حصاد 2021.. بايدن يفشل في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران
شهد عام 2021 تغييراً في الحكومة الإيرانية ومحادثات نووية متقطعة مرة أخرى.

ترجمات - السياق
منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، مطلع العام الجاري، أكد عزمه على إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق المبرم بين الدول الكبرى وإيران، بشأن ملفها النووي عام 2015، لكن بعد مفاوضات شاقة، فشل في التوصل إلى اتفاق مع طهران حتى الآن.
وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن خطط بايدن بشأن إيران، كانت واضحة بما فيه الكفاية، إذ أعلن حملة لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم التفاوض عليه عندما كان نائبًا للرئيس في عهد باراك أوباما، والذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.
وأضافت المجلة، في تقرير، أن استعادة الاتفاق لم تكن متروكة لبايدن وحده، بل كان لإيران رأي أيضاً، لكن تفضيلاتها لا تزال غير واضحة.
الوثوق بالغرب
ووفقاً لـ "فورين بوليسي" تغيرت تركيبة الحكومة الإيرانية بشكل كبير خلال عام 2021، إذ بدأ هذا العام بقيادة الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، وهما المسؤولان عن التوصل إلى الصفقة مع الولايات المتحدة عام 2015، لكن بعد الانتخابات الإيرانية في يونيو الماضي، أصبح إبراهيم رئيسي رئيس البلاد، وهو رجل محافظ سيئ السمعة، طالما شكك في البنود الأصلية للاتفاق.
وبدا أن وِجهة النظر هذه، مدعومة من صانع القرار الإيراني النهائي، المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي جادل بأنه لا يمكن الوثوق بالغرب في أي اتفاق دبلوماسي.
وتابعت: "بصرف النظر عن تفضيلات صانعي السياسة الإيرانيين، من الواضح أن نفوذ طهران ازداد العام الماضي، فبالعودة إلى إدارة روحاني، نجد أن إيران ردت على خروج الولايات المتحدة من الصفقة، بوقف تعاونها مع نظام المراقبة الدولي، الذي كان يراقب بنيتها التحتية النووية وبتكثيف جهود التخصيب".
ووفقاً لمعظم الروايات، رغم جهود التخريب التي يُعتقد أنها بقيادة الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، فإن إيران أقرب إلى امتلاك مواد نووية صالحة لصُنع الأسلحة، مما كانت عليه قبل دخولها خطة العمل الشاملة المشتركة، حسب "فورين بوليسي".
وأضافت: "وكانت نتيجة ذلك، حدوث ركود دبلوماسي، ففي ديسمبر الجاري، التقى طرفا الاتفاقية مرة أخرى في فيينا، وهي المرة السابعة التي اجتمعوا فيها بالعاصمة النمساوية، لإيجاد طريقة لاستعادة الصفقة، والمرة الأولى منذ انتخاب رئيسي".
بعد فشل محادثات فيينا.. الحرب على إيران ستكون أم المعارك
تنازلات استباقية
وأكدت التقارير الواردة من المفاوضات الجارية، أن إيران كانت مهتمة بالعودة إلى اتفاقية الحد من التسلح مع الغرب، بشروط مختلفة إلى حد كبير، كما طالبت الحكومة الإيرانية الغرب، بإلغاء العقوبات السارية، بما في ذلك تلك التي لا علاقة لها ببرنامجها النووي، رغم رفضها التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن إدارة بايدن تولت مهامها في يناير 2021 بهدف واضح، يتمثل في استعادة الاتفاق النووي الإيراني، لكنها قدَّمت القليل من الوضوح عن الكيفية التي تنوي بها تحقيق هذا الهدف في الممارسة العملية.
وأدى الخلاف الداخلي والرغبة في الحفاظ على العلاقات مع صقور إيران في الكونجرس، إلى منع إدارة بايدن من تقديم أي تنازلات استباقية للإيرانيين، ما حال دون إحراز أي تقدم نحو استعادة الصفقة.
ورأت "فورين بوليسي" أن أكبر خطأ ارتكبه فريق بايدن هو اتخاذه موقفًا متشددًا، لأنه من خلال ذلك، أعاد إيقاظ المخاوف القديمة في طهران، التي تعود إلى عقود من الزمن، بأن واشنطن ستتراجع عن الصفقة وينتهي بها الأمر إلى شيطنة إيران.
الإفلات من العقاب
صحيح أن بايدن كان واضحاً بشأن رغبته في استعادة الصفقة، إلا أن هذا الشغف ربما كان له تأثير غير مقصود، في إقناع الحكومة الإيرانية بأنها يمكن أن تفلت من العقاب على تكثيف أنشطتها النووية، لكن فقدان طهران للشعور بالخوف، مما كان من المفروض أن تواجهه بشأن طموحاتها النووية، أمر خطير للغاية، وقد ينتج عن ذلك سوء تقدير من جانبها لما إذا كانت الولايات المتحدة قد ترد عسكرياً، كما أنه بالتأكيد يجعل النتيجة الدبلوماسية أقل احتمالاً، بجسب "فورين بوليسي".
ورأت المجلة أن تخريب البرنامج النووي الإيراني، أثبت أنه غير كافٍ للردع، وبدلاً من ذلك يجب أن تعتقد إيران أن التهديد بشن هجوم عسكري على بنيتها التحتية حقيقي.
وذكرت "فورين بوليسي" أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لم يؤدِ فقط إلى تحفيز الحكومة الإيرانية على استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، لكنه أدى أيضاً إلى تحول استراتيجي في تفكير الحكومة الإيرانية بأهمية السعي للحصول على سلاح نووي.
لحظة خطيرة
واعتبرت "فورين بوليسي" أن المسؤولين الإيرانيين لا ينظرون إلى السلاح النووي على أنه رادع نهائي فحسب، بل باعتباره الدواء الشافي لمشكلات طهران الأمنية المزمنة والتحديات التي تواجه سيادتها من القوى الأجنبية، وهو ما يشير إلى أن البلاد وصلت إلى لحظة خطيرة.
وقالت المجلة، إن مشكلة الفريق المفاوض للحكومة الإيرانية، ليست أن أيديولوجيته راديكالية، بل أنه يعاني الافتقار إلى المهارة الفنية، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين النوويين ليسا متعصبين بل متذمرين.
وذكرت "فورين بوليسي" أن التحديات الأيديولوجية والدبلوماسية التي يمكن من خلالها حمل إدارة رئيسي على الموافقة مرة أخرى، على الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة، واضحة بما فيه الكفاية، مشيرة إلى أن رئيسي، على وجه التحديد، قد يكون الشخص الأفضل الذي يمكنه إقناع النخب الإيرانية الأخرى، بمن في ذلك خامنئي، بالالتزام بعلاقات تعاونية مع الغرب على المدى الطويل.