رحيل محمد حسين طنطاوي... المشير الذي خاض كل حروب مصر  

في وثيقة، أرسلها دبلوماسيون أمريكيون في مارس 2008 قبيل زيارة المشير طنطاوي وزير الدفاع حينها لواشنطن، كشفت ويكليكس النقاب عنها، قالت إن طنطاوي مهموم بشدة بمسألة الوحدة الوطنية.

رحيل محمد حسين طنطاوي... المشير الذي خاض كل حروب مصر  
المشير محمد حسين طنطاوي

السياق

رحل صباح اليوم، بعد صراع مع المرض، القائد العسكري المخضرم، المشارك في جميع حروب مصر بعد إعلان جمهورية 1952، ذو الأصول النوبية، المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في أعقاب سقوط نظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ليصبح حاكم البلاد الفِعلي 18 شهرًا، قبل أن يعزله الرئيس الراحل محمد مرسي من منصبه وزيرًا للدفاع.

المخلص لمصر

ونعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، المشير طنطاوي الذي وافته المنية عن عمر ناهز 85 عامًا قائلًا: "فقدتُ اليوم أبًا ومعلمًا وإنسانًا غيورًا على وطنه، كثيرًا ما تعلمت منه القدوة والتفاني في خدمة الوطن، إنه المشير محمد حسين طنطاوي الذي تصدى لأخطر ما واجهته مصر من صعاب في تاريخها المعاصر، عرفت المشير طنطاوي محبًا ومخلصًا لمصر وشعبها.

وأضاف السيسي: "وإذ أتقدَّم لشعب مصر العظيم بخالص العزاء، فإنني أدعو الله أن يلهم أسرة المشير طنطاوي الصبر والسلوان".

الحداد الرسمي

كما نعته القوات المسلحة المصرية، وكتب المتحدِّث باسمها العقيد غريب عبدالحافظ في حسابه على "تويتر": تنعى القيادة العامة للقوات المسلحة ابنًا من أبنائها وقائدًا من قادة حرب أكتوبر المجيدة، المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، الذي وافته المنية صباح اليوم، وتتقدَّم لأسرته ولضباط وأفراد القوات المسلحة بخالص العزاء، داعين المولى سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويلهم ذويه الصبر والسلوان.

وأعلن الرئيس المصري، الحداد الرسمي في البلاد حزنًا على وفاة المشير طنطاوي، وكذا إطلاق اسمه على قاعدة "الهايكستب" العسكرية، تقديرًا واحترامًا لدوره في تاريخ مصر. كما تصدر الجنازة العسكرية المهيبة بجوار قادة القوات المسلحة وكبار رجال الدولة، التي خرجت من مسجد المشير طنطاوى، بمنطقة التجمع الخامس في العاصمة المصرية القاهرة.

القابض على الجمر

وقال السيسي، في ظهور إعلامي له عقب وفاة طنطاوي، أثناء افتتاحه عددًا من المشاريع في محافظة سيناء: "من واقع معرفتي الشخصية بالمشير طنطاوي، خلال فترة توليه مسؤولية إدارة البلاد عام 2011 حتى تسليم السُّلطة في الانتخابات عام 2012، وهي فترة كانت صعبة للغاية وأمانة وشهادة للتاريخ، أنه قاد هذه المرحلة بإخلاص وتفان وحكمة شديدة، أدت إلى عبور الدولة المصرية، التي كانت معرَّضة للانهيار والحرب الأهلية، هذه المرحلة بأقل حجم من الأضرار التي يمكن أن تقابل دولة في مثل هذه الظروف".

وأضاف السيسي: "هقول كلمة كان دائمًا يقولها الراحل طنطاوي: أنا ماسك جمرة نار في إيدي بتولع إيديا ومش قادر اسيبها لو سبتها هتحرق الدنيا".

وتابع الرئيس المصري: "حقيقي الشعور الذي عاش به على الأقل فترة العام ونصف العام، التي تولى فيها المجلس العسكري المسؤولية، كانت فترة صعبة جدًا، وهي شهادة للتاريخ وله، فهو في ذمة الله، وهو الذي سيأخذه الناس، ولكن نحن نقول للمصريين ليعلموا أن هذا الرجل العظيم، كان سببًا في حماية مصر في هذه المرحلة.

طنطاوي والإخوان

ودلل الرئيس المصري على حديثه، عن صعوبة فترة إدارة المشير طنطاوي للبلاد، قائلًا: "عندما حدثت الانتخابات، وكانت المؤشرات تشير إلى أن الانتخابات المقبلة، ستؤدي لتولي فصيل معين في مصر -أي جماعة الإخوان المسلمين- كان يقول: "أنا هبقى في التاريخ، أنا اللي سلمت البلد لهذا الحزب، هذا الأمر كان يؤلمه كثيرًا جدًا، لأنه كان على عِلم وفهم بالأضرار التي كانت ستحدث للبلاد نتيجة هذا الحُكم".

وختم السيسي حديثه عن طنطاوي، موضحًا سبب إقامة افتتاحات مشروعات سيناء، رغم وفاة وزير الدفاع الأسبق، قائلًا: "بعد وفاة المشير طنطاوي، كان لدينا خيار أن نؤجل افتتاح مشروعات سيناء، لكن البعض كان قد تحرك في طريقه للافتتاحات، ولذا اتفقنا على استكمال افتتاح المشروعات، لأن الراحل كان رجلًا جادًا يحب العمل".

طنطاوي في "ويكيليكس"

في وثيقة، أرسلها دبلوماسيون أمريكيون في مارس 2008 قبيل زيارة المشير طنطاوي وزير الدفاع حينها لواشنطن، كشفت "ويكليكس" النقاب عنها، قالت إن طنطاوي مهموم بشدة بمسألة الوحدة الوطنية.

وتضيف الوثيقة، أنه عارض مبادرات سياسية كان يرى أنها تشجع الانشقاقات السياسية والدينية في المجتمع المصري.

وثائق أخرى لـ"ويكيلكس" كشفت أن المشير محمد حسين طنطاوي، كان مستاءً من جمال ابن الرئيس السابق حسني مبارك واحتمال خلافته لوالده، وحسب الوثيقة فإن طنطاوي لم يعد يستطيع احتمال فساد جمال مبارك وحاشيته، ولا يستطيع تحمُّل ما حدث في البلاد، وما يمكن أن يحدث فيها.

تاريخ من المناصب والأوسمة

ولد طنطاوي عام 1935، وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1956، وحصل على دورة كلية القيادة والأركان عام 1971.

حصل الراحل على لقب المشير في أكتوبر 1993، بينما شغل منصب وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة المصرية في الفترة من 20 مايو 1991، حتى 12 أغسطس 2012، كما أدار الفترة الانتقالية بعد تنحي رئيس الجمهورية الأسبق، محمد حسني مبارك في 11 فبراير، بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي كانت تدير شؤون البلاد.

شارك في الحروب المصرية بدءًا من حرب عام 1956، والعدوان الثلاثي، ثم حرب يونيو 1967، ومعارك حرب الاستنزاف من عام 1967 إلى عام 1972.

كان في حرب أكتوبر 1973 قائدًا للكتيبة السادسة عشرة، كما شارك في حرب تحرير الكويت عام 1991 رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة.

نال عددًا من الأنواط والأوسمة العسكرية، بينها نوط الشجاعة العسكرية.

كما شغل المشير طنطاوي عددًا من المناصب القيادية في القوات المسلحة المصرية، بينها قائد الجيش الثاني الميداني 1987، ثم قائد الحرس الجمهوري 1988.

وحاز عددًا كبيرًا من الأوسمة المدنية والعسكرية، بينها قلادة النيل ووسام الامتياز (باكستان)، وسام الجمهورية التونسية، وأنواط: الشجاعة من الطبقة الثانية بعد حرب أكتوبر، الجلاء، الاستقلال، النصر، تحرير سيناء، الواجب العسكري من الطبقة الثانية، الخدمة الممتازة وغيرها، وأوسمة: التحرير، ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة، تحرير الكويت، وغيرها.