الاتفاق النووي الإيراني... نصر دبلوماسي أم كارثة محققة؟

خياران يلوحان في الأفق أمام الإدارة الأمريكية، التي تحاول حثيثًا الوصول لاتفاق نووي مع إيران، يجنِّب البلدين الدخول في أتون صراع مدمر

الاتفاق النووي الإيراني... نصر دبلوماسي أم كارثة محققة؟

ترجمات – السياق

خياران يلوحان في الأفق أمام الإدارة الأمريكية، التي تحاول حثيثًا الوصول لاتفاق نووي مع إيران، يجنِّب البلدين الدخول في أتون صراع مدمر.

ورغم أن الطرفين توصلا -أواخر فبراير الماضي- إلى اتفاق شبه مبدئي على النقاط الخلافية، فإن تطورات الملف الشائك حالت دون إتمامه، بعد أن أثارت روسيا مخاوف جديدة، وفي ظل ضغط المسؤولين الإيرانيين لرفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري.

وما بين المقترح الأمريكي بشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، مقابل تأكيدات من إيران بعدم الانتقام من المسؤولين الأمريكيين لقتل قاسم سليماني، والمقترح الإيراني المضاد الذي لم تتكشف تفاصيله، يقف الملف النووي الإيراني في نقطة «حذرة» وسط ترقب كل الأطراف.

فخ ترامب

إلى ذلك، قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية -في تقرير- إن القضايا الثنائية الشائكة المتبقية، تشكل جزءًا رئيسًا من «الفخ» الذي نصبته إدارة ترامب للرئيس بايدن.

وحذرت المجلة الأمريكية، من أن عدم تحرك بايدن السريع لتجاوز هذا «الفخ»، وكسر الجمود وإنقاذ الاتفاق النووي، من شأنه دفع الولايات المتحدة وإيران نحو صراع عسكري مدمر.

وتخوض إيران -منذ عام- مفاوضات مع الغرب، في مسعى لإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015 بشأن برنامج طهران النووي، على أن يتيح الاتفاق رفع العقوبات المفروضة على طهران، ما يسمح لها بالوصول إلى أموالها المجمدة في الخارج.

وينص الاتفاق النووي على تخفيف العقوبات عن إيران، مقابل قيود على برنامجها النووي، لضمان عدم تمكنها من تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.

إلا أن القضية الرئيسة التي تعيق التوصل لاتفاق، قرار إدارة ترامب في أبريل 2019، بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، بينما تطالب طهران بإزالته من أي اتفاق نووي، بحسب «ناشيونال إنترست».

وأوضحت المجلة الأمريكية، أنه سيكون من الصعب -إن لم يكن مستحيلًا- على أي زعيم سياسي إيراني، توقيع صفقة تترك الحرس الثوري الإيراني ضمن القوائم الإرهابية، التي تدرج عليها تنظيمات مثل القاعدة وداعش.

خط النهاية

وبينما تتجاهل إدارة بايدن رغبتها في إلغاء التصنيف، تضغط في الجهة الأخرى، للحصول على تنازلات غير نووية لخفض التصعيد.

مواقف تبدو «متحجرة» لأطراف الاتفاق النووي، وجمود بات مسيطرًا على مفاوضات فيينا، إلا أن إدارة بايدن تخشى التكاليف السياسية للوصول إلى خط النهاية.

خطأ فادح

وأكدت «ناشيونال إنترست» الأمريكية، أنه على إدارة بايدن التفتيش ما إذا أمكن الحصول على أي تنازلات غير نووية من إيران، مقابل شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، مشيرة إلى أنه سيكون من «الخطأ الفادح» ترك مفاوضات فيينا رهينة بيد تصنيف -من عهد ترامب- أشعل حرب الظل بين الولايات المتحدة وإيران.

وقللت المجلة الأمريكية من أهمية آثار إزالة واشنطن تصنيف الحرس الثوري من القوائم الإرهابية، قائلة إنه لو حدث، فإن الحرس الثوري الإيراني سيظل يخضع لعدد كبير من العقوبات الأخرى، التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والصواريخ والتدخل في الانتخابات، مشيرة إلى أن إزالة هذا التصنيف ليس تنازلاً رئيسًا بل قد يخدم مصالح الولايات المتحدة.

من جانبه، قال السناتور كريس مورفي، في رسالة للإدارة الأمريكية: "إذا كانت هناك صفقة جيدة مطروحة... يجب على إدارة بايدن توقيع هذه الصفقة سريعًا، ثم تمريرها من قِبل الكونغرس قبل فوات الأوان".

بينما قال مسؤول أمريكي حالي ومصدران مطلعان، إن الإدارة الأمريكية ليست مستعدة لرفع تصنيف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، من دون أن تقدم إيران شيئًا ذا قيمة مماثلة في المقابل.

وأكد المسؤول الأمريكي الرفيع، أن الأمر متروك لإيران لحل المأزق، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب ستفعل ما في وسعها لمصلحة أمن الولايات المتحدة.

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إنه إذا كانت إيران تريد رفع العقوبات، التي تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة، «فستحتاج إلى معالجة مخاوفنا في ما وراء هذه الخطة".

آثار سلبية

وكشفت المجلة الآثار السلبية، التي نتجت عن قرار ترامب تصنيف الحرس الثوري ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، مشيرة إلى أن كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الأمريكيين، حذروا -في ذلك الوقت- من أن تصنيف الحرس الثوري الإيراني، سيهدد القوات والأفراد الأمريكيين بشكل مباشر.

وقال أنتوني بلينكن، السياسي الأمريكي الذي أصبح وزيرًا لخارجية بايدن، إن الإدارات السابقة رفضت تصنيف الحرس الثوري الإيراني، لأن "الانتكاسة المحتملة تفوق الفوائد ويمكن أن تدفع الولايات المتحدة وإيران نحو الحرب المباشرة".

وحذر بلينكن –حينها- من أن الحرس الثوري الإيراني سيرد بدفع إيران للانسحاب من الاتفاق النووي، وإطلاق العنان لميليشياتها ضد القوات الأمريكية في العراق، وملاحقة السفن في الخليج العربي.

ورغم هذه المخاوف، فإن ترامب تجاهلها، بعد أن استمع لنصيحة مستشاريه –حينها- بضرورة تصنيف الحرس الثوري الإيراني بأنه منظمة إرهابية أجنبية، كجزء من استراتيجية لمنع أي خليفة ديمقراطي له في البيت الأبيض، من استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة.

الرد الإيراني

إلا أن مخاوف المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين، التي رفض ترامب الإنصات إليها، أثبتت أنها كانت ذات بصيرة، إذ بدأت إيران وقف امتثالها للاتفاق النووي، بعد أسابيع قليلة من التصنيف، وزادت حدة الضربات على المواقع الأمريكية في العراق، وضُربت ناقلات النفط الدولية في عمليات متطورة منسوبة إلى الحرس الثوري الإيراني، كما استهدفت المنشآت النفطية السعودية في بقيق بصواريخ كروز.

لم تقتصر تبعات قرار ترامب بين البلدين على هذا الحد، بل إن حرب الظل المندلعة بينهما، كادت أن تتحول إلى حرب شاملة، عندما أسقطت إيران طائرة من دون طيار في يونيو 2019، وما تبعه من رد أمريكي، باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020.