استراتيجية قطف الرؤوس الأمريكية... لماذا عجزت عن تحييد داعش؟
رغم العمليات النوعية التي تنفذها أمريكا مع قوات التحالف، فإن الدكتور إياد المجالي، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، يرى أنها ذات تأثير محدود في داعش.

السياق "خاص"
رغم معاناته تنظيميًا وهيكليًا، فإن «داعش» أطل برأسه بعمليات إرهابية زادت وتيرتها مؤخرًا، ما أثار تساؤلات عن جدوى استراتيجية قطف الرؤوس الأمريكية، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة لتحييد التنظيم الإرهابي.
سنوات مرت منذ إعلان أمريكا هزيمة داعش في العراق وسوريا، إلا أن التنظيم الإرهابي الذي تشرذم في عدد من المناطق، يشكل خطرًا كبيرًا، ما دق جرس إنذار من عملية الإحياء، التي يسعى خلالها «داعش» إلى إعادة التموضع.
إلا أن الولايات المتحدة أعلنت -قبل قرابة عام- استراتيجية قطف الرؤوس، التي تهدف إلى القضاء على قيادات التنظيمات الإرهابية في العالم، لإحداث خلل وارتباك داخل التنظيمات التي يقودونها، ومن ثَمَّ إفشال خططها والتأثير سلبًا فيها.
ورغم ذلك، لم تتمكن الاستراتيجية من تحييد «داعش»، بل إن الولايات المتحدة حذرت -مؤخرًا أكثر من مرة- من تنامي خطر التنظيم الإرهابي، ما أثار تساؤلات عن جدوى الاستراتيجية، وما إذا كانت واشنطن جادة في القضاء على تهديداته الإرهابية أم لا، وما إذا كان التكتيك الذي تنتهجه ذا تأثير.
كانت القيادة المركزية الأمريكية أعلنت مؤخرًا تصفية القيادي الداعشي خالد عايد أحمد الجبوري، المسؤول عن التخطيط للهجمات الإرهابية في تركيا وأوروبا، في غارة بسوريا، مشيرة إلى أن القيادي المذكور طور أيضاً الهيكل القيادي لداعش في تركيا.
تأثير محدود
ورغم العمليات النوعية التي تنفذها أمريكا مع قوات التحالف، فإن الدكتور إياد المجالي، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، يرى أنها ذات تأثير محدود في داعش.
وقال المجالي في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وسوريا تحديدًا، تحت ذريعة محاربة الإرهاب لا تحتمل القبول، مشيرًا إلى أن «داعش» جاء إلى المنطقة بـ«إرادة أمريكية» للتمدد والبقاء أطول مدة ممكنة في المنطقة.
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، قال إن الخلايا النائمة من داعش تقطن في «بيئات آمنة»، مشيرًا إلى أنه يعمل ضمن إطار «الذئاب المفردة»، التي تتحرك وفق «أوامر أمريكية».
وشدد المجالي على أن كل المؤشرات تؤكد أن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، جعل التنظيم أكثر تماسكًا، وبدأ يخطط لإعادة بناء قدراته.
وعن تأثير عملية تحييد الجبوري، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إنها تأتي ضمن العمليات التي تنفذ في إطار الضغط على أطراف الأزمة السورية، لإعادة ترتيب الأوضاع، بشكل يضمن استمرارها في المنطقة أطول فترة ممكنة.
ما سيناريوهات عودة تنظيم داعش ودولته؟
نجاح تكتيكي
في السياق نفسه، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عبدالمهدي مطاوع، في تصريحات لـ«السياق»، إن أهداف ضربات أمريكا الأخيرة ضد داعش في سوريا، إعلان سبب وجودها، خاصة مع تصاعد الأصوات بضرورة مغادرة قوات التحالف للبلاد، بعد القضاء على التنظيم الإرهابي.
هدف ثانٍ كان وراء الضربات الأمريكية، يتمثل في تعرض قواتها لضربات من مليشيات تتبع إيران، بحسب مطاوع، الذي قال إن استهداف قادة داعش يمكن أن يكون نجاحًا تكتيكيا، لكن يظل تأثيره الإيجابي على المدى القصير.
واستند الباحث المختص في شؤون الجماعات الإرهابية في رؤيته إلى أن «داعش» فقد عشرات من قياداته خلال السنوات الأربع الماضية، لكنه ظل موجودًا عبر تنفيذ عمليات إرهابية، في المناطق التي كان يسيطر عليها.
عودة داعش لعمليات الذبح في سوريا.. هل محاولة لإعادة التموضع؟
عملية فارقة
من جهة أخرى، قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإرهابية الدكتور مروان شحادة، إن القيادة المركزية الأمريكية حصرت جهود محاربة الإرهاب داخل سوريا والحدود العراقية، إضافة إلى استمرار العمليات الاستخباراتية ودعم قوات سوريا الديمقراطية، ما جعلها تنجح في استهداف قيادات الصف الأولي لداعش.
واستبعد الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإرهابية، استهداف داعش مناطق في أوروبا وأمريكا، قائلًا إنه منذ سقوط التنظيم عام 2017 وخسارة مشروعه السياسي بالموصل وغيره من الأماكن، لم يقم بأي عملية كبيرة مخطط لها خارج حدود سوريا والعراق.
وأوضح، أن داعش خسر معركته الأيديولوجية في استقطاب مقاتلين جدد، بعد تجربة الخلافة المكانية له، التي عكست الصورة النمطية السلبية للتشدد والغلو وإرهاب المجتمع والأفراد، مؤكدًا أنه أصبح مرفوضًا من الشباب.
وشدد الخبير الأردني على أن داعش لم يعد قادرًا على حشد وتعبئة واستقطاب أعداد كبيرة، بعدما فقد شرعيته داخل الجماعات، لأن الغلو والتشدد والخروج على الأفراد والمجتمع والدول، قاده إلى محاربة ومقاتلة حتى «المجتمعات الجهادية الإسلامية».