بعد تفجيرات مطار كابل... أفغانستان تجذب الحركات الجهادية

التسليم بأن داعش انتهى، أو أن التنظيمات القائمة على أيديولوجيات تتبنى العنف، يمكن أن تغيِّـر سلوكها، افتراض خاطئ، ويعد أكبر هدية يمكن تقديمها للتنظيمات الإرهابية، التي تتحين الفرصة لإعادة تنظيم صفوفها، في مناطق وجودها التقليدية.

بعد تفجيرات مطار كابل... أفغانستان تجذب الحركات الجهادية

السياق

تصدَّر تنظيم داعش الإرهابي المشهد الأفغاني، بإعلان مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي، الذي وقع خارج مطار حامد كرازي بالعاصمة كابل، والذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

وكان مطار كابل قد شهد في 26 أغسطس، تفجيرين إرهابيين في أول عملية إرهابية منذ سيطرة حركة طالبان على الحُكم، الأمر الذي أسفر عن مقتل العشرات، بينهم عدد من القوات الأمريكية.

وفي بيان بعنوان "سقوط نحو 160 قتيلًا وجريحًا، من القوات الأمريكية والمتعاونين، بهجوم انتحاري قرب مطار كابل" كان إعلان داعش الرسمي عبر قنواته "دارك ويب" مسؤوليته عن التفجير، حيث كشف تفاصيل العملية الإرهابية، التي قام بها مَنْ يسمى عبدالرحمن اللاهوري، الذي تمكن من اختراق القوات الأمريكية وقوات طالبان، واستطاع الوصول إلى تجمع كبير من المترجمين والمتعاونين مع الجيش الأمريكي، عند مخيم باران، قرب مطار كابل، ثم فجَّــر الحزام الناسف.

وبحسب بيانات تنظيم داعش، وصلت العمليات الإرهابية، منذ تم إعلان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، في أول مايو الماضي حتى 26 أغسطس، إلى ما يقرب من 107 عمليات إرهابية، أسفرت عن 447 قتيلًا وجريحًا، من قوات الأمن الأفغانية وحركة طالبان وقوات عسكرية أمريكية ومدنيين أفغان.

 

بؤرة جذب

يقول عاطف السعداوي، خبير الشؤون الاستراتيجية والدولية، لـ"السياق": إن أفغانستان باتت –الآن- بؤرة مغناطيسية، لجذب جميع الحركات الجهادية، التي تسعى إلى العودة وسيطرة نفوذها التقليدية، في الدول الرخوة بالمنطقة.

وأوضح السعداوي، أن داعش مازال تهديدًا كبيرًا وجديًا لأمن العالم واستقراره، معتبرًا أن التسليم بأن داعش انتهى، أو أن التنظيمات القائمة على أيديولوجيات تتبنى العنف، يمكن أن تغيِّـر سلوكها، افتراض خاطئ، ويعد أكبر هدية يمكن تقديمها للتنظيمات الإرهابية، التي تتحين الفرصة لإعادة تنظيم صفوفها، في مناطق وجودها التقليدية.

ولفت إلى أن مثل تلك الحركات، يمكن أن تنتهج سلوكًا يتماشى مع المستجدات فترة بسيطة، بما يخدم مصلحتها، لكي تكسب شرعية، لكن تعديل سلوكها مستحيل، بحسب قوله.

اللافت، بحسب مراقبين، فإن تفجير مطار كابل، لم يكن مفاجأة للجانب الأمريكي ولا حركة طالبان، إذ جاء بعد ساعات من تحذير الرئيس الأمريكي جون بايدن، من سعي داعش إلى تنفيذ عمليات إرهابية.

 

بيئة خصبة

ويرى خبير الشؤون الاستراتيجية والدولية، أننا نعود بالأحداث إلى ما قبل 2011 حيث سمحت البيئة السياسية، بتمدُّد تنظيمي داعش والقاعدة، محملًا مسؤولية ما يحدث إلى القرار الأمريكي "غير المدروس" حسب قوله، بالانسحاب من أفغانستان، الذي أظهر انتهازية سياسية من المتوقَّع بالنسبة له، أن تتبعه كوارث لن ينتهي تأثيرها عند أفغانستان، لكنها ستمتد إلي مناطق رخوة بالمنطقة مثل العراق وسوريا.

ويلقي السعداوي بالمسؤولية، على التحالف الدولي لمحاربة داعش، مؤكدًا أن استمراره يجب ألا يكون محل نقاش، فداعش لم ينتهِ، لذا يجب ألا ينتهي التحالف، الذي نشأ من أجل محاربته.

ويرى السعداوي أن عودة طالبان، للسيطرة على الوضع في أفغانستان، رغم ما ترسله إلى العالم من تطمينات، بخصوص سياستها وطبيعة حُكمها وعدم انتهاكها للعنف، خاصة نحو النساء، يعني عودة محتملة للقاعدة وتهديدها وإرهابها للعالم كله، حتى وإن حاولت طالبان التبرؤ منه، لضمان قبولها على المستوى الدولي، وخوفًا من العزلة الدولية.

لذا فليس مستبعدًا، بحسب عاطف السعداوي، الخبير في الشئون الاستراتيجية والدولية، أن يشارك تنظيم القاعدة في المشهد السياسي، فكل ما تحتاجه التنظيمات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش للازدهار، يتمثَّل في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وكل الدلائل تشير إلى أن هذه الحالة، على وشك الحدوث في أفغانستان.