رغم العقوبات..شركة بريطانية تبيع أجهزة إلكترونية لروسيا بـ1.2 مليار دولار

شركة بريطانية -مسجلة في إحدى ضواحي لندن- باعت إلى روسيا إلكترونيات بـ 1.2 مليار دولار منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

رغم العقوبات..شركة بريطانية تبيع أجهزة إلكترونية لروسيا بـ1.2 مليار دولار

ترجمات - السياق

سيل من العقوبات على روسيا، عقب شنها حربًا على أوكرانيا، إلا أن مدى تأثير هذه العقوبات لايزال محل خلاف. 

فبينما هناك من يرى أنها بلا جدوى، لأن موسكو تتعامل "من الباطن" مع شركات غربية، يرى آخرون أنها مؤثرة لدرجة أنها قد تعيق تحقيق الأهداف التي وضعها الرئيس فلاديمير بوتين من حربه على كييف.

صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، كشفت أن شركة بريطانية -مسجلة في إحدى ضواحي لندن- باعت إلى روسيا إلكترونيات بـ 1.2 مليار دولار منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، من دون إذن سلطات المملكة المتحدة، ما يُعد خرقًا للعقوبات المفروضة على موسكو.

كان بوتين، قد أشار -قبل أيام- إلى أن العقوبات الغربية على روسيا ستستمر فترة طويلة، مشددًا على أن من الضروري تطوير تدابير للتنمية السيادية، على المدى الطويل.

ووفقًا للصحيفة البريطانية، أثارت تلك الصفقة، التي أبرمتها شركة ميكاينز البريطانية المسجلة في المملكة المتحدة، كعميل في سجلات السلطات الروسية، تساؤلات عن فاعلية العقوبات الاقتصادية، في تضييق الخناق على روسيا، لإعاقة تقدمها العسكري في أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الشركة، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، صدرت منتجات تتضمن (أشباه الموصلات وخوادم وأجهزة اللاب توب ومكونات الحواسيب ومعدات لشبكات الاتصال وغيرها من الإلكترونيات).

بين تلك المعدات منتجات "هواوي" و"إتش ثري سي" و"إنتل" و"إيه إم دي" و"آبل" و"سامسونغ"، علمًا بأن كثيرًا من تلك الشركات غادر السوق الروسية، بعد العقوبات الغربية مع انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا.

تساؤلات

وحسب الوثائق الجمركية، فإن ما لا يقل عن 982 مليون دولار، من السلع المدرجة المرسلة من قِبل ميكاينز، تبين أنها خاضعة لقيود على صادرات الشركات البريطانية أو الأفراد إلى روسيا.

وترى "فايننشال تايمز" أن بيع هذه المنتجات، من دون موافقة السلطات البريطانية، قد يُمثل انتهاكًا للعقوبات البريطانية، بصرف النظر عن أن تصدير معظم المنتجات إلى روسيا عبر دول ثالثة، خصوصًا الصين.

تحتاج الشركة البريطانية إلى تصريح من السلطات، قبل أن تُصدر أي شيء إلى روسيا، حتى لو كان ما تصدره إلى روسيا يشحن من خارج المملكة المتحدة، أي من دولة مثل الصين على سبيل المثال.

وتثير هذه النتائج تساؤلات عن فعالية محاولات تضييق الخناق، على قدرة روسيا في الحصول على التقنيات الحيوية، التي يستخدمها المجمع الصناعي العسكري.

وأشارت الصحيفة إلى أنها حصلت على هذه المعلومات، من قِبل ماكسيم ميرونوف، أستاذ المالية في "كلية آي إي" للأعمال بمدريد، وقارنتها ببيانات جمركية من "إمبروت جينيا"، وهي شركة متخصصة في توفير البيانات الجمركية التجارية.

ونوهت إلى أنه "بينما كانت أغلبية المنتجات التي صدرتها ميكاينز إلى روسيا استهلاكية، إلا أنها احتوت أيضًا على حجم كبير من الرقائق الدقيقة المتطورة، وميكروفونات عالية الدقة، ومعدات اتصال، وأجهزة كمبيوتر متقدمة كخوادم، وغيرها من الأجهزة والمعدات الإلكترونية التي يمكن استخدامها في دعم البنية التحتية الروسية".

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الحكومة البريطانية، قوله: "جميع الشركات المسجلة في المملكة المتحدة ملزمة بموجب القانون، بالامتثال لنظام العقوبات الروسي"، مضيفًا: "نحن نأخذ الانتهاكات المحتملة على محمل الجد، لكننا لا نناقش تفاصيل كيفية تطبيق العقوبات التجارية في حالات محددة".

تهرب قضائي

أثارت تلك الصفقة أيضًا تساؤلات عن مدى استخدام الإجراءات القضائية البريطانية الخاصة بالسرية، إذ كشفت مراجعة حسابات ميكاينز -في السنوات الماضية- أن الشركة تحوِّل أرباحها بشكل مباشر إلى شركتين في جزر فيرغن البريطانية غير معروف ملكيتهما، وفق "فايننشال تايمز".

وبينّت الصحيفة البريطانية أنها زارت المقر المسجل به الشركة في آنفيلد، واكتشفت أنها إحدى شركتين تمتلكهما شركة سافاز ذيميستوكوليز القبرصية للخدمات المالية.

وعام 2013، أنشأ سافاس شركة كان فيها المدير الوحيد تدعى "شركة التجارة الروسية المحدودة".

ونقلت عن مسؤول بشركة ذيميستوكوليز قوله، إن الشركة سوف ترسل الأسئلة لمسؤول كبير في شركة ميكاينز، هو فيتالي بولياكوف، أوكراني، 53 عامًا، يوصف في أوكرانيا بأنه مقيم.

لكن بالعودة إلى مصادر استخباراتية أوكرانية مفتوحة، اكتشفت الصحيفة أن بولياكوف ليس المقصود، كما أن الشركة لم ترجع إلى الصحيفة بإجابات الأسئلة.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه حتى أغسطس الماضي، أدرِج المالك المسيطر على ميكاينز بأنه أوكرانية تبلغ من العمر 34 عامًا وُلدت في بلدة بولياكوف.

ووفقًا لشهادة على الإنترنت عام 2018، حضرت هذه المرأة دورة لغة إنجليزية لمدة أسبوعين بكلية صغيرة في لندن، ومكثت مع عائلة مضيفة فترة من الوقت.

بينما تسرد صفحتها العامة على "إنستغرام" أنشطتها كمحترفة في تكنولوجيا المعلومات، إلا أنها رفضت التعليق على الأمر.

وحسب الصحيفة، كانت شركة ميكاينز نشطة في روسيا قبل الحرب، لكن السجلات تشير إلى أن أعمالها مع الدولة انطلقت فجأة بعد بداية الحرب.

أما الشركة الأخرى المدرجة في عنوان إنفيلد "دينيريلو"، فهي نشطة في بيع سلع مماثلة إلى روسيا قبل الحرب، لكن يبدو أنها أنهتها، وتوقفت عن التصدير إلى روسيا، مع فرض عقوبات أكثر صرامة عام 2022.

ووصفت دينيريلو نفسها بأنها "شركة ديناميكية متنوعة، توزع المعدات الطبية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات في روسيا ورابطة الدول المستقلة".

وذكرت الصحيفة البريطانية، أنه أدرِج أكثر من 10600 دفعة من البضائع على أنها مرسلة إلى "مارسالا"، وهي شركة مقرها موسكو.

وتظهر السجلات الروسية أنها تستورد قليلًا جدًا، باستثناء ما تستورده من "ميكاينز".

وحسب الصحيفة "يبدو أن الشركة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بشركة ميرليون، وهي موزع كبير للحوسبة والإلكترونيات داخل روسيا".

ورغم أن معظم البضائع تبدو مدنية بطبيعتها في المقام الأول، فقد أعلنت شركة مارسالا في القوائم الرسمية الروسية، أن إحدى نظيراتها، هي شركة "ميكروكونتراكت"، التي بدورها لها شراكة مع جامعة نوفغورود الروسية الحكومية.

ونوهت الصحيفة إلى أن هذا المركز، الذي أطلِق بالتعاون مع "روستيخ"، التكتل العسكري الضخم المملوك للدولة، تتنوع مجالات بحثه بين "الطيران والطائرات من دون طيار والإلكترونيات الدقيقة وأجهزة الاستشعار والإلكترونيات الصناعية".

وكشفت أن بعض السجلات الجمركية قد تكون بها أخطاء، أو ربما تتعمد الاحتيال، مشيرة إلى أنه -على سبيل المثال- هناك ستة إدخالات لتسجيل استيراد الورق، لكن السعر الضمني لهذا الورق، في بعض الحالات يبلغ 500.000 دولار للكيلوغرام.

وقد أُدرج الورق المزعوم أيضًا، على أنه من صُنع "هواوي" و"نيو إتش3 سي تكنولوغيز"، وهما شركتان صينيتان للتكنولوجيا المتقدمة.