بعد اعتذارها.. 48 ساعة تحدد مصير تراس رئيسًا لحكومة بريطانيا

كشف استطلاع بريطاني، أن غالبية حزب المحافظين تريد من تراس التنحي من منصبها وعودة بوريس جونسون.

بعد اعتذارها.. 48 ساعة تحدد مصير تراس رئيسًا لحكومة بريطانيا

السياق

48 ساعة حاسمة في عمر رئاسة ليز تراس للحكومة البريطانية، بعد أن قرأ وزير ماليتها الجديد جيريمي هانت الطقوس الأخيرة على خطتها الاقتصادية.

تلك الساعات ستحدد ما إذا كانت تراس التي اعتذرت عن «الفوضى الاقتصادية» التي اجتاحت بريطانيا في أعقاب «الميزانية المصغرة»، ستستمر في منصبها الذي يُعدّ معلقًا بخيط رفيع مع تصاعد ضغط حزب المحافظين عليها للاستقالة.

إلى ذلك، كشف استطلاع بريطاني، أن غالبية حزب المحافظين تريد من تراس التنحي من منصبها وعودة بوريس جونسون.

 

فما الأسباب؟

تراس جلست صامتة يوم الإثنين في مجلس العموم البريطاني، بينما كانت تراقب مستشارها ووزير ماليتها الجديد جيريمي هانت، وهو يمزق إستراتيجيتها الاقتصادية، بما في ذلك تلك الخطة الممولة بالديون لخفض الضرائب بمقدار 45 مليار جنيه إسترليني.

وتقول صحيفة «فايننشال تايمز»، إن بعض أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، يرون أنه يمكن إقالة تراس من منصبها بحلول نهاية الأسبوع، بعد أن قرأت هانت الطقوس الأخيرة حول خطتها المالية «منخفضة الضرائب والنمو المرتفع»، بينما كان يحاول تهدئة الأسواق.

إلا أن تراس دافعت في مقابلة مع شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» ليلة الإثنين عن قرارها إقالة مستشارها ووزير ماليتها السابق كواسي كوارتنج، قائلة إنها طلبت من هانت الإشراف على «إستراتيجية جديدة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي».

وفي اعترافها بـ«الخطأ»، الذي اعتبره بعض نواب حزب المحافظين محاولة منها للاحتفاظ بوظيفتها، قالت تراس: «أريد أن أقبل المسؤولية وأقول آسفة على الأخطاء التي ارتكبت (..) لقد ذهبنا بعيدًا جدًا وبسرعة كبيرة».

وردًا على سؤال حول رأيها في وظيفة رئيسة الوزراء، قالت: «كنت أتوقع أن تكون صعبة، وكانت صعبة»، لكنها بدت مصرَّةً على إكمال المشوار، قائلة: «سأقود المحافظين إلى الانتخابات العامة المقبلة».

مطالبات بالاستقالة

إلا أنه مع ذلك، أجرت تراس يوم الإثنين محادثات مع السير جراهام برادي، رئيس لجنة 1922، والذي أخبرها بأنَّ العديد من أعضاء البرلمان يحثونها على أنها يجب أن تتنحى عن المنصب الذي لم تستمر فيه سوى خمسة أسابيع.

وقال وزير سابق في الحكومة، في تصريحات لـ«فايننشال تايمز»: «نحن نعلم كيف سينتهي هذا. النصيحة التي بثّت إلى رئيسة الوزراء هي عدم تمديد العذاب. هذا أسوأ بكثير من أي شيء فعله بوريس جونسون. هذا يؤثر على وظائف الناس وسبل عيشهم وأحلامهم».

وقال العديد من نواب حزب المحافظين إن برادي تلقى بالفعل عددًا كبيرًا من الرسائل التي تعبر عن عدم الثقة في رئيسة الوزراء، فيما أجرت تراس محادثات أزمة مع حكومتها في داونينج ستريت مساء الإثنين.

وقال رئيس لجنة الدفاع بمجلس العموم البريطاني توبياس إلوود، لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية، إنَّ هذه كانت «أسوأ أزمة منذ السويس»، فيما قال وزير سابق في حكومة حزب المحافظين: «المسار محدد- الجميع يعرف أنها يجب أن تمضي».

السلطة في قبضة هانت

وفي وقت سابق، ألغى هانت ثلثي التخفيضات الضريبية غير الممولة المثيرة للجدل البالغة 45 مليار جنيه إسترليني والتي أعلن عنها سلفه كوارتنج الشهر الماضي، وحذر من قرارات «صعبة للغاية» مازالت تنتظر تحقيق التوازن.

وفي إشارة إلى أن السلطة قد ذهبت بعيدًا عن رئيسة الوزراء، أخبر هانت أعضاء البرلمان أنه سينظر في المزيد من سياسات تراس، قائلًا لمجلس العموم إن «الاستقرار الاقتصادي» أصبح الآن هو الأولوية.

ورفض استبعاد احتمال إنهاء «القفل الثلاثي» الذي يضمن زيادات في المعاشات مرتبطة بالتضخم، قائلا: «لقد قلت لا شيء غير مطروح على الطاولة»، مضيفًا أنه «لا يعارض الضرائب غير المتوقعة من حيث المبدأ (..) الحكومة لديها بالفعل بعض الرسوم على قطاع الطاقة».

وفي جميع أنحاء وايت هول (مركز السلطة السياسية البريطانية)، بدأ الوزراء والمسؤولون في رحلة بحث لمحاولة إيجاد مدخرات من الميزانيات الممتدة، رغم أن العديد من الخدمات العامة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمحاكم، تتعرض بالفعل لضغوط هائلة.

هل أثمرت خطوات هانت؟

وتقول «فايننشال تايمز»، إن خطوة هانت بإعادة تغيير مسار ميزانية سلفه كوارتنج المصغرة، أدت إلى توفير 32 مليار جنيه إسترليني، لكن سيتعين عليه تحقيق مدخرات كبيرة إضافية وزيادة الضرائب لسد فجوة مالية تقدر بنحو 70 مليار جنيه إسترليني.

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الوزير الجديد ألغى تخفيضًا قيمته 6 مليارات جنيه إسترليني في المعدل الأساسي لضريبة الدخل، إلى جانب تغييرات في ضرائب توزيعات الأرباح، وضرائب العاملين لحسابهم الخاص، وإعفاء ضريبة القيمة المضافة على المتسوقين الأجانب، وتجميد رسوم الكحول، مما وفر حوالي 5 مليارات جنيه إسترليني، مشيرة إلى أن تراس كانت قد ألغت بالفعل التخفيضات الضريبية على الشركات الكبيرة والأثرياء، مما وفر 21 مليار جنيه إسترليني.

وفي خطوة مثيرة أخرى، أعلن هانت أن «ضمان أسعار الطاقة للأسر والشركات سيستمر حتى أبريل/نيسان فقط بدلًا من عامين، كما كان مخططًا سابقًا».

وسيتم إعادة رسم الخطة، التي من المقرر أن تكلف 60 مليار جنيه إسترليني للأشهر الستة الأولى، بحيث تكون تكلفتها «أقل بكثير»، مع الاحتفاظ بالمساعدة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

وقالت راشيل ريفز مستشارة الظل، إن حكومة المحافظين كانت تعيد بريطانيا إلى عصر التقشف: «لقد أشعلوا النار في كل شيء».

وستحدد المستشارة المزيد من الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق في خطة مالية متوسطة الأجل في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مصحوبة بتوقعات مكتب مسؤولية الميزانية.

وتقول «فايننشال تايمز»، إن مستقبل تراس في الاحتفاظ برئاستها للوزراء بات أقل تأكيدًا؛ فحلفاؤها يعترفون أن الـ48 ساعة القادمة ستكون حاسمة في تحديد إذا ما كان بإمكانها تجاوز العاصفة، لكن استطلاعًا جديدًا أجراه «Redfield & Wilton» ألقى مزيدًا من «الضبابية» على رئاستها للوزراء.

وبحسب الدراسة الاستقصائية فإن حزب العمال حصل على 56 نقطة والمحافظين على 20 نقطة، فيما كان التقدم البالغ 36 نقطة هو الأكبر الذي يسجله أي منظم استطلاعات للرأي لأي حزب منذ عام 1997. وقالت وزيرة الثقافة البريطانية السابقة، نادين دوريس، إن حزب المحافظين قد يتجه نحو «الانقراض».