أمريكا بحاجة إلى حلفائها الخليجيين في السراء والضراء
اتخذ بايدن العديد من الإجراءات التي قوَّضت العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع دول الخليج الرئيسة، وجعلتها تصل إلى مستويات لم نشهدها منذ الحظر العربي للنفط في السبعينيات

ترجمات - السياق
طالب مدير السياسات الاقتصادية الدولية، في المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي، سام بوكان، وعضو مكتب نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس، جاكوب أوليدورت، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإيلاء الاهتمام بدول الخليج.
وقال بوكان وأوليدورت، في مقال مشترك لصحيفة واشنطن تايمز الأمريكية: بحسب ما ورد فإن المقرر أن يلتقي بايدن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر المقبل، وهو ما سيكون أول لقاء له بولي العهد، وكذلك زيارته الأولى إلى الشرق الأوسط بعد وصوله للبيت الأبيض، ويأتي ذلك في الوقت الذي تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى المساعدة في إنتاج النفط، وفي التعامل مع الأزمة الحالية في أوكرانيا.
وأضافا: رغم أن المملكة العربية السعودية تبنت مؤخراً لهجة تعاونية تحسباً لهذه الزيارة، بما في ذلك تعزيز إنتاج النفط وتمديد الهدنة مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، يجب النظر إلى مدى نجاح اجتماع بايدن المرتقب، من منظور تعامله مع الأنظمة الملكية في الخليج، منذ بداية رئاسته.
وتابعا: "لقد اتخذ بايدن العديد من الإجراءات التي قوَّضت العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع دول الخليج الرئيسة، وجعلتها تصل إلى مستويات لم نشهدها منذ الحظر العربي للنفط في السبعينيات، إذ أصدرت إدارته تقريراً يعيب السجل الإنساني للحكومة السعودية، وأخرت صفقة أسلحة للإمارات العربية المتحدة، بينما أقدمت -أوائل عام 2022- على تصنيف قطر، كحليف رئيس من خارج "الناتو"، ومؤخراً أساءت الإدارة إلى المملكة، من خلال ترشيح موظف مدني سفيرًا للبلاد، بدلاً من تعيين شخصية سياسية، كما كان يحدث".
ورأى كاتبا المقال أنه لهذه الأسباب لم يكن من المستغرب أن يرفض وليا عهد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قبل ثلاثة أشهر، طلب بايدن الأول للمساعدة في تعويض النقص المتزايد بإمدادات الطاقة، كجزء من جهد أوسع من القادة الغربيين، لمحاسبة روسيا على غزوها لأوكرانيا.
واعتبرا أن طلب بايدن كان حاسماً، لأن السعودية ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم، كما تعد الإمارات من بين أكبر 10 منتجين للنفط والغاز الطبيعي، وفي عالم تشكل فيه المواد الهيدروكربونية 84% من مزيج الطاقة العالمي، لا يمكن التغاضي عن العلاقات بين كبار الموردين، لاسيما عندما تكون هناك حاجة لنفوذ السياسة الخارجية لمواجهة ثالث أكبر منتج في العالم "روسيا".
وأضافا: "تشهد المملكة العربية السعودية، مثل غيرها من اللاعبين الإقليميين، تحولاً جوهرياً، وتمضي قدماً على الطريق نحو مجتمع حر ومنفتح، كما نمت لتصبح لاعباً اقتصادياً رئيساً في المنطقة، إذ مهدت الإصلاحات الأخيرة الطريق نحو تنويع اقتصادها".
ووفقاً لكاتبي المقال، رغم أن حرب السعودية والإمارات في اليمن لا تخلو من المشكلات، فإن التهديد الذي يواجهونه من الحوثيين حقيقي، لكن يبدو أن إدارة بايدن قللت من شأن هذا التهديد، في سعيها لاجتذاب إيران راعية الحوثيين، وقد انتقد الرئيس السابق للمخابرات السعودية، تركي الفيصل، بايدن، علناً، لعدم انضمامه للدفاع عن المملكة، عندما هاجمها الحوثيون المدعومون من إيران، وتابعا: "تحالف حلفائنا الخليجيين وإسرائيل معاً في نظرتهم للتهديد الإيراني (بصرف النظر عن مدى تشجيع الولايات المتحدة للأمر) يعد مهماً".
وطالب كاتبا المقال الولايات المتحدة بضرورة أن تدرك الدور الحاسم لحلفائها الخليجيين في أمن الطاقة العالمي، لافتين إلى أنه رغم تحقيق الولايات المتحدة لاستقلال الطاقة عام 2019، فإنها ليست بمعزل عن تأثيرات اضطراب الإمدادات العالمية، وهي الحقيقة التي جرى إثباتها مراراً وتكراراً، فلا يحتاج المرء سوى لإلقاء نظرة على تداعيات غارة إيران بطائرة من دون طيار على منشآت إنتاج النفط الخام السعودية في بقيق وخُريص، التي أوقفت أكثر من 5% من الإمدادات العالمية.
وتابعا: "يعد دور حلفاء الولايات المتحدة في الخليج -كمنتجين رائدين للطاقة- ضرورياً أيضاً لأمن الطاقة المستقبلي للدول الأوروبية، لاسيما عندما يسعون إلى إنهاء اعتمادهم على إمدادات الطاقة الروسية، إذ إنه رغم الخطاب الخاص بـ(العالم الأخضر)، فإن الطلب على النفط والمنتجات البترولية سيستمر في المستقبل المنظور، وهو ما يدركه حلفاؤنا الخليجيون، وقد حان الوقت لأن ندركه أيضاً".
ولفت كاتبا المقال إلى أن شركاء أمريكا في الشرق الأوسط، كانوا دائماً ما يعملون للتحوط بينها وبين خصومها، تحسباً لانسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، ولذا فإنهم اليوم يبحثون بنشاط عن شركاء في أماكن أخرى، ففي الصيف الماضي، وقعت السعودية اتفاقية عسكرية مع روسيا، كما استغلت الصين إهمال أمريكا للمنطقة، وأقامت علاقات دفاعية واقتصادية مع المملكة، بما في ذلك المساعدة في بناء قدرات الصواريخ البالستية السعودية، وتعميق تجارة الطاقة لديها في المستقبل المنظور، وبالمثل، تبنت الإمارات ومصر الاستثمارات الصينية في صناعتهما الدفاعية.
ورأى بوكان، الذي يدير الآن مركز استقلال الطاقة في معهد أمريكا أولاً للسياسات، وأوليدورت الذي يدير مركز الأمن الأمريكي في المعهد نفسه، أنه كثيرًا ما أظهر حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أنهم لا يحتاجونها لتعزيز أمنهم ومصالحهم في المنطقة، لكن الشيء نفسه لا ينطبق على أمريكا فهي تحتاجهم، كما أظهروا استعداداً للرد خلال الإدارة الأمريكية السابقة.
ونهاية المقال، قالا إن تعزيز المصالح الأمريكية يتطلب انخراطاً ثابتاً مع جميع حلفاء واشنطن، وذلك في السراء والضراء، وأضافا أنه "سيكون من الحكمة أن تستيقظ إدارة بايدن وتدرك هذه الحقيقة".