في خطابه الأول أمام الأمم المتحدة... بايدن يواجه شكوكاً في قيادة أمريكا للعالم
أشارت نيويورك تايمز إلى أن بايدن لم يشر إلا بشكل ضئيل، إلى الخلاف العالمي الذي أحدثته أفعاله وتصرفاته، بما في ذلك الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، الذي تسبَّب في استعادة طالبان السيطرة على البلاد، بعد 20 عامًا من هزيمتها، كما أنه لم يشر إلى تفجير إدارته لصراع جديد، مع أحد أقرب حلفاء أمريكا فرنسا.

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الضوء، على الظهور الأول للرئيس جو بايدن أمام الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن خطابه جاء بينما يواجه شكوكًا في القيادة العالمية للولايات المتحدة، بعد سلسلة الاخطاء التي ارتكبها منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وذكرت الصحيفة -في تقرير- أن الرئيس بايدن، الذي يحارب الشكوك المتزايدة بين حلفاء أمريكا بشأن التزامه بالعمل معهم، استخدم خطابه الأول أمام الأمم المتحدة، للدعوة إلى "دبلوماسية لا هوادة فيها" بشأن تغيُّـر المناخ، والوباء، والجهود المبذولة للحد من التأثير المتزايد للدول الاستبدادية، مثل الصين وروسيا.
وفي خطاب مدته 30 دقيقة، في قاعة الجمعية العامة، أعلن بايدن حقبة جديدة من الدبلوماسية الأمريكية، موضحًا أن صيفًا من حرائق الغابات والحرارة المفرطة، وعودة ظهور فيروس كورونا، يتطلب حقبة جديدة من الوحدة الدولية.
وقال الرئيس الأمريكي، خلال خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "إن أمننا وازدهارنا وحرياتنا مترابطة، في رأيي كما لم يحدث من قبل"، وأصر على أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين سيظلون شركاء حيويين.
الحرب الباردة والصن
أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن بايدن لم يشر إلا بشكل ضئيل، إلى الخلاف العالمي الذي أحدثته أفعاله وتصرفاته، بما في ذلك الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، الذي تسبَّب في استعادة طالبان السيطرة على البلاد، بعد 20 عامًا من هزيمتها.
كما أنه لم يشر إلى تفجير إدارته لصراع جديد، مع أحد أقرب حلفاء أمريكا "فرنسا" إثر صفقة غواصات سرية مع أستراليا، لمواجهة نفوذ الصين في المحيط الهادئ.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها، أن هاتين الأزمتين في السياسة الخارجية، أدتا إلى تشكيك بعض شركاء أمريكا في التزام بايدن بتمكين التحالفات التقليدية.
وذكرت الصحيفة، أن بايدن طوال خطابه، لم يتحدَّث عن الصين، ورغم أن جهوده لإعادة توجيه التنافسية الأمريكية وسياسة الأمن القومي، كانت مبنية على مواجهة نفوذ بكين المتنامي، فإنه ربط نقاشه بسلسلة من الخيارات، التي اختصرت أساسًا بدعم الديمقراطية على الاستبداد، وهو نقد مغطى يستهدف الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال: "نحن لا نسعى - كررها مرتين- إلى حرب باردة جديدة أو عالم مقسم إلى كتل جامدة"، ومع ذلك، في وصفه لما سماها "نقطة انعطاف في التاريخ"، تحدَّث بايدن عن الحاجة إلى اختيار ما إذا كانت التقنيات الجديدة ستُستخدم "كقوة لتمكين الناس أو تعميق القمع"، ثم أشار صراحة إلى استهداف الأويغور في منطقة شينجيانغ غربي الصين.
تقسيم العالم
وعن فِكرة تقسيم العالم التي أشار إليها بايدن في خطابه، أشارت الصحيفة إلى أن كبار مساعدي الرئيس، يرفضون فكرة تقسيم العالم لمعسكرين متعارضين، هما الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما أكبر اقتصادات العالم، كما يرفضون أن تبحث كل من الدولتن نتيجة لذلك، عن حلفاء لمواجهة نفوذ الأخرى، مثلما كان يحدث إبان الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي.
ويرى مساعدو الرئيس الامريكي أن العلاقة ببكين، على عكس التنافس خلال الحرب الباردة مع موسكو، إذ تتميز بالتبادل الاقتصادي العميق، وبعض المجالات ذات المصالح المشتركة، من المناخ إلى احتواء البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
لكن في السر، يعترف بعض المسؤولين بتزايد أوجه التشابه، بين أجواء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي قديمًا، والصين حاليًا، مشيرين إلى أنه من الواضح أن الصفقة الأمريكية البريطانية، لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، محاولة لإعادة التوازن البحري في المحيط الهادئ، حيث توسع الصين مطالبها الإقليمية وتهدد تايوان، بينما تحاول الولايات المتحدة، منع وصول الصين إلى التكنولوجيا المتطورة وأنظمة الاتصالات الغربية، وهي أمور تشبه ما كانت عليه العلاقات الأمريكية السوفييتية.
وقال بايدن في خطابه: "المستقبل يخص أولئك الذين يمنحون شعوبهم القدرة على التنفس بحرية، وليس أولئك الذين يسعون إلى خنق شعبهم بسلطوية من حديد".
وأشارت الصحيفة، إلى أنه لم يترك مجالًا للشك بمن كان يقصده، إذ أضاف: "المستبدون في العالم، يسعون لإعلان نهاية عصر الديمقراطية، لكنهم مخطئون".
وذكرت الصحيفة، أنه بعد ساعات قليلة من مغادرة بايدن المنصة، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة بلاده أمام الجمعية العامة، في فيديو مسجل، رافضًا تصوير الولايات المتحدة لحكومته على أنها قمعية وتوسعية، مؤكدًا أنه يدعم التنمية السلمية لجميع الشعوب.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن لغة شي كانت مقيدة، ومثل بايدن لم يذكر اسم المنافس الرئيسي لبلاده، لكنه أشار بوضوح إلى غضب الصين من اتفاقية الغواصات الأسترالية، وقال: إن العالم يجب أن "يرفض ممارسة تشكيل دوائر صغيرة أو ألعاب محصلتها صفر"، مضيفًا أن الخلافات الدولية يجب معالجتها من خلال الحوار والتعاون على أساس الجودة والاحترام المتبادل.
كما أعلن أن بلاده ستتوقف عن بناء "مشاريع طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج" ، منهية بذلك أحد أقذر برامج الوقود الأحفوري، حسب وصف الصحيفة، التي أشارت إلى أن الصين -إلى حد بعيد- أكبر ممول لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم في العالم.
ظهور خافت
ورأت "نيويورك تايمز" أن ظهور بايدن لأول مرة في الافتتاح السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كان خافتًا بسبب استمرار انتشار وباء كورونا، إذ لم يحضر العديد من القادة الوطنيين، رغم الازدحام المروري المتكرر خلال هذا الوقت من العام.
وأشارت إلى أن بايدن مكث بضع ساعات فقط، والتقى هناك حليفًا واحدًا فقط، هو رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، قبل أن يلتقي أيضًا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الشريك الآخر في صفقة الغواصات.
ففي الأسبوع الماضي، كشفت الدول الثلاث عن اتفاق الغواصة النووية، الذي تفاوضوا عليه سراً، وقالت أستراليا إنها تخلت عن اتفاق يقضي بأن تبني فرنسا غواصات تعمل بالطاقة التقليدية، ما أغضب القادة الفرنسيين، الذين شعروا بالخيانة من حلفائهم.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن إعلان الاتفاق كشف تحولًا كبيرًا في سياسة أستراليا، التي كانت تتجنب الدخول في أي تنافس بين أمريكا والصين.
لا جديد
ورأت "نيويورك تايمز" أن الخطاب الذي ألقاه بايدن، بدا مشابهاً لما كان سيقوله قبل أن تستولي طالبان على كابل من دون مقاومة، وقبل أن يصبح التحول إلى آسيا عائقاً أمام العلاقات مع أوروبا.
ونقلت الصحيفة، عن أحد مساعدي بايدن قوله: إن الرئيس شعر بالاستياء، عندما قارنه الفرنسيون بسلفه ترامب، كما فعل جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، حين قال للصحفيين إن "روح نهج ترامب في التعامل مع الحلفاء لا تزال في عهد بايدن".
واعترض حلفاء آخرون، على الكيفية التي حدد بها بايدن موعدًا نهائيًا في 31 أغسطس للانسحاب من أفغانستان، بأقل قدر من التشاور، على حد قولهم، رغم أن البيت الأبيض يروي قصة مختلفة، هي أنه تمت استشارة حلفاء الناتو.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه كان من المحتمل أن يؤدي الموعد النهائي للخروج من أفغانستان، إلى التذمر في الغرف الخلفية، خصوصًا أن السقوط السريع للبلاد في أيدي طالبان كان متوقعًا، لكن ما زاد سوء الموقف، أن التدافع في أغسطس لنقل الأجانب جواً، والأفغان الذين ساعدوهم، خلَّف صورة عامة للإهمال الأمريكي.
تمثيل طالبان
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن مسؤولين في الأمم المتحدة قولهم: إن طالبان رشحت سهيل شاهين المتحدِّث باسم الحركة، لتمثيل أفغانستان في الأمم المتحدة، وطلبت السماح له بإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة لهذا العام.
وأوضحت أن طلب طالبان -الذي يجب تقييمه من لجنة أوراق الاعتماد التابعة للجمعية العامة- يشكل مواجهة مع المبعوث الحالي، المُعين من الحكومة الأفغانية المخلوعة.
وفي ما يتعلق بأفغانستان، حاول بايدن خلال كلمته الانتقال إلى الصورة الأكبر، وهي إنهاء الحرب، قائلًا: "لقد أنهينا 20 عامًا من الصراع"، موضحًا أن الولايات المتحدة أصبحت الآن أكثر حرية في متابعة تحديات مثل أزمة المناخ والهجمات الإلكترونية والأوبئة، وقدَّم رسالة تصالحية أكثر بكثير من سلفه، الذي ازدرى التحالفات وأهان الأصدقاء والأعداء، وهدد في لحظات مختلفة بعمل عسكري ضد كوريا الشمالية وإيران.
وقال بايدن: إن القوة العسكرية يجب أن تكون الملاذ الأخير لدينا، ومن ثم ينبغي عدم استخدامها كحل لكل مشكلة نراها في جميع أنحاء العالم.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن بايدن أجرى سلسلة من الترتيبات والمؤسسات الدولية، التي انضم إليها خلال الأشهر الثمانية الماضية، بما في ذلك اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، وتحدَّث عن ترشح الولايات المتحدة لمقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإعادة تأسيس الاتفاق النووي الإيراني، وكلاهما انسحب ترامب منهما.
إيران
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن إيران كانت محور الكثير من دبلوماسية الغرف الخلفية، حيث التقى وزير خارجيتها الجديد، حسين أمير عبد اللهيان، القادة الأوروبيين، الذين حثوا على العودة إلى المحادثات النووية في فيينا، التي انتهت في يونيو الماضي، بينما أشار مسؤولون إيرانيون، إلى أنه من المرجَّح استئناف المحادثات خلال الأسابيع المقبلة.
لكن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، يتوقعون أن تسعى حكومة الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، إلى الحصول على ثمن باهظ للعودة إلى الاتفاقية، والضغط على الغرب من خلال الاقتراب من إنتاج اليورانيوم المستخدم في صُنع القنابل، أكثر من أي وقت مضى، حسب الصحيفة الأمريكية.
وأضافت "نيويورك تايمز": أن رئيسي لم يأت إلى نيويورك، لكنه ألقى خطابًا ناريًا عبر الفيديو، قال فيه: "اليوم، العالم لا يهتم بأمريكا أولًا أو أمريكا عادت"، وأضاف: "العقوبات هي طريقة الولايات المتحدة الجديدة للحرب مع الدول"، لكنه لم يستبعد العودة إلى الاتفاق مقابل تخفيف العقوبات.
كورونا
أما في ما يخص كورونا، فقد وصف بايدن جائحة الفيروس التاجي، بأنه مثال على الحاجة إلى التعاون الدولي السلمي، قائلاً: "لا يمكن للقنابل والرصاص أن تدافع ضد كورونا أو متغيراته المستقبلية". كما رفض الحجج القائلة إن الولايات المتحدة، التي تتجه نحو إعطاء جرعات معززة لبعض الذين تم تطعيمهم، لا تفعل شيئًا يذكر للبلدان الفقيرة، وقال إن الولايات المتحدة "شحنت أكثر من 160 مليون جرعة من لقاح كورونا إلى دول أخرى".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى عمل جماعي من العِلم والإرادة السياسية، وبحاجة أيضًا إلى التحرك الآن للحصول على لقاحات جديدة، في أسرع وقت ممكن، وتوسيع نطاق الوصول إلى الأكسجين، والاختبارات، والعلاجات، لإنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم".