمات، بحسب سلطان، الذي أشار إلى دور حركة النهضة في تعزيز بروز الإرهابيين بتونس، لأنها كانت تتعامل معهم بنوع من عدم الحسم وإفراغ المجال العام لهم، ما سمح لهم بأن يمارسوا عمليات استقطاب وتجنيد واسعة.

 

سياسة رخوة

ورغم السياسة الرخوة التي اتبعتها «النهضة» مع التنظيمات الإرهابية أثناء سيطرتها على تونس، فإن الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، قال إن الحركة لا تتورط في الإرهاب بشكل مباشر؛ فهي ترغب في الحل السياسي وتتجه نحو الدول الأوروبية وتحاول حشد الرأي العام الغربي، مدعية أن العنف يؤدي إلى نتيجة.

وأشار إلى أن حركة النهضة ترى أن العنف سيؤدي إلى مزيد من خسارتها، كونها لا تستطيع تحمل تكلفة هذا الخيار الذي تتنصل منه الآن، محاولة تصوير نفسها كحركة وسطية ليبرالية متأسلمة.

وأكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أن حركة النهضة الإخوانية لا تبتعد عن العنف؛ لأنها لا تؤمن بأنه موجود، لكن لأنها تدرك أن الخسائر التي ستجنيها -جراء دعمها المباشر للعنف- ستكون أكبر بكثير من المكاسب التي ستحققها.