قرارات جديدة لقيس سعيد تزلزل الشارع التونسي.. تأييد شعبي ورفض إخواني

قرر الرئيس سعيد، تنظيم انتخابات تشريعية وفق القوانين الانتخابية الجديدة 17 ديسمبر 2022، ووضع مرسوم خاص يتعلق بالصلح الجزائي، وفق التصور المعلن عنه منذ 2012. وتنظيم استشارة شعبية، بداية من الأول من يناير 2022، والإعداد للمنصات الإلكترونية، وبلورة أسئلة واضحة ومختصرة وتنظيم استشارات مباشرة، على أن تنتهي في 20 مارس 2022.

قرارات جديدة لقيس سعيد تزلزل الشارع التونسي.. تأييد شعبي ورفض إخواني
من المقرر أن تجرى الانتخابات التونسية في 17 ديسمبر عام 2022

السياق

قرارات وُصفت بـ«الثورية»، اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في الساعات الماضية، أكدت أنه لا عودة إلى الوراء، ولا مكان لتنظيم الإخوان في البلد الإفريقي.

قرر الرئيس التونسي قيس سعيد، البقاء على البرلمان مجمَّدا إلى تاريخ تنظيم انتخابات جديدة، وعرض مشاريع الإصلاحات الدستورية على الاستفتاء 25 يوليو 2022، مع الانطلاق في إصلاحات قانون تنظيم الانتخابات والإشراف عليها.

كما قرر الرئيس سعيد، تنظيم انتخابات تشريعية وفق القوانين الانتخابية الجديدة 17 ديسمبر 2022، ووضع مرسوم خاص يتعلق بالصلح الجزائي، وفق التصور المعلن عنه منذ 2012.

وقرر -كذلك- تنظيم استشارة شعبية، بداية من الأول من يناير 2022، والإعداد للمنصات الإلكترونية، وبلورة أسئلة واضحة ومختصرة وتنظيم استشارات مباشرة، على أن تنتهي في 20 مارس 2022.

محاكمة... من دون ظلم

وبحسب الرئيس التونسي، فإن لجنة سيتحدد أعضاؤها وتنظيم اختصاصها، ستتولى التأليف بين مختلف المقترحات، على أن تنهي أعمالها قبل يونيو المقبل، مؤكدًا أنه سيحاكم كل الذين أجرموا في حق الدولة التونسية وشعبها.

وقال الرئيس سعيد، في خطاب وجَّهه إلى مواطنيه، إن المحاسبة ستكون وفق القانون من دون ظلم، مؤكدًا أن الحريات والحقوق مضمونة في تونس، عكس ما يدعيه أو يدبر له البعض.

وشدد الرئيس التونسي على توفير كل الإمكانات للاستجابة لمطالب الشباب التونسي، في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، مؤكدًا أن مَنْ تلقى أموالًا من الخار،ج أو مَنْ حرض على الدولة ومؤسساتها وعلى الشعب، لا مكان له في المجلس التشريعي.

وشدد سعيد، على أنه ليس على استعداد للتواطؤ مع أي كان، بل سيظل في صفّ واحد مع الشعب لصناعة تاريخ جديد لتونس، مؤكدًا أن بلاده دولة ذات سيادة منفتحة على التعاون مع دول العالم، لكنها لا تقبل عطفًا من دون احترام لإرادة الشعب.

انقسام الشارع

تلك القرارات زلزلت الشارع التونسي وأحزابه، الذين انقسموا بين مؤيد لها، قائلًا إنها تمثل أغلبية التونسيين، ورافض لها.

حزب التحالف من أجل تونس، اعتبر أن خطاب الرئيس التونسي وقراراته تعبر عن تطلعات أغلبية أبناء الشعب لتحرير البلاد ممن وصفهم بـ«الفاسدين والعملاء»، الذين تسللوا إلى مؤسسات الحكم والدولة، والذين ثبت أنه لا يهمهم الحكم إلا بقدر ما يحقق لهم من امتيازات ومصالح خاصة، على حد قوله.

وبينما أشاد الحزب في بيان، بما جاء في خطاب الرئيس التونسي، قال إن الإجراءات التي أعلنها الأخير توضح معالم الطريق لسنة مقبلة، تتوج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها، في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها، وفق ما سينتج عن الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي.

إرادة صلبة

بارك حزب البعث العربي الاشتراكي، القرارات التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، مؤكدًا أنها احتوت على تسقيف زمني، وعبرت عن «إرادة واضحة وصلبة للإصلاح».

وقال الحزب في بيان، إن الرئيس التونسي تجنب اتخاذ قرارات مثل حل البرلمان أو المجلس الأعلى للقضاء أو إلغاء الدستور، كونها كانت ستزيد توتير وتشنج المشهد السياسي، مشيرًا إلى أن خارطة الطريقة الرئاسية، أسقطت كل ذرائع دول شقيقة وصديقة، امتنعت عن مساعدة تونس، في تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها.

وبينما عبر الحزب عن تأييد قرار الرئيس، بإجراء استشارة شعبية واسعة عبر المنصات الإلكترونية، أكد أنها يجب أن تحترم المكتسبات المنجزة خلال عقود من النضال الشعبي، من حريات ومؤسسات اجتماعية ومناخ ديمقراطي.

محاربة الفساد

وطالب الحزب التونسي، القضاء بأن يتحمل مسؤوليته ويقوم بواجبه، في محاربة الفساد ومحاسبة كل مَنْ أضر بمصالح تونس الشعب والوطن، أو استقوى بالأجنبي وحاول الضغط على واقع البلاد، بكل الوسائل السياسية والاقتصادية، كما طالب الحكومة والرئيس بآليات عاجلة لإيقاف تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة الانتقالية، ووضع آلية تمويل لتشغيل أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل.

في المقابل، أعلن ممثلو أحزاب التيار الديمقراطي والجمهوي والتكتل من أجل العمل والحريات، النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية، للاحتجاج ضد قرارات الرئيس وللاحتفال بذكرى اندلاع الثورة.

وبينما دعا أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الديمقراطيين والقوى المدنية للمشاركة في هذا التحرك، اعتبر أمين عام حزب التكتل خليل الزاوية، أن قرارات قيس سعيد أصبحت «خطرًا على الدولة ولابد من مقاومته»، على حد قوله.

منعرج خطير

وقال الزاوية، إن «الرئيس التونسي اليوم ضد الكل بمن فيهم مَنْ ساندوه، سننتقل من الدفاع عن الديمقراطية إلى المقاومة، لأن تونس دخلت منعرجًا خطيرًا جدًا، سيؤدي بالبلاد إلى التهلكة خاصة أن خارطة الطريق التي اقترحها لم تأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي».

أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي عبر بدوره، عن رفض حزبه، قرارات الرئيس قيس سعيد، معلنًا اتخاذهم جميع «التحركات النضالية التصعيدية»، بما في ذلك الخروج إلى الشارع والاحتجاج، على حد قوله.

من جانبها، قالت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، إن قرارات الرئيس سعيد، منحت «الخوانجيّة»، عامًا إضافيًا للاستعداد ومواصلة جمع المال الخارجي والتغلغل أكثر وتنظيم صفوفهم.

واتهمت عبير الرئيس التونسي، بإهدار إمكانات الدولة من خلال توفير الحماية الأمنية لما وصفته بـ«وكر القرضاوي الذي أصبح مقر سيادة يتمتع بالحصانة».

يأتي ذلك، بينما تمركزت وحدات للأمن التونسي، أمام فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس العاصمة، قبل الاعتصام المفتوح الذي أعلنته رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، قبل أيام.

كانت عبير قالت إنه لن يفض الاعتصام أمام مقر اتحاد علماء المسلمين، إلا باستجابة السلطة القائمة، لمطلب إغلاق المقر وحظر نشاطه وتصنيفه تنظيمًا ارهابيًا، بما ينعكس على تصنيف حركة النهضة مثله تنظيما إرهابيًا.

تمديد القرارت الاستثنائية

كان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.

إلا أنه أصدر في 22 سبتمبر الماضي، أمرًا رئاسيًا بتمديد التدابير الاستثنائية الجاري بها العمل في تونس منذ 25 يوليو الماضي.

وأعلنت الرئاسة التونسية، أن الرئيس سعيد سيتولى رئاسة السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأنه قرر إلغاء الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين.