عودة حرب الظل بين إيران وإسرائيل... قتل ضابطين رفيعي المستوى يكشف اختراقات أمنية
كماني وعبده هما الأحدث في سلسلة من الوفيات الغامضة، في الأسابيع الماضية، خاصة بعد أن قالت وسائل إعلام حكومية، إن أحدهما عقيد في فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني

السياق
عودة جديدة لحرب الظل بين إيران وإسرائيل، زادت وتيرتها خلال الأيام الماضية، كشفت «اختراقات» أمنية خطيرة داخل طهران، وفضحت ادعاءات النظام الإيراني.
آخر مؤشرات عودة تلك الحرب، كان ما أعلن –الاثنين- عن قتل اثنين من أعضاء فرقة الفضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني، في حادثين منفصلين أثناء وجودهما في الخدمة، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية.
وأعلن فرع قوة النخبة بالمحافظة المركزية -في بيان نقلته وسائل إعلام إيرانية- أن علي كماني، عضو فرقة الطيران التابعة للحرس الثوري الإيراني الذي يعمل في الخمين، على بعد قرابة 320 كيلومترًا (200 ميل) جنوبي العاصمة طهران، قُتل في حادث قيادة أثناء القيام بمهمة غير محددة.
بعد ذلك بساعات، قال موقع فارس الإخباري شبه الرسمي، التابع للحرس الثوري الإيراني –الاثنين- إن عضوًا في فرقة الطيران التابعة للحرس الثوري الإيراني، يبلغ من العمر 33 عامًا، يُدعى محمد عبدوس، توفي أثناء مهمته.
بينما يشير وصف القتلى على أنهما "استشهادتان" إلى أن الحرس الثوري الإيراني يعتقد أن الرجلين قُتلا، ما ينفي أنهما توفيا في حوادث عادية، ولم تنشر أي تفاصيل عن وفاة عبدوس، غير أنه وافته المنية -الأحد- في محافظة سمنان الشمالية.
وفيات مشبوهة
كماني وعبده هما الأحدث في سلسلة من الوفيات الغامضة، في الأسابيع الماضية، خاصة بعد أن قالت وسائل إعلام حكومية، إن أحدهما عقيد في فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، يدعى علي إسماعيل زاده، توفي في حادث هذا الشهر.
ورفضت وكالة أنباء تسنيم شبه الرسمية، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، مزاعم قناة تلفزيونية إيرانية معارضة مقرها لندن، بأن الحرس الثوري الإيراني قضى على إسماعيل زاده، للاشتباه بتورطه في اغتيال عقيد آخر في 22 مايو الماضي، ووصفت الوكالة الجريمة بأنها «حرب نفسية واختلاق أخبار».
وفي 31 مايو الماضي، توفي مهندس طيران يدعى أيوب انتصاري في ظروف مريبة، بينما زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن انتصاري، الذي كان يعمل في برامج إيران للصواريخ والطائرات من دون طيار، تعرض للتسمم في حفل عشاء، وأن المضيف هرب من البلاد.
وتقول التقارير إنه عمل في معهد بحث وتطوير بمدينة يزد، حيث يُزعم أنه كان يعمل في إنتاج الصواريخ والطائرات من دون طيار، مشيرة إلى أن انتصاري عاد إلى منزله من حفل عشاء، بأعراض تسمم غذائي، وتوفي في المستشفى.
إيران تبرر
وبعد وفاته، سلَّمت السلطات الإيرانية خطاب تقدير لأسرة انتصاري، أشارت فيه إلى العالم بـ«الشهيد»، ما يعني أنه قُتل، ومع ذلك سرعان ما تراجعت سلطات المدينة المركزية من مدينة يزد، مدعية أن الرسالة كانت خطأ.
وقال القضاء في يزد إن انتصاري كان «موظفًا عاديًا في شركة صناعية، عانى لسوء الحظ وتوفي بسبب مرض لم يُكشف عنه في المستشفى»، مضيفًا أن الشكوك في تعرض العالم للتسمم ما هي إلا إشاعات نشرها أحد الأقارب الذي أراد ملاحظته.
وتستمر التوترات في التصاعد بين حكومتي إسرائيل وإيران، بعد وفاة غامضة لعالم صواريخ إيراني وضابط عسكري كبير.
سلسلة وفيات في إيران
جاءت وفاة انتصاري بعد أيام من وفاة غامضة أخرى لضابط رفيع المستوى في الجيش الإيراني، يدعى العقيد علي إسماعيل زاده، في مقر إقامته بضاحية طهران الأسبوع الماضي.
كان زاده ضابطًا كبيرًا في مفرزة النخبة بالحرس الثوري الإسلامي، الوحدة 840، التي تتولى مهام اغتيال الأجانب في الخارج، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وكانت قناة إيران الدولية التلفزيونية الفارسية، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، أعلنت وفاته لأول مرة، وزعمت المحطة أن مسؤولي الحرس الثوري اشتبهوا في أن إسماعيل زاده كان يتجسس لصالح إسرائيل وأنهم مسؤولون عن انتحاره.
ومع ذلك، وردت أنباء متضاربة من وسائل إعلام إيرانية، تفيد بأن العقيد توفي إثر سقوطه من شرفة منزله في ظروف مريبة.
جاءت وفاة إسماعيل زاده بعد أسبوع من قتل العقيد صياد خدائي، وهو أيضًا ضابط كبير في الوحدة 840، في إطلاق نار من سيارة مسرعة.
وتلقي إيران باللوم على إسرائيل في قتل خودائي، بينما أبلغ مسؤولون إسرائيليون الولايات المتحدة بأنهم المسؤولون عن الاغتيال.
وقال القائد العام لقوات الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي: «سنجعل العدو يندم على ذلك، ولن يمر أي من أعمال العدو الشريرة من دون رد».
وقال مسؤولون إسرائيليون، إن العقيد خضيعي كان نائب قائد الوحدة 840 وكان مسؤولًا عن مهام الكتيبة في الشرق الأوسط، كما يُشتبه بتورطه في هجمات إرهابية ضد مسؤولين حكوميين وإسرائيليين وأمريكيين وأوروبيين، خلال العامين الماضيين.
وصورت إيران خديعي على أنه "شهيد" ولم ترد على الاتهامات الإسرائيلية ضده، بينما يقول بعض المحللين الإيرانيين إن المزاعم تهدف إلى منع الولايات المتحدة من إزالة تصنيفها الإرهابي على الحرس الثوري، الأمر الذي يعيق استعادة الاتفاق النووي الإيراني.
وقال المحلل غيس قريشي، في تصريحات صحفية: «نحن أيضًا في حرب تضليل مع إسرائيل»، مشيرًا إلى أن ما وصفها بـ«الاستفزازات» تهدف إلى الضغط على جميع الأطراف لإلغاء الاتفاق النووي، أو دفع إيران للرد بطريقة قد تكون ضارة.
تأتي هذه التقارير بعد تردد معلومات عن تعرض مجمع بارشين العسكري خارج طهران لهجوم من قِبل القوات الإسرائيلية، وهو المجمع الذي تطور فيه إيران الصواريخ والأسلحة النووية وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار.