مسؤول أمريكي سابق: بايدن محق في نهجه تجاه السعودية
الرئيس الأمريكي ينشد شيئًا لم نشهده كثيراً في العقدين الماضيين هو الواقعية

ترجمات-السياق
رأى نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لسياسة الشرق الأوسط السابق، أندرو إكزوم، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن محق برغبته في الذهاب إلى المملكة العربية السعودية، قائلاً: "هذه الزيارة المُخطط لها تعد تصميماً من الإدارة على تبرير حجم الاهتمام الذي نوليه للمنطقة، لصياغة سياسة خارجية تمثل الطبقة الوسطى الأمريكية".
وأشار إكزوم، في مقال لمجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية، إلى أن زيارة بايدن للملكة لن تجعل أي شخص سعيداً على المدى القريب، كما أنها ستكلفه رأسمالاً سياسياً ثميناً داخل حزبه، لأن قراره الواضح الآن بالزيارة ولقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثار غضب العديد من مؤيديه مثل منتقديه.
وأضاف: "لقد عملت مرتين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، في مناصب مسؤولة عن صياغة سياستنا الدفاعية في الشرق الأوسط، لكنني ابتعدت عن المنطقة منذ أن تركت الحكومة عام 2017، وليس لدي أي مصالح شخصية ولا مهنية في رؤية العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تتحسن".
وتابع: "إلا أنني أحافظ على صداقات طويلة الأمد ببعض صانعي السياسة الأمريكيين والسعوديين، الذين يحاولون تحسين العلاقات بين البلدين، وقد قضيت أيضاً بعض الوقت مع الرئيس بايدن والأمير محمد بن سلمان على مر السنين، إذ كنت أحد موظفي الأول في رحلة استغرقت أسبوعاً إلى المنطقة عام 2016، وقابلت الأخير مرات عدة، كانت كلها تقريباً مقابلات رسمية".
وأعرب إكزوم عن استمتاعه بزياراته إلى المملكة العربية السعودية على مر السنين، لافتاً إلى أن لديه الكثير من الأصدقاء السعوديين، وإلى أن السعوديين العاديين الذين التقاهم كانوا يتسمون بالدفء والترحيب.
ورأى أنه يمكن تقسيم النقاد التقدميين لنهج إدارة بايدن تجاه المملكة إلى معسكرين، يشمل الأول هؤلاء النقاد العاملين داخل الإدارة نفسها، حيث يميل منتقدو سياسات بايدن هؤلاء إلى تركيز إحباطهم من نهج الإدارة على مستشار الرئيس الأقرب في المنطقة، بريت ماكجورك، إذ يلقون باللوم على الأخير في قيام الإدارة بإلغاء منح الأولوية لأهداف السياسة التقدمية مثل تقرير المصير الفلسطيني لصالح ما يرون أنه استرضاء لبعض الأقوياء.
وأضاف: "بينما يميل النقاد التقدميون خارج الإدارة إلى التركيز بدرجة أقل على مستشاري بايدن، ويصبون تركيزهم بشكل أكبر على بايدن نفسه، إذ يجادلون بأن الرئيس، وليس مستشاريه، هو الذي وعد بنهج مختلف للسعودية وبقية المنطقة، والحقيقة أنني لدي تعاطف أكبر مع هذا المعسكر الأخير، ليس فقط لأنني أجد أن الأمر مقيت أن يلفت البيروقراطيون العاجزون الانتباه إلى عجزهم من خلال الهجوم على زميل لهم، بل لأن بايدن هو الرئيس، وهو المسؤول النهائي عن كل ما تفعله إدارته وعما لا تفعله، وهو أيضاً من يختار المستشارين الذين يستمع إليهم".
ووفقاً لإكزوم، فإنه طالما جادل العديد من التقدميين في المعسكرين بأن الولايات المتحدة تنفق الكثير من الوقت والموارد على المنطقة، ومن الصعب القول إنهم مخطئون، إذ إنه دائماً ما كانت سياسة الولايات المتحدة في المنطقة تحقق نجاحاً، عند تصنيفها بأنها تتعارض مع مصالحنا المعلنة في المنطقة، حيث ساعدت واشنطن في تأمين إسرائيل، وحمت الممرات البحرية في شبه الجزيرة العربية الغنية بالموارد وحولها، وتصدت -بشكل فعال- لمعظم التهديدات التي يشكلها الإرهابيون العابرون للحدود ولانتشار أسلحة الدمار الشامل.
وتساءل: "هل كانت استراتيجيتنا فعالة بالنظر إلى التكلفة؟" وأجاب: "بالتأكيد لا".
وأوضح المسؤول الأمريكي السابق أنه عندما غادر مقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) آخر مرة عام 2017، كان لا يزال لدى الولايات المتحدة ما يقرب من 60 ألف جندي في المنطقة، فضلاً عن أولئك الذين كانوا في أفغانستان، وكانت البلاد ترسل مساعدات بمليارات الدولارات إلى إسرائيل ومصر ولبنان والأردن سنوياً في شكل تمويل عسكري أجنبي ومساعدات مباشرة، كما خاضت حرباً طويلة ومكلفة في العراق، خلفت آلاف القتلى من الأمريكيين، وأهدرت أكثر من تريليون دولار لن تُنفق على الطرق والمدارس الأمريكية.
وتابع: "كما أمضى صانعو السياسة الأمريكيون ساعات لا حصر لها في التركيز على المنطقة، التي كان من الممكن أن يقضوها في التركيز على التحديات الخارجية والمحلية، إذ امتص الشرق الأوسط الكثير من الأكسجين في غرفة العمليات منذ نهاية الحرب الباردة على وجه التحديد".
ورأى إكزوم أنه قد لا يتفق الرؤساء الأمريكيين السابقين أوباما ودونالد ترامب والحالي بايدن، على الكثير من كلامه، لكنه يعتقد أنهم جميعاً سيوافقون على الجملة الأخيرة، ومع ذلك، فإن عملية التطبيع التي بدأت بين إسرائيل وجيرانها الخليجيين -خلال إدارة ترامب- فرصة لإعادة ضبط التوقعات الخاصة بالالتزام أمريكي تجاه المنطقة.
وأضاف: "لقد أوجدت العلاقات المتنامية بين إسرائيل ودول الخليج قوة موازنة قوية لتأثير إيران الخبيث في المنطقة، وفي حال تمتع إسرائيل بعلاقات سياسية وعسكرية أو حتى تجارية أوثق بالخليج، قد يتحمل الرؤساء الأمريكيون -في المستقبل- المزيد من المخاطر في ما يتعلق بالتزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة، صحيح أنه كان لدى الديمقراطيين الكثير من الأمور التي يمكنهم انتقادها خلال سنوات ترامب، لكن ينبغي ألا تكون الاتفاقيات الإبراهيمية من تلك الأشياء، لكني أخشى ألا تذهب عمليات التطبيع إلى ما هو أبعد من ذلك من دون انضمام السعودية إليها".
وأضاف: "عادةً ما أسأل أصدقائي التقدميين لماذا لا يمكننا فعل ما نفعله مع الدول الأخرى في السعودية؟ لماذا يكون لدينا سفير في الصين أو حتى في روسيا ولكن ليس في السعودية؟ لماذا يمكن للرئيس الجلوس مع الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الرجل الذي يؤكد بقوة وبصوت عالٍ أن انتخابات 2020 سُرقت من ترامب، ولا يمكنه الجلوس مع محمد بن سلمان؟، لقد تشكلت حياتي المهنية كلها تقريباً، منذ أن ارتديت الزي العسكري لأول مرة خلال سنوات سياسة (الاحتواء المزدوج) سيئة السُمعة، من خلال الالتزام الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، الذي تسبب في إراقة دماء وإهدار ثروات أكثر مما تستحقه المنطقة".
ونهاية مقاله، أوضح المسؤول الأمريكي السابق أنه انطلق نحو حرب العراق، التي وصفها بـ"الكارثية"، عام 2003، استناداً، بشكل جزئي، إلى الحجج القائمة على القيم المزعومة التي قال إنها تجعله يشعر بالضيق عندما يعيد قراءتها اليوم، مشيراً إلى أن "بايدن ينشد شيئاً لم نشهده كثيراً في العقدين الماضيين، هو الواقعية، ورغم أن هذا النهج قد يكون غير محبوب بين الذين أحترمهم، فإنني موافق عليه".